تعقيدات المشهد.. (التحالفات) وسيلة لوحدة قوى الثورة أم سلاح للتشظي؟
على خلاف ترقب الشارع بشأن إنهاء الأزمة السياسية، التي تفجّرت مع الانقلاب الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر، اتجهت بعض القوى المدنية في البلاد إلى إقامة تكتلات وتحالفات جديدة، ما يزيد من حدة الخلافات والاستقطابات داخل المكون المدني، ليبرز تساؤل يُطرح بشده في الأوساط بعد الإعلان عن (تحالف التغيير الجذري) بقيادة الشيوعي، والعمل على إعلان تحالفات أخرى من بينها (المجلس الثوري) و(الجبهة العريضة للمجلس المركزي)، هذا بجانب (التيار الإسلامي العريض).
وقد أجمعت كل هذه الأسماء _ ما عدا التيار الإسلامي العريض _ على وقوف الحراك الثوري ولجان المقاومة مع طرحها السياسي.
لكنها تظل (لافتات سياسية) داخلها تفاصيل عديدة، علا صوتها بعد خطاب رئيس المجلس السيادي الذي المح فيه إلى خروجه من الحوار حول الفترة الانتقالية، لكن رغم تشابه البرامج والأفكار لتلكم التحالفات في العمل على تحقيق أشواق الشارع السوداني، غير أنه يقف ولجان المقاومة السودانية بمنأى تام عنها مع شعور متزايد بشكوك وأشواك تحيط بهذه التحالفات!
الخرطوم: إبرهيم عبد الرازق
تحالفات متصارعة!
(التغيير الجذري) و(المجلس الثوري) بجانب (الجبهة العريضة للمجلس للمركزي) و(التيار الإسلامي العريض)، تحالفات في الشارع، بدأت الصراعات بينها قبل الإعلان عنها رسمياً، فبينما أكد تحالف (التغيير الجذري) بقيادة الشيوعي، عمله على مهام إعادة فحص طبيعة السلطة وبنية الدولة ودور الجماهير والموقف الحازم من السياسات والبِنى التحتية والممارسات السياسية التي تتسبب في إجهاض التجارب الديمقراطية، وإجابة أسئلة الوحدة الوطنية والاستقلال السياسي والاقتصادي “وشدد على الاعتماد على الموارد والإصلاح الزراعي بغية النأي عن المؤسسات المالية الدولية وعليه، سارع مركزي التغيير بوصفه بالغموض، وقال المتحدث باسم المجلس المركزي الواثق البرير لـ(اليوم التالي) إن تحالف التغيير الجذري كأنه يريد صياغتنا من جديد كقوى سياسية، وأضاف: هذه هي نفس فكرة الإسلامويين التي جاءوا بها في انقلاب 89، ووصف البرير التحالف بالغامض في وقت استنكر وجود حركات مسلحة فيه واعتبره أمراً خطيراً، وأكد على أن الجبهة العريضة للمركزي تتمتع بتأييد كبير من الشارع السوداني.
من جهته قال العضو المؤسس لآلية المجلس الثوري عمر أرباب لـ(اليوم التالي) إن المبادرات المطروحة في الشارع السياسي فهي عبارة عن أطروحات نظرية ومجموعة من الأفكار، مع تقديرنا لها فهي تظل حبر على ورق لم تشهد خطوة عملية توحد قوى الثورة، وأضاف أرباب أن الآلية الآن (آلية قوى الثورة) متميزة بأنها شرعت فوراً في تكوين مجلس قيادي يقود الثورة سمي بـ(المجلس الثوري)، هذه ميزة، الميزة الأخرى أن هذه الآلية غير محسوبة على أي تيار سياسي، معظم الأفكار الأخرى هي نابعة من أجسام سياسية بالتالي الذي يتبادر إلى الذهن أنها تريد توحيد قوى تلثورة خلف رايتها .
بينما أكد القيادي الإخواني حسن رزق في المؤتمر الصحفي لتدشين الواجهة الجديدة للجماعة: ‘نها تقوم على (الوحدة بين الجماعات الإسلامية تنطلق من مرتكز التأكيد على فهم الإسلام بشموله على أساس الكتاب وصحيح السنة، وما هو مجمع ومتفق عليه)، ومن جانبه قال القيادي محمد علب الجزولي، إن هدف التيار العريض هو (تنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة في شؤون المعاش والمعاد في شمول وتكامل وفق فهم عميق لمقاصد الدين).
الهشاشة والمرحلية!
أستاذ العلوم السياسية راشد محمد علي الشيخ اعتبر ظهور التحالفين نتيجة طبيعية لحالة التشرذم التي ضربت القوى السياسية بعد التغيير، ومضى لـ(اليوم التالي): ويعود هذا للدرجة العالية في التمسك بالعقيدة السياسية للحزب، بصور أعلى من المصالح الوطنية، لذلك التعامل مع الأمور يكون متعلقاً بإطار البناء الحزبي المنغلق، هذا في حد ذاته يصنع حالة من عدم التوافق مع المكونات السياسية الأخرى، لذلك تظل العقيدة السياسية هي القاسم المشترك وليس هنالك ما يجمع بين العقائد السياسية المشتتة بين الأحزاب.
