سلوك البرهان.. الرياضة والرماية… ما هي الرسائل؟
طبيب نفسي: سلوك البرهان ذكاء وجداني وعاطفي لإعطاء صورة القائد القوي
خبير استراتيجي: سلوك البرهان الرياضي لإثارة إعجاب جنود وضباط الجيش
خبير عسكري: سلوك البرهان لاستحسان منسوبي المؤسسة العسكرية
محلل سياسي: سلوك البرهان لتحفيز ورفع روح الجيش المعنوية
الخرطوم: محجوب عيسى
أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن سلوك ومواقف رئيس مجلس السيادة، القائد الأعلى للجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الجديدة، أنها ذكاء عاطفي ووجداني لظهور صورة القائد القوي، واستعراض الثقة في النفس وبناء ثقة الآخرين، وتعزيز الرضا لدى أفراد القوات المسلحة، علاوة على دفع الروح المعنوية للأفراد لتقبل فكرة أن البرهان رجلاً عادياً لا يميزه عنهم شيء.
وأثار خطاب البرهان، في زيارته لقواعد عسكرية بالعاصمة الخرطوم، تساؤلات عدّة بشأن لغته ومواقفه الجديدة، حيث قام البرهان بإحماء رياضي، في قاعدة المرخيات وخاطب العسكريين بلا مناسبة خاصة وبلغة حماسية حادّة، في قاعدة المرخيات، وأشار إلى أنه مستعدّ للقتال في سبيل السودان وأنه واقف في المنصة ومعه سلاحه الشخصي “مسدس” معبأ بالرصاص وجاهز لأي طارئ.
ذكاء وجداني وعاطفي
وصف استشاري الطب النفسي والعصبي البروفيسور علي بلدو، في إفادة لـ(اليوم التالي) السلوك الذي ظهر به رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في قاعدتي حطاب والمرخيات بأنه نوع عالٍ من الذكاء الوجداني والعاطفي في التعامل مع الآخرين وأنه استعراض الثقة في النفس وبناء ثقة الآخرين علاوة على إعطاء الصورة النمطية للقائد القوي المتماسك ذو لياقة بدنية عالية.
وبحسب بلدو أنه يعزز الشعور بالرضا لدى أفراد القوات المسلحة ولدى الأفراد عموماً ويبث روح الطمأنينة لدى العالم الخارجي، ولدى المواطنين بأن البلاد في أيدٍ أمينة وقوية، بجانب ملازمة الأفراد في الأنشطة التي يمارسونها، وأنه من ناحية مهنية يغري بالرغبة في التماهي مع الآخرين، الأمر الذي يخلق رابطاً روحياً ونفسياً بين الطرفين نتيجة للتقارب الحركي والذهني بما يقارب الروابط ويقوي العلاقة بينهم ويرفع الثقتهم.
ويقول الاستشاري إن الخطوة ترسل رسائل للآخرين مفادها أن القوات المسلحة على درجة عالية من الاستعداد وتعطي إشارات للعالم الخارجي بأن القوات المسلحة على درجة عالية من الجاهزية، ما يشعر الآخرين بالتردد وعدم القدرة على المقارعة وأنهم ضعاف في أي مفاوضات، ويضيف: كذلك يؤدي إلى الشعور بالإحباط لدى الآخرين وعدم الثقة.
وينوه إلى أن السلوك يغذي روح الثقة وعدم الانقسام والتشظي، ويعطي قوة دفع نفسية كبيرة وطاقة ذهنية إيجابية ضخمة.
وطبقاً لبلدو أن هذه المشاركة تحسب بأنها ذكية وتنم عن وعي نفسي وعقلي كبير ويمكن إدراجها في إطار الحرب النفسية على الآخرين والتي أصبحت تمارس في السودان بأوجه مختلفة وكثيرة وتعبر عن الأنماط والسلوكيات التي يتم التقاطها من القادة السياسيين وتندرج في إطار كسب الرضا في نفوس المواطنيين الذين أصبحوا متعطشين لمثل هذه الأشياء، وفق تعبيره.
إثارة إعجاب
إلا أن الخبير الاستراتيجي د. الفاتح عثمان يقول لـ(اليوم التالي) إن ظهور رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وهو يؤدي بعض التدريبات الرياضية أو تلك التي يستخدم فيها السلاح في تمارين الرماية، موجهة في الأصل للجنود والضباط في الجيش السوداني لجهة أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي اختار التمترس خلف قواته يرغب في حشدها خلفه الأمر الذي يتطلب إثارة إعجابهم بقدراته كعسكري متميز خاصة وأنه من أفضل الضباط في مجال فنون الرماية.
