أرهقت أولياء الأمور .. أقساط المدارس الخاصة تساهم في تسرب الطلاب
ثمة تحدٍ ربما قد يعيق استمرارية كثير من الأسر على القدرة والصمود نحو مواجهة قوائم الرسوم الدراسية في صروح التعليم الخاص الذي توجهت إليه الأسر السودانية بعد تدني مستوى التعليم الحكومي في البلاد، وكأنما أفل زمان كان فيه التعليم الحكومي والخاص ضرورة في نظر أولياء الأمور وكذلك الدولة، وأتى زمان عكس ما كان في الماضي، نتيجة للأوضاع الاقتصادية الحرجة التي انعكست على حياة الناس، جراء ما يعيشون من قسوة ما لا يتحملون من أعباء بصورة متتالية، ومنذ التحاق التلاميذ بمدارس التعليم الخاص في العاصمة والولايات لم تكن هناك موانع بسبب الرسوم الدراسية التي تفرضها المدارس الخاصة، لكن هذه المرة ولهذا العام الدراسي الجديد الذي أعلنت قرب موعده وزارة التربية والتعليم، نجد أن بعض المدارس الخاصة بادرت بإعلان قوائم للرسوم الدراسية، ربما وجدت عدم قبول من قبل أولياء الأمور في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.
حديث اقتصادي
وبحسب ما جاء به بعض خبراء الاقتصاد، أنه كان ينبغي على إدارة التعليم الخاص الالتزام بقوانين إجراءات فرض الرسوم الدراسية دون العشوائية والتخبط الشيء الذي يهزم استطاعة أولياء الأمور في ظل صعوبة الوضع المعيشي، ويدلف البعض إلى أن مضاعفة الرسوم الدراسية في التعليم الخاص أصبحت عملية روتينية مع بداية التقويم الدراسي من كل عام، وهذا ما لم يكن يحدث بهذه الاستمرارية في السابق.
رسوم جديدة
ومع اقتراب العام الدراسي الجديدة أعلنت بعض المدارس الخاصة قوائم الأسعار للرسوم الدراسية، ووفقاً لتلك الرسوم توقع تربويون أن يستمر هجر أولياء الأمور للمدارس الخاصة، ونسب البعض ذلك إلى صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه أغلب الأسر السودانية هذا بجانب عوامل أخرى تتعلق بمشاكل الترحيل وخلافه، وكانت تداولات عبر منصات التواصل الاجتماعي حول إعلان قائمة رسوم جديدة دفعت بها المدارس الخاصة وصفت بالتعجيزية من قبل أولياء الأمور، وكما جاء في قائمة الرسوم أن أقل رسم دراسي وصل إلى 400 ألف جنيه مقارنة بأسعار بعض رسوم المدارس الخاصة في العام الماضي بمبلغ وقدره 200 ألف جنيه.
حجر عثرة
وتشير موظفة في القطاع الخاص فضلت عدم ذكر اسمها، أن لديها 2 من التلاميذ ويدرسون في إحدى المدارس الخاصة وسط الخرطوم، لكنها مبدية تخوفها من قائمة أسعار المدرسة التي يتلقى فيها أبناؤها تعليمهم، وأوضحت أن الرسوم أصبحت هاجس مؤرق جدا هذا بالإضافة إلى الأعباء الأخرى من منصرفات يومية وكذلك رسوم الترحيل، وكشفت عن رسوم دراسة أبنائها في العام الدراسي السابق وصلت إلى 150 ألف جنيه للتلميذ، وبحسب حديثها لـ(اليوم التالي) فإنها تتوقع أن تفاجئهم إدارة المدرسة برسوم جديدة، متمنية أن لا تكون الرسوم الجديدة حجر عثرة أمام استمرار عملية تعليم الأبناء، داعية إدارة التعليم الخاصة إلى وضع لوائح تدعم أولياء الأمور وتطمئن استمرار فلذات أكبادهم دون التأثير على مواصلة الدراسة.
العشوائية والتخبط
يقول المحلل الاقتصادي الدكتور عادل منعم: أصبح التعليم عبارة عن سلعة ربحية بعدما كانت رسالة، متأسفاً على الزيادات التي تطرأ من عام لآخر في ما يتعلق بالتعليم، وأشار في تصريح لـ(اليوم التالي): كان ينبغي على إدارة التعليم الخاص الالتزام بقوانين إجراءات فرض الرسوم الدراسية، التي وصفها في هذا التوقيت بالعشوائية والتخبط الشيء الذي يهزم استطاعة أولياء الأمور في ظل صعوبة الوضع المعيشي، وأكد أن الأسر مع رتابة الأوضاع الاقتصادية ستكون بعيدة عن تلبية احتياجات الأبناء نحو التعليم الخاص، مناشداً الدولة بالتدخل العاجل لوضع حد يلزم التعليم الخاص من انتظامه وتدرجه السنوي عن إعلان رسم جديد يفوق قدرة وطاقات الأسر، وحث إدارة التعليم الخاص على ضرورة مراعاة الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
الرسوم الرمزية
يرى الخبير الاقتصادي محمد النيل إن مضاعفة الرسوم الدراسية في التعليم الخاص أصبحت عملية روتينية مع بداية التقويم الدراسي من كل عام، وقال إن مثل هذه الزيادات الخرافية وباستمرار لم تحدث في السابق، وأرجع ذلك إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد مما فرضت هذا الواقع، وتابع: السنوات الماضية كان بمقدور الأسر الإيفاء بسداد رسوم الدراسة في المدارس الخاصة بالأقساط التي تراها إدارة المدارس آنذاك، إلا أنه يعتقد بأن مع تهاوي العملة الوطنية هذا سيدفع كثيراً من أولياء الأمور للخروج من دور التعليم الخاص واللجوء إلى دور التعليم الحكومي، وأوضح عبر حديثه لـ(اليوم التالي) إن التعليم الحكومي يتميز بالرسوم الرمزية أي يسهل على أولياء الأمور الالتزام بسدادها دون مشقة وعناء، وناشد الدولة بضرورة الحرص على تقديم الخدمات وتوفير بيئة مدرسية لجانب التعليم الحكومي الذي يمثل ركيزة الدولة كما كان في السابق، وحذر في الوقت نفسه من مغبة الحكومة لدور التعليم والمعلمين بمعالجة قضاياهم وتوفيق أوضاعهم المادية، ونوه إلى أنه منذ الأعوام السابقة وبدأ المعلمون يظهرون بؤسهم من رداءة التعليم الحكومي نسبة لقلة الرواتب التي تمحقها الأسواق، داعياً الدولة لتقديم المزيد من الحوافز والمعينات الشهرية لمعلمي المدارس الحكومية.