بي بي سي: هل يمهد الاتفاق الجديد الطريق لتشكيل حكومة مدنية؟
يشهد السودان فصلا جديدا من فصول الانتقال السياسي في البلاد، بعد التوقيع على اتفاق “إطاري” بين قوى معارضة رئيسية وقادة الجيش يوم الاثنين 5 كانون الأول / ديسمبر، لبدء مرحلة يقودها مدنيون تنتهي بإجراء انتخابات.
ووقع نحو أربعين حزبا ونقابات مهنية على الاتفاق، من بينها قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي وفصائل مسلحة وأحزاب سياسية ذات توجهات مختلفة.
بينما وقع عن المكون العسكري قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو.
ويأتي الاتفاق بعد بضعة أشهر من إعلان البرهان أن الجيش سوف يبتعد عن السياسة ويترك المجال للاتفاق على حكومة مدنية.
كما أنه الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب بيان قوى الحرية والتغيير.
ورحبت الأمم المتحدة ودول عدة بالاتفاق، وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس إن توقيع الاتفاق هو “نتاج جهود متواصلة قامت بها الأطراف السودانية على مدى العام المنقضي لإيجاد حل للأزمة السياسية والعودة إلى النظام الدستوري”.
أهم بنود الاتفاق
تشكيل حكومة مدنية يرأسها رئيس وزراء بصلاحيات واسعة، بالإضافة إلى مجلس للسيادة برئاسة مدنية
يتولي الفريق عبد الفتاح البرهان منصب قائد الجيش بينما يتولى الفريق محمد حمدان دقلو منصب قائد قوات الدعم السريع
تشكيل مجلس تشريعي يكون فيه ممثلون عن الأحزاب ولجان المقاومة، مع منح المرأة 40% من نسبة المقاعد
تشكيل مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء، من بينهم وزراء الدفاع والخارجية والمالية
ضرورة محاكمة المتورطين في مقتل المتظاهرين وغيرها من الانتهاكات وعدم الإفلات من العقاب
تكون مدة الفترة الانتقالية سنتين تبدأ من تاريخ تعيين رئيس الوزراء
قضايا مؤجلة
أما الشق الثاني من الاتفاق، ويشمل قضايا عدة من بينها العدالة الانتقالية وإصلاح الجيش، فينتظر أن يتم الانتهاء منه “في غضون أسابيع”، وفق البيان.
وطالب ممثل الأمم المتحدة القوى السودانية بالبدء “فورا” في المحادثات بشأن الشق الثاني من أجل التوصل إلى اتفاق شامل.
أبرز المقاطعين
وأعلنت أحزاب سياسية وجهات نقابية عدة رفضها للاتفاق السياسي، من بينها قوى الحرية والتغيير مجموعة الكتلة الديموقراطية، حيث قاطعت جلسة التوقيع.
وأكدت بعض لجان المقاومة رفضها لأي اتفاق مع المكون العسكري، بينما اعتبرت تيارات سياسية أن أي اتفاق ثنائي لا يساعد على حل الأزمة السياسية في البلاد.
ودعا الناشطون المنادون بالديموقراطية ويرفضون “أي تفاوض وأي شراكة” مع الجيش الى تظاهرات احتجاجا على الاتفاق.
واعترض على الاتفاق كذلك بعض قادة حركات التمرد السابقين الذين وقعوا في 2020 اتفاقا مع الجيش ودعموه عقب انقلاب العام الماضي.
وقال محمد زكريا الناطق باسم حركة العدالة والمساواة (متمردون سابقون في دارفور) إن “هذا اتفاق ثنائي وإقصائي” يستبعد أطرافا عدة.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “أن توقيع هذا الاتفاق ستترتب عليه نتائج سيئة” و”سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في الساحة السياسية”.
وانتقد الاتفاق كذلك مني مناوي أحد قادة حركات التمرد السابقة في دارفور واصفا إياه بأنه “أسوأ نموذج لسرقة الإرادة الوطنية”.
وأضافت قبل التوقيع على الاتفاق “لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يتضمن هذا الاتفاق والمسكوت عنه يثير القلق”، مشيرة الى أن الموقعين سيواجهون على الأرجح “أزمة عند مناقشة إصلاح قطاع الأمن والعدالة الانتقالية”.
مسار المرحلة الانتقالية
الاتفاق الذي طال انتظاره، مر بمراحل عدة قبل الوصول إليه، إذ أن وثيقة تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين عقب إطاحة الجيش بنظام عمر البشير، بعد ثورة شعبية في أبريل عام 2019، لم تنجح في العبور بالمرحلة الانتقالية خلال السنوات الثلاث الماضية.
وشهد مسار العملية السياسة أحداثا كثيرة، لكن نقطة التحول الأبرز كانت في 25 أكتوبر 2021، حين حلّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان المجلس والحكومة وأوقف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لفترة قبل وضعه قيد الإقامة الجبرية مع إعلان حال الطوارىء، ما اعتبره الشارع السوداني “انقلابا عسكريا” على خريطة طريق المرحلة الانتقالية بينما اعتبره البرهان بمثابة “تصحيح مسار”.
وتأتي التطورات السياسية الجديدة في ظل تدهور اقتصادي يعاني منه السودان، أحد أفقر بلدان العالم، بعد أن علقت الدول الغربية مساعداتها المالية.
وكانت تلك المساعدات قد تدفقت على الخرطوم، عقب الإطاحة بالرئيس البشير وتشكيل سلطات انتقالية واشترطت الدول الغربية عودة الحكم المدني لاستئناف مساعداتها.
هل يمهد الاتفاق الجديد الطريق لتشكيل حكومة مدنية؟
ما أبرز الإيجابيات وما أبرز السلبيات في الاتفاق؟
هل تؤثر القضايا المؤجلة على سير هذا الاتفاق؟
ما ضمانات تنفيذ الاتفاق حال رجوع أي طرف عن التزاماته؟
المصدر : بي بي سي