الآلية الثلاثية.. ثم ماذا بعد توقف الحوار؟

عقب توقف الآلية الثلاثية عن مبادرة الحوار الوطني بعد إعلان خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي يتساءل الجميع ماذا بعد توقف الحوار؟، حيث توقع متحدثون لـ(اليوم التالي)، إجراء حوار وطني سوداني ـ سوداني وصولاً لتشكيل حكومة كفاءات لإدارة ما تبقى من فترة انتقالية سيما وأن المعهد الأمريكي للسلام ذكر أن خروج الجيش فرصة لتحفيز الحوار السياسي المستمر، والتنظيم والتعبئة والاتفاق.

توافق سياسي
يقول المحلل السياسي الفاتح عثمان لـ(اليوم التالي) إنه عقب توقف حوار الآلية الثلاثية البديل حوار وطني بين القوى السياسية السودانية لجهة أن أصواتاً عديدة بدأت تنادي بضرورة التوافق السياسي بين الأحزاب السياسية لتكوين حكومة مدنية تنفيذية تستلم السلطة التنفيذية من الجيش طالما أنه قرر الانسحاب من الحوار ووعد بتسليمها كاملة لأي حكومة توافق سياسي أو حكومة منتخبة، وأشار إلى بيان قمة جدة الذي نوه الى ضرورة توافق القوى السياسية على حكومة انتقالية مدنية مع التأكيد على أن دعم السودان اقتصادياً مهم لضمان تماسك الدولة السودانية وقال إنها إشارة الى أن القوى الدولية ستدعم أي حكومة سودانية حتى لو كانت عسكرية ولن تنتظر القوى السياسية الى ما لا نهاية طالما أنها ترفض التوافق السياسي، واعتبر المحلل السياسي أن انسحاب الجيش عن الحوار ترك فراغاً كبيراً وأن الآلية الثلاثية وجدت المجلس المركزي لا يريد حواراً مع بقية القوى السياسية، بل يرغب في أن يستلم السلطة التنفيذية كاملة من الجيش وأن الحزب الشيوعي ومعه بعض لجان المقاومة يرفضون بشكل قاطع الحوار مع القوى السياسية ويرغبون ليس فقط في انسحاب الجيش عن السلطة، بل يريدون إعطاءهم صلاحية إعادة هيكلة الجيش والخدمة المدنية بما يساعدهم مع حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور على بناء السودان الجديد في الوقت الذي ترغب فيه بقية القوى السياسية في حوار يفضي لحكومة توافق سياسي سوداني تشرف على الانتخابات.

آلية وطنية
وطبقاً للقيادي بقوى الحرية والتغيير التوافق الوطني وعضو المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية محي الدين إبراهيم جمعة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الآلية الثلاثية في انتظار مكونات القوى المدنية المختلفة ابتدار حوار شامل عدا المؤتمر الوطني وأن المجلس المركزي ظل يرفض المبدأ الأمر الذي أدى إلى تأخير مواعيد انعقاد الحوار بعد خطاب البرهان، سيما وأن توقف الآلية الثلاثية المعنية بتسهيل عملية الحوار بين الفرقاء، بسبب خطاب رئيس مجلس السيادة الذي ألقاه في ٤ يوليو الجاري والذي أعلن فيه مغادرة المكون العسكري للعملية السياسية والحوار، وأكد أن قوى التوافق الوطني ظلت تنشد الحوار مع تسهيل الآلية الثلاثية بأن يكون حواراً يضمن مشاركة الجميع عدا المؤتمر الوطني، ويفضي إلى تشكيل حكومة ذات كفاءات من المدنيين واستكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية وتشكيل الأجهزة الفنية لقيام انتخابات حرة ونزيهة عقب نهاية الفترة الانتقالية، وبحسب جمعة أن المجلس المركزي يريد إدخال البلاد في نفق مظلم مع تسارع وتيرة النزاعات في الأطراف لجهة أنه سيقود البلاد إلى الانهيار وزوال الدولة بالإضافة إلى الصعيد المشاهد في الاستقطاب الحاد بين مكونات الشعب على أساس الانتماء هذا سينعكس سلباً على الوحدة الوطنية وتحقيق السلام الشامل، وتوقع اختيار آلية وطنية وتكليفها بتشكيل حكومة ذات مهام محددة لقيام انتخابات مبكرة في حال استمرار المجلس المركزي في التعنت لقبول مبدأ الحوار، واعتبر الانتخابات الآلية الديمقراطية الوحيدة التي تجعل الشعب السوداني يختار من يراه مناسباً لقيادة المرحلة.

