بعد التوقيع.. هل يتجاوز الاتفاق الإطاري التحديات؟
نبيل أديب: أهم تحديات الاتفاق استخدامه للانفراد بالسلطة
عادل خلف الله: الاتفاق وفر كل أسباب التعسر والفشل
الساعوري: أبرز تحديات الاتفاق تشكيل الحكومة ومعرفة برنامجها
الخرطوم: محجوب عيسى
كشف متحدثون لـ(اليوم التالي) عن عدد من التحديات التي تواجه الاتفاق الإطاري الذي وقع بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، أبرزها القضايا العالقة وتكوين الحكومة، والاتفاق على قانون الانتخابات بجانب وجود مجموعات سياسية رافضة للاتفاق وغياب آلية لدمجها.
ورهنوا انضمام المجموعات الرافضة بطرح الاتفاق للحوار بشكل يسمح بالاتفاق على إعلان سياسي وترتيبات دستورية ترى المكونات رؤاها حول الفترة الانتقالية، وحكموا على الاتفاق بالفشل ولن يكمل التسوية في حال طرح لتمرير أجندة طرف واحد.
قضايا عالقة
يقول الخبير السياسي البروفيسور حسن الساعوري، إن الاتفاق الإطاري به خمس نقاط أساسية لم تحسم ما يعني أنه اتفاق جزئي وأن الاتفاق الكلي لم يتم بعد حتى حسم القضايا ويظل الخلاف مستمراً.
وأوضح الساعوري لـ(اليوم التالي) أن التوقيع الجزئي مجرد حسن نوايا وتوقيع حول مبادئ عامة وليس اتفاقاً نهائياً، مرهون بالنقاط الشائكة العالقة.
وبحسب الساعوري أن التحديات التي تواجه اتفاق الإطار السياسي، تتمثل في بداية الفترة الانتقالية المحددة بـ24 شهراً والاتفاق حول رئيس الوزراء ومواصفاته، بجانب حسم القضايا العالقة وتشكيل الحكومة الجديدة ومعرفة البرنامج، علاوة على الاتفاق حول قانون الانتخابات، وأضاف: في حال لم تحسم تظل الأمور شائكة.
مشيراً إلى أن المجموعة التي لم توقع جزء من الحرية والتغيير المركزي شكلت تحالف الكتلة الديمقراطية، ولم يوقعوا ولم يعترفوا.
وشدد على ضرورة وجود اتفاق إطاري يقرب وجهات النظر سيما وأن الاتفاق الذي وقع يباعد بين الجناحين، وأضاف: أي اتفاق لا يقرب الطرفين لا أتوقع أن ينفذ وتظل الأوضاع كما هي وتظل الحكومة موجودة إلى تشكيل حكومة جديدة.
انفراد بالسلطة
ولم يذهب رئيس لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة والولايات، المحامي نبيل أديب بعيداً، وقال إن الاتفاق مجرد إطار ويتوجب الاتفاق على التفاصيل التي تجعل منه اتفاقاً بين القوى الوطنية الراغبة في التحول الديمقراطي.
ويرى نبيل في تصريح لـ(اليوم التالي) أن التحديات التي تواجه الاتفاق تتمثل في استخدامه للانفراد بالسلطة لأن ذلك سيؤدي إلى انشطار القوى المفروض أن تكمله.
وقال: أعتقد أنه في حال تم طرح الاتفاق للحوار بشكل يسمح بالاتفاق على إعلان سياسي وترتيبات دستورية ترى المكونات المذكورة فيها رؤاها حول الفترة الانتقالية فإن القوى الأخرى ستنضم للحوار، وأضاف: وفي حال طرح بشكل يسمح بتمرير أجندة طرف واحد فإنه سيكون محكوماً عليه بالفشل، ولن يكمل التسوية لوجود تفاصيل عديدة.
وشدد أديب على ضرورة أن يتم التوافق بين القوى المدنية حول الترتيبات الدستورية الجديدة وتسليم السلطة للأجهزة الحاكمة وفق هذه الترتيبات.
