الطاهر ساتي يكتب: ( ما ساح )

إليكم ………………………
:: لا تفتح قلبك للشخص الخطأ، حتى لا يصبح حالك كالزوجة التي قصدت منزل صديقتها لتبث لها همومها ومتاعبها مع زوجها.. وهناك، ذرفت الدموع وسردت مآسي حياتها مع زوجها الذي يساهر خارج المنزل، ويعاقر الخمر ويلعب الميسر، ولا يصرف عليها وأطفالهما، و..و..و.. كانت صديقتها تحدق في عيونها الدامعة، قبل أن تباغتها بالسؤال: (من وين اشتريتي كُحلك دا، قدر ما بكيتي ما ساح)..!!
:: ومن يطّلع على آخر تقرير صادر عن معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية، وقد نشرته (اليوم التالي) يوم الخميس الفائت، يكتشف أن النشطاء يشكون العساكر للدول الخطأ، ومنها أمريكا التي يشكون إليها كثيراً.. لقد أرجع تقرير هذا المعهد الأمريكي فشل القيادات المدنية في السودان بشأن إنجاز التحول المدني إلى ما أسماها بصعوبة توحدها، ثم لفقدان القوى المدنية رؤية سياسىية لإدارة الحكم..!!
:: ويقول تقرير المعهد بالنص: (فشل المدنيون في بناء رؤية سياسية متماسكة، مما أفضى إلى فشل التحولات المدنية)، وليس هذا فحسب، بل يرى المعهد بأن معطيات هؤلاء المدنيين – يقصد النشطاء طبعاً – كانت السبب الأساسي لفشل رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في إصلاح الدولة.. أي بعجزهم عن توحيد أحزابهم، ثم لفقدانهم رؤية لإدارة السلطة، لهذا وذاك عجز حمدوك عن إصلاح الدولة..!!
:: ومعهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية، تأسس في العام 1955، متخصص في نشر تقارير الباحثين، بغرض تطوير السياسات الداعمة لمصالح أمريكا.. وهذا يعني أن هذا المعهد يختلف عن لجنة تسييرية المحامين، بحيث أنه من سواعد دولة المؤسسات.. أمريكا دولة مؤسسات، وليست (دولة شلليات)، ومن المؤسسية الرجوع إلى المعاهد البحثية والمتخصصة في صناعة القرار..!!
:: وعندما وصفهم بفاقدي الرؤية لإدارة الحكم، فالمعهد الأمريكي لم يأتِ بجديد، فالنشطاء اعترفوا بذلك قبل فقدانهم للسلطة بأسبوع.. (جئنا بشعار تسقط بس، وبعد السقوط لم يكن لنا تصور للحكم)، قالها هكذا جعفر حسن، الناطق الرسمي باسم قوى الحُرية، في منتدى التيار (7 أكتوبر 2021).. كانوا يُعارضون فقط، ولم تحدثهم أنفسهم – طوال عقود المعارضة – بوضع تصور لإدارة البلد في حال وصولهم إلى السُلطة.. أو ربما كانوا يظنون بأن التهريج يكفي بحيث يكون برنامج عمل..!!
:: وعلى كل، بما أن هذا حالهم حسب وصف المعهد الأمريكي، فمن الخطأ أن يهدر رئيس المجلس السيادي والقائد العام للقوات المسلحة الزمن في (الطبطبة).. فالشاهد، هناك مبادرات في الساحة، وهناك تحالفت، وهناك (قواسم مشتركة) بين هذه التحالفات والمبادرات، منها فترة الانتقال وحكومة الكفاءات المستقلة، وغيرها.. وبالقواسم المشتركة، يُمكن تشكيل الحكومة، وصياغة خارطة الطريق..!!
:: وقد يظن البعض بأن المجتمع الدولي – اسم الدلع لأمريكا – لن يقبل تجاوز النشطاء في المرحلة القادمة، وذلك حين ينشطون في الشكوى ولطم الخدود وشق الجيوب وذرف الدموع.. اطمئنوا، لن يكون تفاعل المجتمع الدولي مع دموعهم إلا تفاعلاً من شاكلة تقرير المعهد الأمريكي وسؤال تلك الصديقة: (من وين اشتريتوا الكُحل، قدر ما بكيتوا ما ساح)..!!

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...