الأزمة السودانية .. هل تفلح جهود واشنطن والرياض؟

كشفت تسريبات عن جهود “أمريكية ـ سعودية” لحل الأزمة السياسية فى السودان .
وأشارت التسريبات إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تسعيان إلى كسر الجمود في العملية السياسية السودانية ذلك من خلال رعاية المحادثات المباشرة بين أطراف الأزمة، فيما أكدت صحيفة أمريكية زيارة وشيكة للمبعوث الأمريكي الجديد للقرن الأفريقي، إلى الخرطوم في الأيام المقبلة لمتابعة التطورات الجديدة، وسير المحادثات قبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط منتصف الشهر، والتي تشمل كلً من فلسطين والسعودية وإسرائيل، وكانت صحيفة المونتير الأمريكية لفتت إلى أن ملف السودان سيكون أحد أهم الملفات التي تناقشها زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية منتصف الشهر القادم، ضمن عدد من الملفات الدولية والإقليمية.

عبدالناصر: الملف السوداني يقع تحت الأقطاب المؤثرة على السياسة العالمية
من جهته قال عبدالناصر علي الفكي أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعات السودانية في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الموقع الجيواستراتيجي للسودان والمقومات الاقتصادية في الموارد البشرية والطبيعية جعل منه محور اهتمام في ظل صراع الموارد بين أقطاب السياسة العالمية أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وتابع: أيضاً صراع الموانئ وأمن البحر الأحمر والدول المشاطئة له لذلك ينال الوضع في السودان الأهمية، كما أن هناك تأرجح في الاستقرار الإقليمي في ليبيا واليمن وإثيوبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، وعملية الهجرات غير الشرعية تجاه العالم الأوروبي. ولفت الى أن الملف السوداني يقع تحت أهمية الأقطاب المؤثرة على السياسة العالمية، وتأتي أهمية زيارات المستشارين الأمريكان في ذات الإطار كذلك المملكة العربية السعودية ونوه الى أن هذا التعاون من أجل محاصرة أدوار الدب الروسي حتى لا تكون له أيادٍ في الشأن السوداني مضيفاً: مناقشة الملف السودان خلال زيارة بايدن الى السعودية يعتبر خروجاً تدريجياً لملف الأزمة السودانية من الداخل الى الخارج الدولي في إطار بعض الأحزاب وكذلك النظام الانقلابي ويبقى أن الثورة السودانية في الشارع الثوري تمثل رمانة الميزان لأي حل مستقبلي وأضاف: لا يمكن تجاوز العامل الدولي والخارجي بأي حال من الأحوال، ويجب أن يساعد على استدامة الديمقراطية ودعمها من خلال الشرعية الدولية لاستعادة الحكم المدني جازماً بأن انقلاب أكتوبر العسكري أضر بالعملية التراكمية للتطور الديمقراطي.
محجوب عثمان: ربما ينجح الوسيط الأمريكي في تكوين حكومة كفاءات
قال المحلل السياسي محجوب عثمان لـ(اليوم التالي) إن الحوار بين القوى السياسية السودانية يجري الآن على عدة محاور منها ما هو علني مثل حوار الآلية الثلاثية، ومنها ما يتم في الغرف المغلقة مثل الحوار بين المكون العسكري وبين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وتابع: إلى جانب ذلك يوجد حوار بين حلفاء كل مجموعة فمثلاً يوجد حوار بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين لجان المقاومة وبالمقابل يوجد حوار آخر بين قوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني وبين المكون العسكري إضافة لحوارات تجري بين وسطاء الآلية الثلاثية وبين كل طرف من القوى السياسية كل على حده، وزاد عثمان: الدور الأمريكي مهم جداً لتنشيط الوساطة بحكم الثقل الكبير لأمريكا في أوساط قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وكذلك في أوساط لجان المقاومة ومن المعلوم أن مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية هي التي نجحت في الجمع بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بالرغم من كل اللاءات المعلنة، وأضاف: “إذن ربما ينجح المبعوث الأمريكي في إرغام الفرقاء السياسيين للتوقيع على اتفاقية لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية وبذلك تنتهي الأزمة السياسية في البلاد”.
