يوسف ابراهيم سيد احمد يكتب: إلى محمد مجدي في عليائه

 

يا محمد .. اكتب لك اليوم و انت قد فارقتنا جسدا و بقيت روحك الطاهرة في عليائها تظلل من احبوك و من عشت بينهم من عمرك الغض تنشر بينهم الفرحة و المودة و المحبة
يا محمد .. اكتب لك و انا انظر إلى صورك التى طارت بها الاسافير وسط كلمات هي الجراح و ألم الفراق المر .. انظر إليها و استغرب لماذا لم انتبه .. بانك قد أخذت حظا من اسمك ، اسم الحبيب محمد سيد الدنيا و الاخرة ، خلقة و خلقا ، يالله ، من بسمتك الصافية ، و سيما قسيما طلق الوجه وضيئا حلو المحيا طيب المعشر ،مستبشرا فرحا جزلا ..ودودا و محبوبا ، نعم لم أرى المحبة تتنزل و تمشي بين الناس الا حينما رأيت جموع اصحابك لا تفارق البيت و كان روحك تحوم حولهم .. يقراون كتاب الله العزيز ختمات وختمات يهبونها لروحك الكريمة وهم يبكون بالدمع الغزير و العزيز
يامحمد .. كيف استطعت رغم صغر سنك ان تؤلف بين هذه القلوب و تزرع الحب فيها ، كيف اسرتها و استحوذت عليها فاجتمعت على محبتك ، بل كيف فعل سحرك فبسطت روحك على كل من التقيته فتعلق بك ،
يا محمد .. لقد جاء اساتذتك و معلموك فتحدثوا عنك العجب و العجاب . ليس فقط عن تميزك في الدرس و نبوغك في العلم ولكن تحدثوا عن روحك الشفيفة التى ليس تشبه هذه الأرض برهقها و تعبها و طينها ووحلها ، و عن ادبك الجم و أخلاقك العالية ، وكأنهم كانوا يدركون انك نسمة انعشت ارواحهم و ومضة إضاءة دروسهم لم يكن موطنها الأرض، وانما انت نفحة عطر جاءت لتبث شذاها بينهم ، سرعان ما اختفت لتتركهم في هذا الذهول الغريب
يا محمد .. لقد سافرت سريعا إلى ربك وهذا دأب الصالحين ، كما خبر الحبيب المصطفي ان لا يجد الشهيد من ألم الموت الا كما يجد احدكم مس القرصة ، و انت لم تنل من الشهادة الا كما نالها الخلفاء الراشدين ، وهذا هو الشرف ، فقد صرح الحبيب وهو يصعد جبل أحد في معركته الشهيرة حينما اهتز الجبل فقال اثبت احد فإن فيك نبي و صديق و شهيدين ، يقصد بالصديق الأكبر سيدي ابوبكر و بالشهيدين سيدي عمر و علي و قد استشهدت مثليهما . غيلة دون معركة و غدرا و قد نفذت فيهم أسلحة الحقد و الغدر و الجبن فارتقوا كما ارتقيت و تساموا كما تساميت ، نلت بذلك شرف الشهادة و ليس غريب ان مقتلك بعد ثلاثة أيام فقط من يوم عاشوراء .. يوم الفاجعة بمقتل حفيد الحبيب واحد سيدا شباب الجنة سيدي الحسين بن علي كرم الله وجهه نسأل الله أن تحشر معه شابا و سيدا من سادة اهل الجنة .و لعل روحك المتمردة تحاكي روح الحسين تأبي الظلم و الجور .. لقد تناثرت مقاطع الفيديو في الاسافير و انت تهتف بثورية ثابثة و قوية تطالب بالحرية و العدالة ، فاخجلتنا و احسسنا بالضعف و الخوار ..و انا انظر إليك و انت تنثر روح الحسين في جموع شباب الثورة في المهجر و تتحدث في المنتديات، انظر إليك و كأني لا اعرفك ، من أين تستمد هذه القوة رغم رقتك و هدوءك؟ من أين تأتي روح المقاتل فيك لتطلب شرف الدنيا و الآخرة، لقد اذهلتنا و كنت اكبر منا جميعا
