هيثم محمود يكتب: البرهان يضع الكرة في ملعب الساسة
بخطابه الأخير وضع رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان الكرة في ملعب الأحزاب السياسية باعلان انسحاب الجيش عن الساحة السياسية عن المفاوضات التي تشرف عليها الآلية السياسية.
بقراءة متانية لخطاب البرهان نجد أن الرجل حقق للأحزاب وللشارع شعار (لا شراكة ..لا تفاوض) واتاح الملعب للأحزاب السياسية لتتفاوض فيما بينها لاختيار رئيس وزراء وتشكيل حكومة كفاءات وطنية ولعمري أن هذه فرصة تاريخية أمام الأحزاب لتؤكد أنها على قدر المسؤولية وتتوافق حول حكم البلاد وتضع حداً للانقلابات العسكرية وإلا ستفقد ثقة المواطن وستذهب لمذبلة التاريخ بفعل الأنانية والتشرذم وعدم قبول الآخر.
بعيدا عن نوايا البرهان ودهائه فعلى الأحزاب السياسية من يمين اليمين إلى أقصى اليسار أن تنخرط في مفاوضات جادة للخروج بالبلاد من هذا المأزق التاريخي الذي وضعها فيه البرهان وقحت والاسراع في تشكيل حكومة ذات مهام محددة هي حفظ الأمن والسلم ومعاش الناس والإعداد للانتخابات العامة خلال اقل من عامين.
أعلن البرهان أنه سيقوم بتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة مهمته حفظ الأمن وهذا أمر حتمي في ظل الفترات الإنتقالية ولكن حديثه حول إضافة الدعم السريع للمجلس والصمت عن جهاز الأمن والشرطة يعتبر خطأ فادح وأمر غير مقبول فالدعم السريع يجب أن يدمج داخل القوات المسلحة ويصبح حميدتي عسكري نفر يأتمر بأمر الجيش.
الخطاب أغفل الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا وهذه معضلة كبيرة فهي لم تصبح قوات نظامية ولم تسجل كأحزاب سياسية وهنا يكمن الخلل فلن تقبل الأحزاب أن يحتفظ المتمرد جبريل بمقعد وزير المالية ليواصل فشلة وانهاكه للمواطن، وهنا على الحركات أن تحكم صوت العقل وتقبل ماتتوافق عليه الأحزاب بعيداً عن المحاصصة السياسية والوصول للسلطة على فوهة البندقية.
رفض أحزاب الشيوعي وواجهته تجمع المهنيين وحزب البعث وبعض الأحزاب المنبتة لقرارات البرهان يؤكد ضغفها وهوانها وقناعتها بأن الإنتقال الديموقراطي لن يجعلها في السلطة، لذا فطبيعي جدا أن ترفض هذه الأحزاب التي اتسم قادتها بالعمالة والإرتزاق والخسة والإرتهان للأجنبي وتنفيذ أجندة لا علاقة للشعب السوداني بها.
القرارات أكدت للشباب والثوار الذين اغلقوا الطرقات ودمروا الطرق وشلوا حركة المواطن بالتظاهرات والاعتصامات التي شوهت وجه الوطن وقدمت السودان للعالم كدولة ماجنة وفاجرة تنام فتياتها في الطرقات ويمتطين المواتر خلف الشباب ..القرارات اعطت الشباب الثوار وزنهم الحقيقي بانهم كانوا مطية لبعض الأحزاب إذ لاقيمة للفلوتر في المعادلة السياسية فالحوار للأحزاب ولا يمكن يشارك شباب بلا انتماء سياسي وتحت لافتات مختلفة في الحوار.
قرارات البرهان جعلت الأحزاب في تحدي كبير فهل ستغتنم الفرصة لإنجاز الخطوة الأولى واختبار صدق الرجل أم ستتمترس خلف مراراتها وخلافاتها. القديمة.