مصطفى ابوالعزائم يكتب: المزاد السرّي …. !
بُعْدٌ .. و .. مسَافَة
أن تتخذ الصين الشعبية موقفاً تتضامن فيه مع روسيا بـ(المكشوف) الآن في حربها ضد أوكرانيا ، مثلما تضامنت من قبل ” بكين” مع ” موسكو ” حول القضية السورية قبل عدة سنوات ، وإستخدمت الدولتان حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع يحيل بموجبه مجلس الأمن القضية السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية ، لم يكن موقفاً غير مدروس ، وإذا أردنا التعمق أكثر في الدوافع والأسباب علينا أن نعود إلى ما قبل (الفيتو) بأيام قليلة ، حيث تم التوقيع على إتفاقية تصدير غاز بين روسيا والصين تتجاوز قيمتها الأربعمائة مليار دولار .
وتلك مقدمة ضرورية لأن الدول الكبرى والدول القوية ، ومنها روسيا تبحث عن مصالحها مثلما تفعل الصين ، ومثلما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التي تفشل أمام الرأي العام العالمي بسبب صورتها السيئة التي لم تنجح في تحسينها ، بسبب إزدواجية المعايير التي تتعامل بها في كثير من القضايا ، وبسبب موقفها المنحاز دائماً إلى إسرائيل على حساب شعوب المنطقة ، بل وعلى حساب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في المنطقة .
أضحت «واشنطن» في نظر الكثير من المراقبين أقرب لمحترف ألعاب الخفّة الذي يلعب على الحبلين ، ويلعب في بعض الأحيان بـ(البيضة والحجر) ، ففي حين تتهمها حكومات بعض الدول – ومنها الشقيقة – بدعم المعارضة المسلحة فيها ، تتهم ذات المعارضات الأنظمة الحاكمة في تلك الدول بأنها أداة طيعة في يد الإدارة الأمريكية ، الخاضعة بدورها لتأثير المعلومات والموجهات الصادرة من قبل جهاز المخابرات المركزية الأمريكية المعروف اصطلاحاً بـ(السي آي إيه).
هذا في سوق السياسة والمخابرات والمصالح يمكن أن يكون ، أي أن تدعم كلا الطرفين المتخاصمين والمتحاربين ، خدمة لأهداف تحقق لك المزيد من التمدد والوجود والإرتكاز على الأرض ، مثلما حدث في كل حروب الخليج السابقة ، بدءاً من الحرب العراقية الإيرانية ، وإنتهاء بحرب تحرير الكويت التي إنتهت بـ( إحتلال ) العراق !
نحن في السودان لم ننجُ ولن من الكيد العالمي ، وقد تعرضت بلادنا إلى مواجهات علنية وسرية ، وإلى حصار سياسي وإقتصادي وإلى محاولات تركيع عديدة ، نجح خصوم السودان الواحد المتّحد وأعداؤه ، في أن يفصلوا جزءاً عزيزاً من الوطن عن بقية أجزائه ، ولن تقف المحاولات ، بل سوف تستمر حتى يتفتت السودان وينقسم إلى أكثر من دولة وهو ما نسميه بـ(الهدف المقدس) للغرب الذي تتقدم صفوفه الولايات المتحدة الأمريكية ، ويسير في ركبها آخرون ، حتى يأخذ كلٌّ نصيبه من كعكة الموارد التي يذخر بها السودان .
ما يحدث في دول الجوار محاولة لإرباك المشهد السياسي والأمني في كل المنطقة ، لكن اللطمات أخذت تلحق بمخططي الفوضى ، إذ أدرك المصريون ما يريده الغرب وما تريده إسرائيل ، وكذلك أدرك التوانسة أهداف المخطط الذي بدأت أدواته ووسائل تنفيذه تنتقل إلى الشقيقة ليبيا ، وسوريا الآن تعاني حتى تسقط الدولة وكل مصادر قوتها ووجودها..
أما أفريقيا المسلمة فلن تكون بعيدة عن نيران الفتنة ، فيكفي ما يحدث في مالي ، وما يحدث في أفريقيا الوسطى ، ومحاولات (بوكو حرام) لزعزعة الأمن في نيجيريا، ولا نعرف أين تكون الطامة القادمة بعد أن إحترق الصومال وإنفصل جنوب السودان وتهشّمت أفريقيا الوسطى .
عالم الأقوياء (يبيع ويشتري) فينا ، يتفق وينقض إتفاقاته وأكثرنا يأمل في الضربة الأقل إيلاماً .
إبتعدنا عن الله ، وإبتعدنا عن أنفسنا ، تقسمنا وتجزأنا وتفرقنا ، وبعد ذلك ننتظر أن تنصرنا السماء ، والله لا ينصر القوم الظالمين ، لا بد أن تقوم دولة العدل فينا ، حتى ينصرنا الله .