حالة تيه
غير أن الخبير في الشؤون العسكرية عمر أرباب يعتقد في إفادة لـ(اليوم التالي) أن الفريق أول ركن البرهان يعيش حالة من التيه وفقدان البوصلة، نتيجة للعجز عن تشكيل حاضنة سياسية ولا يملك إلا الاحتماء بالمؤسسة العسكرية.
ويضيف: لذا فإن كل لقاءاته وخطاباته لا تكون إلا داخل أسوارها لكسب تأييدها والقيام بأعمال يعتقد بأنها ستجد استحسان منسوبيها، وزاد: والذي يغيب عن ذهن الرجل أن المؤسسة العسكرية لا تدين بالولاء لشخص بدليل أن قائدها العام لثلاثين عاماً يقبع في السجن الآن.
تحفيز معنوي
ومن جهته يرى المحلل السياسي عبد القادر محمود تصرفات الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بالإشارة إلى مسدسه وهو يتحدث إلى جمع من القوات المسلحة في قاعدة حطاب يمكن فهمها في سياق التحفيز المعنوي لأفراد وجنود القوات المسلحة وللدلالة على أن البرهان نفسه يحمل مسدساً كغيره من أفراد الجيش وهذا من طبيعة المهنة العسكرية.
ويقول عبد القادر في حديثه لـ(اليوم التالي): كذلك يريد البرهان أن يرفع من معنويات جنوده بإشعارهم أن القائد الأعلى للقوات المسلحة يمارس حياته مثلهم تماماً، وذلك من أجل خلق كاريزما للقائد وسط جنوده خاصة وأن هنالك بعض الململة التي ربما تفضي إلى تمردات داخل المؤسسة العسكرية.
واعتبر محمود ممارسة البرهان لبعض التمارين الرياضية تدخل في صميم عملية دفع الروح المعنوية لأفراد الجيش، ومن ثم تقبل فكرة أن البرهان رجل عادي لا يميزه عنهم شيئاً سوى التراتبية العسكرية، لكن هنالك من يرى على عكس ذلك، باعتبار أن هذه التصرفات لا تخلو من تخوف القيادة من حدوث اختراق داخل المؤسسة العسكرية ضد القيادات العسكرية التي اتخذت من القصر الجمهوري مقراً لها لإدارة شؤون الدولة السياسية جعلت أفراد الجيش يحسون بعدم وجود القائد الملهم القريب من وجدانهم العسكري وأن السيد البرهان والقيادات الأخرى بانشغالها في الأمور المدنية أصبحت أقرب إلى (الملكية) والتي لا تتسق معها الروح العسكرية في كثير من الأحيان، سيما وأن الفرد في مؤسسة الجيش يتربى على الشجاعة والمروءة والبسالة والتواضع، والجيش يمثل صمام أمان الشعوب في أمنها واطمئنانها، وفي السودان يميل أغلب الناس إلى الجيش مقارنة بغيره من المؤسسات الأمنية، وذلك لأن أفراد الجيش ضباطاً وضباط صف يتميزون بصفات (الرجل الحمش).
لغة حماسية
وفي وقت سابق قد أثار خطاب رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان أمام مئات من قياداته وعناصره في قاعدة حطاب العسكرية شمالي الخرطوم، تساؤلات عدّة بشأن لغته ومواقفه الجديدة.
وخاطب البرهان العسكريين بلا مناسبة خاصة وبلغة حماسية حادّة، وأشار إلى أنه مستعدّ للقتال في سبيل السودان وأنه واقف في المنصة ومعه سلاحه الشخصي (مسدس) معبأ بالرصاص وجاهز لأي طارئ.
وقد كشف قائد الجيش، عن رصد جهات تحرض بعض الضباط بالجيش للقيام بعمل هدام، حسب قوله.
إحماء رياضي
وفي السياق ذاته خلال زيارته لقاعدة المرخيات شمال أمدرمان، قام البرهان بإحماء رياضي، وشدد أثناء حديث في القاعدة على عدم السماح لأي جهة بالتدخل في شؤون الجيش، مضيفاً: نحن منتبهين لبعض الجهات التي تعمل على تحريض بعض الضباط والعساكر للقيام بعمل هدام، نقول لهم أبعدوا من الجيش ولا تحرضوا الضباط.
وأكد أن أي شخص يتدخل في شؤون الجيش سنقطع يده ولسانه داعياً الإسلاميين إلى الابتعاد عن محاولة ركوب ظهر الجيش للوصول إلى السلطة.