300 حرب.. قبائل تُدير استراتيجية الأراضي المحروقة بالسودان
بين الحين والآخر تشهد المنطقة الممتدة من دارفور والنيل الأزرق وما حولهما قتالاً ضارياً
بين الحين والآخر، تشهد المنطقة الممتدة من دارفور والنيل الأزرق وما حولهما قتالاً ضارياً، حول استغلال الأراضي وملكيتها التاريخية التي تُعد مسألة حساسة للغاية في السودان والحواكير، وبين الرعاة والمزارعين والعشائر.
وقد خلفت تلك الحروب الدموية حول الملكية والحقوق التاريخية للقبائل والأراضي آلاف القتلى والجرحى وعشرات من النازحين، بينما وضعت الأمن القومي ووحدة البلاد على المحك في ظل ظروف وفراغ أمني كبير تعانيه منذ الانقلاب في 25 أكتوبر 2021.
في حين وقعت صدامات عنيفة بين قبيلتي القُمر والرزيقات في محلية كلبس بولاية غرب دارفور، منذ بداية وحتى منتصف يونيو 2022، خلفت أكثر من 125 قتيلا وعشرات المصابين بحسب مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان.
وأشارت السلطات المحلية إلى قتل نحو 111 شخصا وإصابة آخرين، في أحدث نزاع قبلي هذا العام، سبقه العديد من النزاعات التي قاربت 300 حرب أو معركة أو صراع ونزاع بين القبائل المحلية خلال السنوات الماضية وفق إحصائيات غير رسمية.
كما أوضحت دراسات أعدها ناشطون بمناطق النزاعات في دارفور وبعض المناطق في السودان، أن 90% منها كانت بسبب ملكية الأرض وخلافات الرعي والزراعة، لكن الحكومة لم تقم بدراسات علمية حول الأمر بحسب موظف في وزارة الحكم الاتحادي تحدث لـ”العربية.نت”.
أما أسوأ النزاعات والقتال، فقد وقع في كرينك وكلبس، ومناطق أخرى في إقليم دارفور، ووصل عددها تقريباً بين 250- 300 نزاع خلال الفترة 2020-2022م، وفق المتحدث الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال.
واعتبر رجال، في حديث لـ”العربية.نت” أحداث مدينتي كلبس وكرينك، أنها الأسوأ بين كل النزاعات مؤخرا.
كما نبه إلى وصول عدد النازحين إلى نحو 150 ألف نازح بسبب النزاعات الأخيرة في الإقليم، وأيضا وقوع حالات عديدة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الصراعات والاقتتال.
ووفق إحصائيات قامت بها منظمات غير حكومية، قتل أكثر من ألف شخص في صدامات حديثة في دارفور، في حين جرح المئات بالمواجهات مع نزوح الآلاف وتدمير كامل للبنية الهشة الموجودة في القرى وأماكن النزاعات.
إلى ذلك، دارت معارك هي الأبشع بين القبائل في ولاية النيل الأزرق هذا العام، التي تخضع لحكم إقليمي وفق اتفاق سلام جوبا لسلام السودان ويقودها عضو الحركة الشعبية أحمدة العمدة.
وتضم ولاية النيل الأزرق، نحو 31 قبيلة ويقطنها نحو 800 إلى مليون شخص، تحولت فيها احتجاجات خلال 22-23 يوليو الماضي، لأعضاء في قبيلة الهوسا في السودان من أجل الاعتراف بهم كأوصياء تقليديين على بعض الأراضي في ولاية النيل الأزرق، إلى أعمال عنف مميتة.
كما اندلعت اشتباكات عنيفة بينهم وبين أفراد من جماعة عرقية أخرى، التي تعتبر نفسها من المواطنين الأصليين للمنطقة.
وفي يوليو الماضي، قتل 60 شخصا وجرح 163، من بينهم نحو 10 إصاباتهم حرجة، باشتباكات بسبب نزاع حول الأراضي بالولاية، وفق حصيلة رسمية.
وقُتل أكثر من 100 شخص معظمهم من الهوسا، كما طرد الآلاف من أبناء القبيلة من منازلهم، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات غاضبة في أماكن أخرى في السودان بشأن معاملتهم.
وفي يومين متتاليين من القتال 19-20 أكتوبر الماضي سقط حوالي 200 قتيل في الاشتباكات القبلية التي وقعت بالولاية.
وفي مدينة لقاوة وخلال 18 أغسطس 2022 قالت الحركة الشعبية ــ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، إن مناطق تُسيطر عليها استقبلت أكثر من 7 آلاف شخص من سُّكان المدينة التي جري فيها قتال دامٍ.
وأضافت تقارير صحافية أن القتال الذي جرى في المدينة أودى بحياة 17 فردًا، بعد تجدد العنف الذي نشب بين قبيلتي النوبة والمسيرية بسبب نزاعهما حول ملكية الأرض.
أما في الفترة من 20-23 أكتوبر الماضي، فقتل 19 شخصا وجرح 34 آخرون في نزاع قبلي بولاية غرب كردفان، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وقُتل منذ يناير قرابة 600 شخص ونزح أكثر من 210 آلاف بسبب النزاعات القبلية في السودان، وفق المصدر نفسه.
يذكر أن النزاع القبلي كان تسبب في مناطق واسعة منذ بداية العام حتى سبتمبر، بمقتل 546 وإصابة 846 آخرين، إضافة إلى نزوح 211 ألف شخص، وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان “أوتشا”.
كما تم الكشف عن جثث متفحمة في النيل الأزرق خلال مواجهات 20 أكتوبر الماضي ووجود أكثر من 83 جثة متفحمة بمربع 11 بالقرية 4 بود الماحي في النيل الأزرق.
بدوره، أكد الصحافي المتخصص في شؤون دارفور محيي الدين زكريا، لـ”العربية.نت” مقتل أكثر من ألف شخص في حروب بولاية غرب دارفور وحدها منذ أشهر.
وأحصي زكريا، مصرع 220 شخصا في أحداث مدينة كريندق الأولى. كما ينوه إلى سقوط 68 قتيلاً في مواجهات بمدينة مستري بالولاية نفسها، زيادة على مقتل 124 شخصا في أحداث مدينة كريندق الثانية.
كما أظهرت إحصائيات مقتل 168 شخصا في أحداث منطقة الجبل، ومقتل 98 في أحداث جبل مون، بينما تعد أكبر حصيلة للقتلى في أحداث مدينتي كرينك 250 وكلبس 135 شخصا.
في نهاية أبريل ومطلع مايو، وجه حاكم دارفور مني آركو مناوي، انتقادات غير مسبوقة للأجهزة الأمنية في دارفور، واتهمها بـ”التواطؤ والتباطؤ، أو المشاركة” في الأحداث الدامية التي تشهدها عدد من المناطق في ولاية غرب دارفور ودعا لإصلاحها.
كما لم تفلح زيارة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو حميدتي استمرت نحو شهر ونصف خلال العام الجاري في إيقاف نزيف القتال في دارفور والحد من الصراعات الدائرة.