ناشطون يدعون لإنهاء “الجرائم بذريعة الشرف” في السودان
حذر ناشطون سودانيون من ارتفاع “جرائم بذريعة الشرف” في البلاد، والتي تتضمن عادة رجالا يقتلون قريباتهم بسبب ارتكابهن أو ظنهم بأنهن ارتكبن أفعالا يعتبرونها غير أخلاقية، واعتبرت ناشطة أن الحالات المبلغ عنها لا تمثل “سوى قمة جبل الجليد”.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد نقلت عن ناشطين إن 11 امرأة وفتاة قتلن على أيدي أقاربهن حتى الآن هذا العام، أي أكثر من ضعف العدد المبلغ عنه في عام 2021.
وتوفيت امرأتان في الشهر الماضي.
واعتبرت الناشطة السودانية، رشيدة شمس الدين، أن ارتفاع معدل جرائم القتل هذه يعود إلى سوء معاملة الفتاة في ضوء “الشرف” في المجتمع مشيرة إلى عوامل أخرى، منها تردي الوضع الاقتصادي.
وقالت في حديث لموقع “الحرة” إن من أهم الأسباب المعقدة هي العقلية الذكورية المتمثلة في أشقاء الفتاة أو المرأة الضحية أو أبناء عمومتها أو أي فرد في محيط العائلة يرتكب جرائم بشعة لأسباب بسيطة، مثل أن تمتلك الفتاة هاتفا ذكيا ويشك أهلها في أنها تستخدمه للحديث مع الرجال فتتعرض للضرب والقتل في بعض الحالات.
ولا يُصدر أي بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إحصاء رسميا بـ “الجرائم تحت ذريعة الشرف”، وفق “الباروميتر العربي”.
ويقول نشطاء إن عمليات القتل “تحت ذريعة الشرف” لا تزال منتشرة في المنطقة رغم الحملات المستمرة ضدها منذ سنوات.
وأظهرت دراسة للباروميتر العربي، في عام 2019، أن أكثر من ربع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 35 عاما في السودان يعتقدون أن “الجرائم بذريعة الشرف” مقبولة.
وفي يوليو الماضي، حُكم على امرأة سودانية تدعى مريم السيد تيراب (20 عاما) بالإعدام رجما بتهمة الزنا (وهو أول حكم لهذه الجريمة في السودان منذ 10 سنوات) بعد تبليغ أحد أقاربها عن ممارستها لعلاقة خارج إطار الزواج.
وتتكرر المشاهد والأخبار المأساوية التي تحكي عن قتل النساء على أيدي أقربائهن في دول أخرى في الشرق الأوسط، مثل الأردن وسوريا والسعودية والعراق وباكستان وإيران ومصر.
وتشير رشيدة شمس الدين إلى جريمة قتل الفتاة “سماح” التي هزت الشارع السوداني، العام الماضي، بعدما قتلها والدها بطريقة بشعة، مشيرة إلى أنه أطلق عليها ثماني رصاصات قاصدا قتلها.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بحادثة مقتل الطفلة سماح الهادي التي قال مدونون إن والدها قتلها بالرصاص، فيما أكد جد الطفلة أنها لقيت مصرعها عن طريق انطلاق عيار ناري عن طريق الخطأ أثناء تنظيف مسدس .
وبحسب تقارير محلية، فإن سماح لقيت حتفها على يد والدها عقب تغيبها عن مدرستها لنحو أسبوع بغية الضغط على والدها لإقناعه بنقلها إلى المدرسة التي انتقلت إليها صديقاتها.
عناصر من الشرطة السودانية
“حق سماح”.. روايات متضاربة حول مقتل طفلة سودانية ومطالبات بالتحقيق
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بحادثة مقتل الطفلة سماح الهادي التي قتلها والدها بثلاثة رصاصات لأنها طلبت منه أنه ينقلها إلى مدرسة أخرى غير التي كانت تدرس فيها.
وتشير الناشطة إلى أن “التضييق الأمني والوضع الاقتصادي الخانق والانفلات الأمني والانقلاب العسكري، كلها أمور خلقت تعقيدات صعبة جدا في المجتمع السوداني”، فهذا الوضع أدى إلى تغير “نظرة الأسرة السودانية… أصبح الأب يشك في ابنته، وكذلك الأخ، وأصبح الشاب يتعاطى المخدرات بصورة كبيرة، لأنه يريد أن يكون في حالة مختلفة، فيصبح في حالة غير طبيعية، وبمجرد الشك، قد يرتكب جرائم من هذا النوع”.
