رشيد المهدية يكتب من مونتريال: نعم لدستور أساسه دينننا
تم الإعلان عن أن هنالك 9 دول غربية إتخذت موقف إيجابي من مشروع الدستور المقترح الذي قدمته نقابة المحامين السودانيين وهي الولايات المتحدة وفرنسا والنمسا والسويد والنرويج وبريطانيا وإيطاليا وهولندا، … وفي نفس الوقت نما الى علمنا أيضا ان هنالك منظمة امريكية هى التي قامت بإعداده . . . لكن بغض النظر عن مدي صحة الخبر ،،، اسمحوا لي ان اتطرق فقط الى الجزئية المتعلقة بإغفال عقيدتنا في الديباجة وفى طبيعة الدولة …
اولا؛ طالما ان الدستور المقترح مطروح للنقاش والحوار بين أطياف القوى السياسية الوطنية، فذلك في حد ذاته امر جيد ولكن المهم الإشارة الى أننا لا يمكن ابدا “قبول” إغفال دين الامة الذي هو “الدين” عند الله سبحانه وتعالى في الدستور … !
والمؤسف حقا ان الدول التي باركته في تصريح فولكر بيرتس وهى 9 دول “غربية” ،،، إما ان علمها يحمل شعار المسيحية “الصليب” او أنها تشير الى مكانة المسيحية بمجتمعاتها في دساتيرها . . . !
اما عدم الإشارة الى ديننا الحنيف في الذي من المفترض انه دستورنا ، فذلك جريمة في حقنا وإستهتار بعقيدتنا وتجاوز مرفوض وفيه إساءة بالغة وإهانة لأهل هذا البلد الطيب الذي الأغلبية الساحقة من سكانه من المسلمين …
ثانيا؛ ليس هنالك مبررا يفسر عدم تضمينه في الدستور ولا اظن ان ذلك يستند الى أي منطق كان ،،، كما انه “مناقض* تماما لواقع حتى الدول المتقدمة التي تعتز وتفخر بشرائعها المسيحية الكاثوليكية او البروتستانتية او الأرثوذكسية وفي وجود دول اخرى تعتنق اليهودية والهندوسية و البوذية والتي جميعها تؤكد على شرائعها في دساتيرها …
لا يمكن أن أتصور ان من بين الذين إقترحوا هذا الدستور من هو غير مدرك لخطورة تجاهل هذا الأمر العقائدي الذي يهدد الأمن والسلام والإستقرار ببلد يعاني من مهددات أمنية داخلية وإقليمية هائلة واخرى معقدة تهدد أمنه وأمن المنطقة على أقل تقدير …
ثالثا؛ على الذين لديهم مواقف سياسية واضحة تجاه “حكومات” الإنقاذ او لهم قناعات شخصية او أيديولوجية أوضح ضد الحزب الإسلامي الذي وقف وراءها ،،، الإنتباه الى ان مبدأ محاربة عقيدة الناس بافعال بعض البشر … يعد تجاوز لحقوق اغلبية السكان وإعادة لمبدأ تسييس الدين ولكن ،،، “بتسييسه على هواهم” ،،، وكانما تسييس الاخرين “فجور” وتسييسهم له “فضيلة” … !
رابعا؛ حماية الدين عبر منحه سند دستوري هو حماية من التشدد والفجور ومن الإستغلال السياسي الحزبي له ،،، طالما وضع في إطار خدمة الحياة العامة بأسس واضحة توازن ما بين إستحقاقاته السياسية وتلك المرتبطة بالايمان …
وعلى سبيل المثال نجد أن جمهورية مصر العرببة التي تبلغ نسبة المسيحيين بها ما بين 10% الى 15% وهى الاكثر ليبرالية ومجتمعها أكثر تحررا بالمنطقة بالمقارنة بمجتمعنا ،،، وضعت في ديباجة دستورها مصر مهد الدين، وراية مجد الأديان السماوية ،،، وأشارت بكل وضوح في المادة 2 الإسلام دين الدولة، وأن اللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع … وهى الدولة التي نجحت الى حد ما في التوفيق في الدستور *”بين الالتزام الديني ومباديء الدولة الليبرالية” …
وللاسف بينما تعرضت مصر للنقد الحاد في السابق وفي الوقت الذي قد نتعرض فيه نحن وغيرنا الى انتقادات وشجب واعتراض من دول غربية على تضمين الدين في الدستور ،،، “لا” تتعرض بالمقابل الدول المسيحية التي تنص صراحة في دساتيرها على ان المسيحية ركيزة اساسية في دساتيرها لأي من ذلك سواء كان شجبا او إعتراضا ،،، كما لا تتعرض الدول الاخرى غير الإسلامية التي تتضمن دساتيرها مذاهب وشرائع اخرى الى اي نوع من الضغوط … !