عودة الحوار
ولم يذهب المحلل السياسي والقانوني الطيب العباسي بعيداً إذ يرى أن عملية الحوار ستعودبعد توقفها نتيجة لإعلان الجيش الخروج من الحوار وقال الطيب في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الحوار القادم سيكون بين القوى المدنية ـ المدنية بمساعدة الأطراف الدوليين حتى تشكيل حكومة كفاءات لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، وذكر أن الاتفاق حول الحوار لا يضر أي جهة ولم يتبقَّ غير توحيد الكلمة حول المعايير التي تم الاتفاق حولها بأن القوى المدنية لن ترغب في إدارة العمل السياسي فقط دورها اختيار كفاءات مستقلة، ودعا العباسي القوى المدنية إلى تفوت الفرصة أمام الطامعين لتحقيق أهداف شمولية عبر استغلال الفجوة بين العسكريين والمدنيين وزاد: هذا أصبح مرفوضاً وأن للشارع كلمته.

موت الآلية
وفي السياق ذاته يرى القيادي بالحرية والتغيير الخبير القانوني المعز حضرة في تصريح خص به (اليوم التالي) أن حوار الآلية الثلاثية مات وهي من قرر ذلك لجهة أن وجود الآلية في المشهد السياسي نوع من الاختلاق، وأرجع حضرة ذلك لقيام الأمم المتحدة بالعملية وأن الاتحاد الأفريقي والإيقاد ليس لهما دور في التمهيد للحوار، وذكر أن أسباب الأزمة السياسية واضحة فضلاً عن أن قرار توقف الآلية واضح سيما وأن العسكريين الفاعل الحقيقي والأساسي، وبحسب القيادي بالتغيير أن السلطة لم تزل بأيدي العسكريين، وأشار إلى ضرورة عودتهم إلى الثكنات وسلطاتهم الحقيقية حفظ الأمن والسلام وترك السياسة للسياسيين.

تحفيز الحوار
ووفقاً لتقرير نشره المعهد الأمريكي للسلام أن الإعلان المفاجئ الذي أصدره زعيم حكومة الانقلاب في السودان رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أن الجيش على استعداد لتسليم السلطة للمدنيين يقدم فرصة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح، واعتبر التقرير الذي كتبته سوزان ستيغانت أن خطاب البرهان فرصة ضيقة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح، ونوهت إلى أن هناك حوجة إلى مشاركة دولية منسقة ومستدامة وعالية المستوى تساعد قائد الانقلاب في تسليم السلطة إلى المدنيين، وأشار التقرير إلى أنه في حين أن الكثيرين يشككون في صدقية الجيش في إعادة السلطة إلى المدنيين – في الواقع، رفضت القوى السياسية الرائدة بيان البرهان، ودعت إلى تصعيد الاحتجاجات – ونوهت إلى أن إعلان البرهان يقدم فرصة لتحفيز الحوار السياسي المستمر، والتنظيم والتعبئة وقال التقرير: “يجب على السودانيين الاتفاق على الطريق إلى الأمام لثورتهم التي حققوها بشق الأنفس، بما في ذلك الدور المستقبلي للجيش”، وأضاف: “في الوقت نفسه، يجب على الشركاء الدوليين – بما في ذلك الولايات المتحدة كشريك ثنائي والأمم المتحدة – الاستفادة من لحظة استعادة الانتقال السياسي للسودان”.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...