وتشير إلى حالة فتاتين قتلهما، قبل أيام، والدها وأبناء عمومتهن، بعد أن حملتا سِفاحا. وقد قتلت الأولى في الحين، بينما قتلت الأخرى بعد أن نقلت للمستشفى في حالة خطرة.
ووقعت جريمة مماثلة، في مايو الماضي، عندما لقيت فتاتان مصرعهما وأصيبت خمس أخريات بجروح على أيدي أشقائهن وأبناء عمومتهن، على خلفية حمل إحداهن خارج نطاق الزوجية.
وقال المدير التنفيذي لمحلية الفرودس، حمدان المصري، لـ (دارفور24)، إن الجريمة البشعة وقعت بمنطقة السرج في دارفور.
وأضاف: “وصلنا بلاغ بمقتل فتاتين وإصابة خمس أخريات في حادث تعذيب أسري بمنطقة السرج، بالرغم من محاولة أسرهن التستر على الجريمة”.
وتشير الغارديان إلى عدد من حالات جرائم الشرف شهدها السودان مؤخرا، مثل حالة عائشة أبكر (18 عاما) من ولاية جنوب دارفور التي قتلها شقيقها ووالدها الأسبوع الماضي بعد أن علموا أنها حامل.
وأفادت الأنباء بأن شقيقتها، البالغة من العمر 17 عاما، في حالة حرجة بالمستشفى بعد إصابتها أثناء الاعتداء على شقيقتها. وقد تم القبض على ثلاثة رجال في الواقعة.
وقالت تقارير إن تيسير جمعة (21 عاما) قُتلت على يد أشقائها وأبناء عمومتها الذين اعتقدوا أنها كانت تتحدث إلى رجال على هاتفها المحمول، ولم يتم القبض على أي شخص في الواقعة، وفق ناشطة تحدثت للغارديان.
“قمة جبل الجليد”
وقالت نهلة يوسف، رئيسة “منظمة تنمية المستقبل”، وهي منظمة لحقوق المرأة ومقرها ولاية جنوب دارفور، لصحيفة الغارديان إن الحالات المبلغ عنها هي “قمة جبل الجليد”.
وأضافت: “أعتقد أن هناك العديد من الجرائم المماثلة الأخرى في القرى والبلدات البعيدة عن الإعلام. وقالت: “لا نسمع إلا عن الحالات التي يتم نقلها إلى الشرطة”.
وتؤكد الناشطة التي تحدثت لموقع الحرة أن هناك العديد من الحالات التي تحدث في مخيمات النازحين، وتشير إلى أن بعض المعسكرات تحدث فيها عمليات الاغتصاب بصورة متكررة.
وقالت يوسف للغارديان: “حتى الشابات الناشطات العاملات في مجالات مهمة توثق الانتهاكات التي يمر بها الناس في مخيمات لنزوح، يتعرضن الآن للاستهداف من قبل أقاربهن”.
وحدثت غالبية الحالات المبلغ عنها لجرائم الشرف هذا العام في دارفور، وفق الغارديان، “حيث استخدمت مليشيات الجنجويد الاغتصاب على مدى عقود كسلاح ضد النساء” وفق التقرير.
وقالت سليمة إسحق، رئيسة وحدة وقف العنف ضد المرأة في وزارة الشؤون الاجتماعية للصحيفة البريطانية، إن “تصاعد جرائم الشرف يعود جزئيا إلى الانقلاب في أكتوبر من العام الماضي، الذي عطل المؤسسات الحكومية”.
وأضافت: “لا يوجد نظام معمول به، ولا شيء يعمل، والنظام القضائي لا يعمل… إنهم (الحكومة) مشغولون للغاية بالإفراج عمن قتلوا شهداء الثورة، رغم قولهم إنهم نفذوا الانقلاب من أجل سلامة وأمن شعب السودان”.
وتقول شمس الدين لموقع الحرة إن “النظام مسؤول والتضييقات الأمنية تجعل المجتمع أكثر هشاشة، وبالطبع النساء الحلقة الأضعف داخل المجتمع”.
الحرة – واشنطن