يا محمد .. كيف اخترت ان تفارقنا و قد تعلقت بك الآمال ، كنا ننتظر ان تتخرج و لكن أبيت الا ان تخرج من دنيانا إلى رحاب جنة عرضها السموات و الأرض، كنا ننظر إليك بانك تنجح في امتحانات الدنيا ولم نرى انك قد نجحت في امتحانات بلائها للتتخرج بامتياز تنال شهادة هي اكبر من شهادة الدنيا قاطبة ليختارك المولي إلى جواره ليبعثك شهيدا عن امة السودان فخبر ربكك عن حالنا ، كنا ننظر إلى اهلك و اخوتك وهم ينتظرون يوم تخرجك ، و الى والدك الرجل النبيل وهو يخطط لكي يهيئ لك مستقبلا باهرا و مرموقا .. لكنك سبقتهم بالفضل لتهيئ لهم ( انت لا هم ) مستقبلا مبهرا من الشفاعة يوم الامتحان العسير في الآخرة .. وهكذا كنت دائما كبيرا و سباقا للخير في كل شئ
يا محمد كيف غلبت الموت ، لقد صرعته قبل أن يصرعك وغلبته قبل أن يغلبك ، فلا تعذب في قبرك و انت تبعث و دمك يشخب اللون لون الدم ز الريح ريح المسك ، و لا تري القيامة اهولا ، ألم يقول الحبيب كفى بقعقة السلاح حولهم فتنة ، فماذا تبقي للموت ، الا انه قدرا محتوم و رحلة عبور
يا محمد .. كيف اختار لك ربك بأن تقتل في الشهر الحرام شهر محرم وكأنه اراد ان تتضاعف حرمة دمك الزكي وكيف اختار لك ان تنتقل يوم الجمعة في الليلة الزهراء و الغراء و ان تبكيك السماء و ان تقبر في ساعة رفع الآذان و صعود الائمة إلى المنابر و ووقت نزول الماء المبارك من السماء على قبرك و ان تلهج الألسن بالدعاء في ساعات جمعت فيها الإجابة بين صعود المنابر و نزول المطر
يا محمد هاهم اهلك يحكون عنك عن برك وحبك لهم ، يتذكرون كيف كانت ايامك الأخيرة تدلل على إشارات الوداع التى لم يفهموها الا حين فارقتهم ، لقد حكي لي صاحب ديليفري وجدته امام البيت في اليوم الثاني من رحيلك يقف قرب دراجته حزينا في ساعة متأخره من الليل، ليسألني هل محمد مات ؟ قلت له نعم و بصوت حزين قال لي قبل يومين اتبت اوصل له طلباته خرج لي و بدأ يحدثني بلطف متناهي و بمودة عجيبة بالرغم من طيبته المعهوده الا اني أحسست بشئ غريب في ذلك و سألته ما بلك أو ما بك ؟ قال لا شئ .. قال عدت و نفسي تحدثني بأن هنالك أمر ما حتى سمعت بخبر وفاته فادركت انه كان مودعا .. ذرفت عينيه و ودعنا
يا محمد .. من له اب مثل ابوك و ام مثل امك و عشيرة مثل عشيرتك و اهلا مثل اهلك لا يجد إلا أن يقول البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ،
يا محمد . . ان اهل بيتك قد احتسبوا و صبروا و حمدوا و استرجعوا ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) في انتظار وعد ربنا الذي جاء على لسان نبيه الصادق المصدوق بقوله : يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن عندى جزاء اذا قبضت صفيه في الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ،و هم مستبشرون بوعد الحبيب كما رواه الترمذي عن ربه : ان الله يقول لملائكته قبضتم ولد عبدي ، فيقولون نعم ، يقول : قبضتم ثمرة فؤاده ، فيقولون نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي ، فيقولون حمدك و استرجع ، فيقول الله تعالي : ابنوا لعبدي بيتا ، في الجنة و سموه بيت الحمد ،
يا محمد .. ان أنس بن مالك رضى الله عنه كان همه كيف يجد الحبيب في يوم الازدحام ، يوم القيامة ،و انت في برذخك ترانا و تسمعنا فأنت بنص الآيات حي ترزق .. فرح ما آتاك الله من فضله مستبشرا بالذين لم يلحقوا بك .. الا خوف عليهم و لا هم يحزنون و هاهي الرؤي و المبشرات بدأت تترى لأصحابك و اهلك .. فنسألك يا محمد في يوم الحساب ان تنتظرنا جوار الحبيب المصطفي عليه السلام بقرب الحوض .. و الحبيب فرطنا عنده
وحتى ذلك الحين .. اذكرنا عند ربك

يوسف ابراهيم

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...