وأضاف راشد: هذه التحالفات صياغتها (هشة جداً) ومرحلية، الغرض منها الوصول للسلطة أثناء المرحلة الانتفالية، وليست تحالفات الغرض منها التأسيس لتداول السلطة بعد المرحلة الانتقالية، لتكون أجساماً لاحقاً بحيث يرتب كل حزب أوراقه ليعقد مؤتمره العام ويحدد برنامجه الانتخابي، ثم تأتي مرحلة التحالفات لاحقاً لتكون من أجل التحول الديموقراطي وليس من أجل الصراع على المرحلة الانتقالية كما هو حادث الآن، للأسف كل هذه التحالفات لا علاقة لها مباشرة بالشارع بكل أسف، وربما يكون الشارع السوداني آخر اهتماماتهم، وهم لا يعبرون عن المواطن الموجود في الشارع للمطالبة بالحكومة المدنية، الجهة الوحيدة التي كانت تعبر عن الشارع هي لجان المقاومة كقوة حيوية تقود الحراك قبل أن تتحول إلى منظومة سياسية بعد إعلانها الميثاق الخاص بها فأصبحت لديها رؤية أيدولوجية، لكن ليس لها إطار فلسفي تبني عليه منظومتها.
العقيدة السياسية!
من جهته قال الباحث في العلوم السياسية عبد القادر محمد صالح إن الاصطفافات الجديدة في المشهد جاءت نتيجة الأحداث والمتغيرات الجارية في الشارع السياسي السوداني، وأضاف في حديثة لـ(اليوم التالي): يمكن النظر إليها من عدة مستويات تحليلية، فعلى المستوى الاجتماعي وما يتضمنه من تغيير وقضايا ثورية نجد أن هنالك قوى ثورية حية جذرية تسعى لإيجاد واقع سياسي جديد يفارق الواقع القديم الذي تعتبره معوقاً لتنمية السودان، وبالتالي فينبغي أن يتم تجاوزه بأسرع ما يمكن وبالأدوات الثورية المجربة، والمكون الأساسي فيه لجان المقاومة، هناك قوى أخرى لا يمكن تجاوزها وهي قوى الهامش ممثلة في حركات الكفاح، وهناك القوى المدنية (نقابات وعمال).
وحول التحالف الجديد (التغيير الجذري) قال محمد صالح: هو تعبير عن قضايا الجماهير والثورة، وأستطيع القول إنه التحالف الأقوى من بين الأجسام التي بدأت تتشكل، هناك أيضاً تحالف قوى (الحرية والتغيير) وهو للأسف يجد سنده من المستوى الإقليمي والدولي ويجد القبول ولو باستحياء من المكون العسكري بشقيه (القوات المسلحة _ الدعم السريع)، ويجد الدعم من مكونات داخلية، هنالك تحالف أيضاً للقوى المدنية التي تجتهد لإسقاط الانقلاب، وهو يقوم على تنفيذ السياسات المالية للمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين.
وتابع: التغيير الجذري كتحالف يتصادم مع هذا الاتجاه بالتأكيد لأنه يرفض أي تحالف مع المكون العسكري ولو (تكتيكياً) لوجود تجربة سابقة، وصلت للحكم، لكن لم تنجز مشروع الثورة الحقيقي (سياسي اقتصادي اجتماعي).
ويقول صالح على مستوى التحليل الآخر: هنالك دول لا ترى مخرجاً للسودان إلا من خلال القوى المدنية المتسامحة مع هذه الدول، وهي قوى المكون العسكري باعتبارها تتناول قضايا البلد بشكل أكثر نعومة مقارنة بالتغيير الجذري الذي يتسم كتحالف بالاستقلالية الكاملة في قراراته، ويتسم أيضاً بأن له مشروع اقتصادي اجتماعي فكري
وزاد صالح: هناك قوى اجتماعية أخرى تستند وترتكز على الإسلام السياسي أو الحركة الإسلامية، التي خرج من رحمها تحالف سمي بالتيار الإسلامي العريض، هو موجود، لا يجب الاستهانة به، لكنه في ظل الأوضاع الحالية لا يستطيع أن يبرز بشكل واضح في الشارع السياسي.
اللجان تتحدث!
فيما عدا التيار الإسلامي العريض، أعلنت جميع التحالفات كسبها تأييد لجان المقاومة لبرامجها، لكن عضو لجان مقاومة بحري مصطفى عبد الله أكد عدم اهتمام اللجان بالتحالفات وأضاف في حديثه لـ(اليوم التالي): نحن لا نركز مع الجهات التي تتحدث عن دعم لجان المقاومة لبرامجها وكياناتها (أردول) صرح في جبل أولياء عن لجان تقف بجانبهم، البرهان صرح بمثل ذلك، واجتماع الآلية الثلاثية بين الانقلابيين ذكر أيضاً وجود لجان مقاومة، فهنا أي شخص يمكن أن يتحدث وينشئ جسماً ويطلق عليه لجان المقاومة، كما حدث في من سموا أنفسهم الحرية والتغيير الوفاق الوطني، فهذه مجموعات بديلة يصنعها الانقلابييون لإضعاف القوى الفاعلة، وننوه الى أن ما يصدر عن لجان المقاومة يكون عبر صفحاتها الرسمية المعروفة في وسائل التواصل وأننا في لجان أحياء بحري ما يصدر عنها تجدونه في صفحاتها، وكذلك باقي التنسيقيات.