خامسا؛ أكدت دراسة أميركية اجراها مركز بيو بان “الإحالة إلى الخالق أو إلى ما هو مقدَّس وردت في جميع دساتير 50 ولاية أميركية” وان “أكثر من ثمانين دولة تنحاز لديانة بعينها إما كدينٍ رسمي للدولة او تم تبنيه في السلطة، او بتمييز ومعاملة خاصة في مواجهة الأديان الأخرى” … وان هنالك عدد كبير من الدول الليبرالية التي تعرف للبعض بالليبرالية العلمانية في أوربا وأمريكا اللاتينية وآسيا تعتمد دساتيرها على (دين) معين … !
ومن ابرز هذه الدول بريطانيا اسكتلندا ايرلندا وانجلترا وايطاليا واليونان واسبانيا البرتغال والنرويج ودولة اسرائيل التي مع مدنيتها وليبراليتها ، اعلنت مؤخرا عن يهوديتها …بالإضافة الى بوذية كل من سيرلانكا وتايلند وكمبوديا وغيرهم !
سادسا ؛ من جانب ،،، هنالك دراسة علمية أمريكية اخرى أكدت حقيقة مهمة وهي أن علمانية الدولة وليبراليتها أو كونها دولة مدنية لا يتعارض ابدا او يمنعها من تضمين الدين في الدستور او إعتماده (دين رسمي) لها …
من جانب آخر ،،، لا توجد شروط او غيره تفرض فيه العلمانية الليبرالية المدنية عدم تنصيص دين الدولة في الدساتير، ولا يعني هذا ان تفرض الدولة التي يستمد دستورها من الدين على الاقليات الاخرى إعتناق الدين الرسمي لها او لكونه المصدر الرئيس للتشريعات لكن “الأهم” هو التزام الدولة منح أهل الشرائع والمذاهب الأخرى مطلق الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية واريحية ووفقا للضوابط الخاصة بذلك …
أخيرا؛ لا يمكن إعتبار إغفال الدين في الدستور المقترح وتعمد عدم الاشارة اليه لا في الديباجة ولا في مواده ،،، أمرا حدث بالصدفة ،،، وإنما هو إختبار لمدى عزمنا وتمسكنا بعقيدتنا والى اى حد يمكن ان نتقبل قيمهم وما يؤمنون به …
المؤكد من هذا البوست في بحث الموضوع ،،، اننا توصلنا الى ان النص في الدساتير على أن الإسلام في الدول التي الاغلبية الساحقة من سكانها مسلمين لا يتناقض بتاتا مع “قيم” الديمقراطية والليبرالية ،،، وان نجاحنا في الاشارة الى ديننا الحنيف مصدر التشريع الرئيس في الدستور ،،، والعمل بقيمه والاسترشاد به في التشريعات المتعلقة بالعدل والمساواة والشورى وحقوق غير المسلمين سيمنح العالم تجربة ثرة إن عزمنا على حسن تطبيق تعاليمه وقيمه الفاضلة بتجرد ومسؤولية وامانة ،،، تساهم في تصحيح الفهم المغلوط لدي الكثيرين من المعادين له والذين لم يقفوا على تجربة حقيقية مثلي تعكس إستثنائيته كونه ليس من صنع بشر …
* للمزيد حول ان معظم الدول لها دين راجع الاصدار أدناه من جامعة هارفارد الأمريكية وهو متاح بفورمات بي دي اف في النت:
Which countries have state religions? Robert J Barro & Rachel M. Mcleary
https://academic.oup.com/qje/article/120/4/1331/1926661
#نعملدستوراساسه_عقيدتنا