راشد تاج السر عمر يكتب: ٢٩ يونيو .. يوم في الذاكرة و ذكرى للظلم ( الذكرى الثانية للبلاغ ٥٩٨٤ )

 

 

اليوم تمر الذكرى الثانية على القضية المعروفة إعلاميا بالبلاغ ٥٩٨٤ و الذي تم بموجبه اعتقالي في ٢٩ يونيو ٢٠٢٠ رفقة ثلة من الأخوة الكرام على رأسهم الأخ العزيز البروفيسور إبراهيم غندور والأخ أنس عمر وحامد عبدالرحمن وجمعة عريس ومحمد علي الجزولي وحسن عثمان ومعمر موسى وميخائيل بطرس ثم أضيف إلى قائمة المتهمين الكرام محمد أحمد حاج ماجد وعادل السماني وكمال الدين إبراهيم والذين سبقونا إلى زنازين الظلم بعام وبضعة أشهر وعندما لم يجدوا ما يدينهم زجوا بهم في هذا البلاغ ظلما وعداونا..

هؤلاء الاثنى عشر تم توجيه تهم لهم تتعلق بتكوين خلية إرهابية والتخطيط لتقويض النظام الدستوري واغتيال حمدوك و وجدي صالح وصلاح مناع وتفجير مقر لجنة التمكين ومحطة بري الحرارية وتهم اخرى .. هذه التهم الخائبة التي لم تجد ساقين لتقف عليها أمام عدالة القضاء السوداني ونزاهته التي استعصت على التسييس القحطاوي الحقير .. فأنهارت في ثمانية جلسات ولم تقوى على الصمود .. ثمانية جلسات شبعنا فيها غبطة وضحكا وتهكما وحزنا ..

اغتبطنا لقضاء شامخ رصين ما زال كما العهد به رغم جهود التشويه والتجيير ولكن ظل شامخا في منصته يرصد الأقوال ويفحص الادلة ويفضح الكذب والتدليس ورمي الناس بالباطل ويحكم بما انزل الله ..

و ضحكنا حتى أغرورقت أعيننا بالدموع من مهاترات الشاهدين فيما بينهما وكل منهم يرمي فضيحته وعاره على الآخر ويتبرأ من صلته بهذا البلاغ الخطير ..

و تهكمنا على جهات جعلت من نفسها خصما وحكما و اعتمدت على قانون جائر يخول لها أن تزج بالابرياء في غياهب المعتقلات والزنازين لسنوات بسبب خصومة سياسية وغبن دفين كلجنة التمكين ..

و حزنا على حال فئة محدودة من أبناء شعبنا الذين جرى تغييبهم واللعب بعقولهم فصدق بعضهم هذه الفرية التافهة وجزموا بصدقيتها وللأسف منهم بعض أهلنا ومعارفنا ، ما دام انها صدرت من فم أحد ادعياء هذه الفترة القاحلة القاحطة الا وهو صلاح مناع الذي خرج على الناس في تسجيل شهير يؤكد فيه قبضهم كلجنة تمكين على خلية إرهابية في إنجاز فريد يضاف إلى انجازاتهم المأساوية التي اوردت البلاد موارد الهلاك والضياع ونشرت الغبن والحقد في نفوس الناس ثم ولى بعدها هاربا تاركا رفاقه ملاحقين ومسجونين.

هذا البلاغ وكما قال لي أحد المحامين المحترمين يجب أن يدرس في كليات القانون كنموذج على التجني الذي تمارسه السلطة عندما تكون بيد من لا يخاف الله ولا يراعي في الناس إلاً ولا ذمة .. كان يجب أن تنقل جلساته على القنوات والاذاعات حتى تفضح هذه الشرزمة البائسة التي وقفت خلفه وتولت أمره و يكون درسا للعظة والاعتبار..

و بما أن كثير من المنح تأتي في ثوب محن فقد كان هذا البلاغ منحة لي في كثير من النواحي .. فقد جمعني بأعزاء ربما لم تكن تسنح لي فرصة في لقاءهم في هذه الدنيا لولا هذا البلاغ .. و أبان لي مكانة ومعادن كثير من الناس كانوا حولنا ليل نهار و ما أن أتت هذه المحنة حتى انفض سامرهم وتولوا مكانا قصيا ..

و بالمقابل قربتنا لخلص اخيار وجدنا منهم السند والدعم و الظن الحسن .. كتبوا عنا شعرا و مقال وعلى صفحات التواصل .. زارونا في المعتقلات ورافقونا في المستشفيات .. رعوا أهلنا وترفقوا بأسرنا .. و دعوا لنا بظهر الغيب في غسق الصبح أو ليل بهيم .. ولم تسعفني الظروف على شكرهم فلهم مني كل المودة وصادق الاحترام ..

عامان كاملان قضيناها بين المعتقلات والمحاكم .. عشنا في زنازين تحت الأرض وفوق الأرض .. دخلنا كوبر مصنع الرجال و مدرسة القادة .. رأينا الشرقيات التي طالما سمعنا عنها .. تسامرنا وضحكنا .. تدارسنا وتفاكرنا .. قرأنا وحفظنا .. وتعرفنا على عوالم أخرى في هذه الدنيا .. وخرجنا اعزاء مرفوعي الرأس وعالين الهامة .. لم يخصم منا السجن شيئا بل زادنا قناعة بقضيتنا وتمسكا بمنهجنا و إرادة على أن تكون هذه البلاد شامة بين الأمم وهذا الشعب سيدا فوق السادة.

٢٩ يونيو ٢٠٢٢

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...