الطاهر ساتي يكتب: رئيس الوزراء (2)
:: وصلاً لزاوية الأمس، وهي عن احتمال عودة حمدوك رئيساً للوزراء، حسب تسريبات مصادر نافذة.. وكما كتبت، فإن حمدوك كان وفاقياً، وساعياً للم الشمل، وكان يفكر في تأسيس مشروع وطني يتوافق عليه الجميع، ولكن حاضنته السياسية كانت (ديك عدة)، بحيث ظلت تعارض كل سياسات وقرارات حكومته، وكذلك كانت مصابة بقصر النظر وإهدار الجهد في الصغائر والتهريج، ولذلك عجز حمدوك عن فعل أي شيء، وغادر الحكومة، ثم البلد..!!
:: واليوم، ليس بعاقل من يرفض عودة حمدوك بكل ما عُرف عنه من القبول الإقليمي والدولي، ثم الحكمة التي يتمتع بها، مع حسن تقدير للأمور، فهو مكسب لأية حكومة.. ولكن المؤسف أن أسباب فشل حمدوك لم ترحل عن الساحة السياسية، وأكبر دليل على ذلك عدم ترحيب طرفي الصراع بعودته.. نعم، فالمؤسف لم ترحب به قوى الحرية (الوفاق الوطني)، وكذلك قوى الحرية (المجلس المركزي)، والحزب الشيوعي أيضاً..!!
:: لم تتفق قوى الثورة والتغيير على شيء – بالإجماع – مثل اتفاقها على رفض عودة حمدوك، كما ظهرت في تصريحات الأمس.. تحالف الميثاق الوطني يرى أن حمدوك كان منحازاً للمجلس المركزي الذي نقض ما تم الاتفاق عليه بإثيوبيا، وهو عدم تشكيل الحكومة قبل السلام، ولكن النشطاء باعوا رفقاء النضال وشاركوا العساكر في السلطة ودفعوا بحمدوك رئيساً لحكومتهم، ثم أغلقوا هواتفهم وغيّروا الشرائح، كما قال مناوي ونور الدائم طه.. فالحركات ترى أن حمدوك شريك مع السنهوري في (مطبخ الغدر)..!!
:: أما قوى المجلس المركزي، فهذه أمرها عجب.. هي لا تريد أن يشاركها – في حُضن العساكر وحمدوك – أي تحالف آخر، أي وحدها تريد أن تكون (حاضنة سياسية) للبرهان وحمدوك، كما كان الحال قبل سلام جوبا.. والمضحك أن قوى المجلس المركزي تجتهد في إظهار الصراع الراهن بأنه صراع مع العساكر، ولكن هذا غير صحيح، بل مزاعم مراد بها خداع القطيع.. صراعهم الحقيقي مع الحركات وقوى الميثاق الوطني وكل حزب يقترب من حاضنة حمدوك والبرهان..!!
:: ولعلكم تذكرون، بتاريخ 10 أكتوبر، قال حمدوك في خطابه الشهير، بالنص: (الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين، بل هو بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة، وهو صراع لست محايداً فيه أو وسيطاً.. موقفي بوضوح وصرامة، هو الانحياز الكامل للانتقال المدني الديمقراطي).. فالصراع كان بين قوى المجلس المركزي وقوى الميثاق الوطني، ولكن آثر حمدوك إرضاء الطرفين، ففشل..!!
:: واليوم، قوى المجلس المركزي لم ترحب بعودة حمدوك لعلمها بأنه لن يعود – لو عاد – إلا مستقلاً، وفي إطار حاضنة تشمل كل القوى السياسية، ما عدا المؤتمر الوطني.. فالنشطاء اعتادوا على أن يكون رئيس وزراء حكومتهم (مريّس ومتيّس)، وهذا ما لن يجدوه في حمدوك (لو رجع)، ولذلك يرفضون.. لا يرفضون حمدوك فقط، بل كل المرحلة.. وهذا طبيعي، فمن رضع ثدي التمكين، وتذوق طعم السلطة المطلقة، ليس من السهل فطامه، بحيث يقبل أن يكون شريكاً مع الآخرين في (الرضاعة)..!!