وتابع: وهذا لا يوفره الاتفاق الإطاري، أو اتفاق طرفين، ولتحقيق ذلك يلزم اتفاق المكونات الأساسية للجسم السياسي للمجتمع السوداني حتى يتم التقدم للأمام وإنهاء الأزمة.
تناقض رؤى
غير أن المحلل السياسي أستاذة العلوم السياسية بالجامعات السودانية، د. ابتهال بابكر تقول لـ(اليوم التالي) إن التوقيع على الاتفاق السياسي الإطاري، ما هو الا بداية لأزمة جديدة ولا يعتبر حلاً للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، وذلك لوجود تحديات منها وجود مجموعات سياسية رافضة للاتفاق ولم توافق على التوقيع، وغياب آلية لدمجها في الاتفاق، الأمر الذي يقودها لمعارضة العملية التوافقية السياسية خلال المرحلة المقبلة، بجانب الرفض الواسع من قبل الشارع، وقطاعات كبيرة للاتفاق باعتبار أنه لا يرضي الآمال والطموحات الشعب ولا يحقق الأهداف التي من أجلها قامت الثورة، فضلاً عن التناقض الكبير بين الرؤى السياسية والاختلاف بين المجموعات في إدارة المرحلة القادمة والتعامل مع المكون العسكري، لجهة أنه لا يوجد اتفاق بالحد الأدنى بين المجموعات السياسية المختلفة، وغياب التخطيط السليم والرضا بين الأطراف وعدم إدماج أغلب المجموعات السياسية.
وطبقاً لبابكر فإن سر نجاح أي اتفاق سياسي يكمن في موافقة كل الأطراف أو الغالبية العظمى منها بالإضافة إلى الرضا العام عن الاتفاق وهذا ما لا يتوفر في هذا الاتفاق.
إرادة سياسية
فيما يرى الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله أن أبرز التحديات التي تواجه الاتفاق الإطاري، غياب الإرادة السياسية، القادرة على إحداث مطلوبات الانتقال والاستقرار، سواء في مضمار إزالة تمكين نظامي الإنقاذ و25 أكتوبر، أو إصلاح اقتصادي، يوقف التدهور ويرفع المعاناة ويحقق مبدأ الخزانة الواحدة وولاية وزارة المالية على المال العام، بالإضافة إلى الإصلاح الأمني والعسكري والخدمة المدنية، السلام، العدالة، والمنظومة العدلية والحقوقية.
ويقول خلف الله لـ(اليوم التالي) إن الاتفاق بهذا المعنى وفر كل أسباب التعسر والفشل، ويعيد للأذهان اتفاق حمدوك ـ البرهان، وإن النجاح المتوقع خارج صندوق التسوية.
وفي الوقت ذاته جدد تمسكهم بإسقاط الانقلاب عبر أوسع جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير لإعلان الإضراب السياسي والعصيان المدني، لتحقق الانسجام اللازم لتحقيق الاستقرار، وإحداث التحول الديمقراطي وحمايته، وتوفير قاعدة اجتماعية وسياسية واسعة تصلب مواقف الإرادة السياسية لإنجاز مطلوبات الانتقال والتغلب على صعابه، ووضع ركائز البديل الديمقراطي الذي يوفر أجواء مواتية للإدارة السلمية لتداول السلطة والصراع السياسي والاجتماعي.
خلافات رئيسة
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي الفاتح عثمان أن القضايا الخلافية الرئيسة التي تمثل محور الخلاف بين العسكر وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، بل سبق أن تسببت بانقلاب العسكر على شركائهم السابقين المجلس المركزي أبرز تحديات الاتفاق الإطاري.
وشرح عثمان لـ(اليوم التالي) القضايا تضم اتفاقية جوبا لسلام السودان التي تشتمل على ألغام قابلة للانفجار، مثل مسار الشرق إضافة لهيكلة القوات النظامية والعدالة الانتقالية وتفكيك تمكين النظام السابق.
وقال إن هذه القضايا تكفي واحدة منها لتفجير الاتفاق الإطاري إن لم يتحلَّ الطرفان بالمسؤولية ويقدمان تنازلات متبادلة وكبيرة، سيما وأنه يستحيل إنجاز التوافق السياسي دون استصحاب غالب القوى السياسية السودانية عدا المