*د.ابرهيم الصديق يكتب: عن مرفعين الليل

 

(1)
قبل أن تطل علينا مواثيق المنظمات المريبة، كان الطيب ابراهيم محمد خير يميز مكانة المرأة في الوجدان الديني والحس الوطني، من خلال تعبير لطيف، حادية الراكب، وحاثة على الخير وحادبة على مكارم الأخلاق، و لو أن د. الطيب ، أكتفي بقصيدة (ياأختي) لكفاه، فقد كانت صيحة فى عالم متغير ومتجاذب إلى قاع الدنيا، فأنشأ مساراً آخراً لمفهوم الحرية والإنعتاق من أسر المظاهر إلى جوهر المعاني.. وتلك رسالة حركة الإسلام ودأب المؤمن وذلك النداء في عوالم العتمة…
بسم الله أبدأها ..تحياتي إلي أختي
إلي محبوبتي أنت ..إلي ذاتـي..
إلي من قلبها بالنور يغمرني..
ويأمرني بأن أتلو من القرآن آيات..
لتنسيني حكاياتي وآلامي وآهاتي..
وتجعلني كما كنت سعيدا كل أوقاتي..
(2)
ولا يكتفى الطيب بذلك، بل يفتح صفحة في سجل المجاهدة والبسالة، فقد كانت القصيدة أيام جبروت مايو ذات الطابع اليساري، فلم تكن مجرد رنين لحن، بل معزوفة وحداء مسير ويقول :
أسير بقوة تسري من الرحمن في صدري..
وتقنعني بلا قسر بأني واجد اجري..
وان الحق في نفسي ..له صوت كما تدري
يجلجل يسحق الجاني ..
ويغلي مثل بركان
ليأخذ كل طاغية ..
ويسحق كل شيطان
وسلطان…
طغي في الناس واستكبر
وشارك ربنا الأكبر ..
وصاح بعزة اللآت
فإني حينها آت …
لأرضي الله ياأختي..
الحي ..يبكين علي موتي
وموت بقية الأبطال يا ستي فلا تبكي ..
وقودي موكب الستات يا أختي..
وصيحي في بقايا الموت الجبت والطاغوت واللآت
وصلي فوقها شكراً لمن خلق السماوات..
فيا أختي ويامحبوبتي أنت ..إليك أزف ثانية تحياتي
واختمها باسم الخالق الأعظم..
واسقيها نمير الماء من زمزم..
لأبقيها ..وباسم الله أبدؤها ..وباسم الله انهيها..
ذلك وقع كلمات البطولة، لا تأبه لعاديات الأيام، وإنما تستقبلها بما تستحق من الشجاعة والعزم.. وتلك سمات د. الطيب في محبسه.
[3)
في سبتمبر ٢٠٢٠م.. وفي قاعة المحكمة.. وحين ظنوا أنهم حاصروه، كان د. الطيب بذات الجسارة حين يهتف:
لا أهوى إلا لله .. لا أبغض إلا لله لا أركع إلا للفرد الصمد الرحمن
وقطعت على نفسي عهداً أن أسعد هذا الإنسان
شرساً .. مفترساً همجياً أو سمجاً كان
أقدره من ذل الدنيا أو رجس الإنسان
حتى يغدو إنساناً لا يقوى أن يعصره سلطان
لا ببغاوياً .. لا أراجوزاً .. لا خرقاً من طين
لا يتبع شرقاً لا غرباً .. لا روساً لا صين
لا يركع للصنم المدعو كيندي أو لينين
لا يعرف في درب الله يساراً ويمين
فطريق هدانا يس
ومنار خطانا يس..
هذا «أبو تاجا مرفعين الليل هجام الدهاليق» وقد زامل فى سبعينات القرن الماضي أنضر رموز هذا البلد، احمد عثمان ودالمكي، ود.بشير آدم رحمة، ود.غازي صلاح الدين، والبروفيسور حسن مكي، وتخرج فى الطب ودرس الطب واختار العمل في الاحراش وذلك ما يليق بالابطال ونجباء الأمة.. والآن سجين بلا سبب سوي انه كان وطنياً بما يكفي لقول مهلاً هذا الوطن يستحق افضل من هذا..
(4)
ابتدر د. الطيب فكرة تثوير الخدمة المدنية، قبل إدعاءات الحوكمة والشفافية والمساءلة، وكانت المؤسسات تستند للكفاءة والممارسة، واجتهد رأيه وطاقات.. فأحدث تغييراً.. وأسس قاعدة إدارية أستوعبت ثورة التعليم من ٦ جامعات إلى ١٧٠ مؤسسة جامعية وقادت إستخراج النفط من حلم إلى واقع، وتوسعت المؤسسات الصحية والخدمية والطرق والجسور.. إن روحاً جديدة سرت في المجتمع ومفهوم العمل..
فى فبراير ٢٠٢١م تقدمت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية لتمويل ذات الفكرة في مرحلتها الأولى ، وتقدمت (١٩) شركة عالمية بعطاءاتها ، و تم اختيار (٣) شركات من المتقدمين و تم اختيار الشركة الفائزة وهي إحدى الشركات العابرة للقارات تستنزف القروض والهبات من الشعوب ، هكذا تتراكم الديون على السودان، وهكذا يريدونه خاضعاً ومكشوفاً.. ولذلك يرفضون كل جهد وطني..
(5)
منذ العام ١٩٨٩م وحتى العام ٢٠٠٨م كان د. الطيب ابراهيم محمد خير مناط التكليف، والياً لدارفور ثم وزيراً للداخلية ثم وزيراً للإعلام ثم ووزيراً للعمل والتخطيط الإجتماعي ووزير مجلس الوزراء والحكم الإتحادي، وترك في كل ساحة وميدان بصمة ونموذج، وخرج سليم القلب ونظيف اليد.. تلك مدرسة خاصة :
الشارة نفحات من آي من سور القرآن..
طرزت حواشيها بأحاديث رسول الله..
ونقشت عليها لا أهوى إلا الله..
وحين انزاح عنه التكليف، افرغ جهده حفظاً للقرآن الكريم برواياته وتفاسيره وأسراره ولطائفه.. ذلك د. الطيب الشفيف العفيف.
(6)
رجل هميم، وذو تصميم..
تخرج في الطب، ولكنه أختار ان يخدم وطنه ببوابة الفداء والعطاء، واختار خدمة وطنه والتحق بالقوات المسلحة في العام ١٩٨٢م – ١٩٨٣م بكلية وادي سيدنا العسكرية برتبة رائد، وفي ١٩٨٤م في كلية القادة والأركان وفي ١٩٨٦م كان فى مسارح العمليات، تلك بسالة مركوزة وكيمياء بطولة وشهامة وغيرة على الوطن.. ولذلك يحزننا ان يظل في الحبس والإعتقال..
أطلقوا سراح هؤلاء الرموز، فهم بشارة خير وعنوان عطاء، أبحثوا عن سجلات كسبهم، أسالوا معاصريهم، واهلهم، فخيركم خيركم لأهله.. لقد كان د. الطيب زينة وركازة أهله في الحقنة..
اخي اللواء د. الطيب، انت حر وفي صدرك كتاب الله وذاك اليقين..
وأنت حر وهم يخافون امثالك وآخر الشواهد تصريح فولكر المذعور (بدأ أنصار السابق في العودة).. سنعود..
وعزة ربنا الأكبر..
أن الحق منتصر..
وان الظلم منكسر..
وان الليل منحسر..
وان الصبح قد أسفر..

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...