ويقول عثمان إن أمريكا حذرت بشكل رسمي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي من أنها قد تتجاهلهم وقد تعترف بأي حكومة مدنية يتم التوافق عليها حتى في غيابهم ولهذا وافقوا على الانخراط في التفاوض مع المكون العسكري ونوه وفقاً لبعض التسريبات الى أن الطرفين غالباً قد يكملان الاتفاق بينهما بعد مظاهرات الثلاثين من يونيو.
أحمد عابدين: حالة الجمود لن تتحرك إلا بتغليب الحس الوطني
في ذات الإطار يرى الباحث في العلوم السياسية أحمد عابدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن محاولة دفع عملية الحوار وكسر الجمود تصطدم بتعنت طرف ضد أطراف على حساب استقرار الفترة الانتقالية لذا سترمي الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها عبر حلفائها السعودية وبشكل مباشر لإيجاد منطقة ووسطى يمكن أن تسهم في وزن المعادلة السودانية وأضاف: هذه الجهود تلبي حوجة أمريكا بغض النظر عن حوجة السودانيين وبالتالي لن تنجح ولو نجحت فإنها ستشكل حلاً جزئياً، وهذا لن يحل الأزمة، فالمؤسسة العسكرية وخلفها الاتحاد الأفريقي يسعون لوفاق كلي عكس الترويكا بقيادة فوكلر والذين يصرون على تحقيق رؤية فصيل واحد على حساب بقية الفصائل.
ومضى بالقول: “أعتقد أن السعودية ستعمل على إقناع الأمريكان برؤيتها فالعسكر ليس من المصلحة الموافقة على حذفهم من المشهد وهم الضامن الأساسي لبقاء السودان آمناً وموحداً، وهذا يعني أن رؤية العسكر ستكون حاضرة في أي مباحثات سعودية أمريكية”، وأشار عابدين إلى أن زيارة المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي وللسودان ولقاء البرهان وقوى الحرية والتغيير المركزي فلن يخرج من النهج الأمريكي (العصا والجزرة) بمحاولة ممارسة ضغوط على الطرفين لتقديم تنازلات خاصة الشق المدني.
وأضاف أن حالة الجمود لن تتحرك إلا بتنازل السودانيين لبعضهم البعض وتغليب الحس الوطني مضيفاً: ما نراه الآن من ضغط عبر المظاهرات فهي رؤية قاصرة ستعقد المشهد أكثر فأكثر فلا الشارع موحد ولا الأهداف موحدة ولا رؤية موحدة وبالتالي سيكون هتافاً متفرغاً لن تكون لديه ثمرة شهية.
أبوبكر آدم: أمريكا والسعودية لا تملكان حلولاً
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أبو بكر آدم عبدالكريم في حديثة لـ(اليوم التالي) إن المبعوث الأمريكي المبتعث للسودان لا يحمل جديداً من حلول إذا افترضنا وجود اليونتامس المبتعثة من أعلى منظمات دولية للسودان لتقديم حلول للشعب السوداني تتمثل في التحول الديمقراطي بعد الفترة الانتقالية حتى الآن بعثة اليونتامس والاتحاد الأفريقي فشلا في إيجاد حل سياسي متفق عليه حل للمشكل السوداني، وبحسب آدم فإن هذا يطرح سؤالاً: لماذا فشلت الآلية الثلاثية في إيجاد حل للأزمة السودانية؟. وقال: “الإجابة عن هذا السؤال لوجود أجندة متقاطعة ما بين الحل الأفريقي وما بين الحل الأممي هذا الأمر دفع الاتحاد الأفريقي لسحب موفده من الآلية الثلاثية، وزاد: “إذا في هذه الظروف انسحاب الاتحاد الأفريقي وآخرون لشعورهم بالتماهي مع جهة والإقصاء لقوى سياسية”، وأضاف: بالتالي ابتعاث أي شخص للسودان أمريكي أو أروبي لن يأتي بجديد، إذاً الحل يكمن في الحل السوداني ـ السوداني وليس في حوار أمريكي ـ سعودي يناقش في الشأن سوداني، تابع: الشعب السوداني يرحب بأي جهة أو دولة يمكن أن تسهم في حل المشكلة السودانية، لكن هذا من غير تمرير أجندة مضيفاً: أعتقد أن الحل السوداني ـ السوداني هو الأقرب لاحتواء الأزمة السياسية القائمة الآن وأضاف: السعودية وأمريكا ليس لديهما حلاً للأزمة السودانية والدليل على ذلك استمرار الأزمة لأكثر من ثلاث سنوات متتالية ولا وجود لأي حل لذلك، وأضاف: على الفرقاء السودانيين الإسراع لإيجاد حل سوداني ـ سوداني مؤكداً على أن الملفات التي يحملها المبعوث الأمريكي غير مقبولة مشيراً الى أن مناقشة قضايا السودان خارج حدوده تنقص من سيادته الوطنية زاد: أزمة السودان يجب أن تحل داخل السودان وليس دولة أخرى.. السودان دولة ذات سيادة وطنية، وأي اتجاه لإيجاد حل سوداني خارج أسوار الدولة السودانية قد لا ينجح على الإطلاق .

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...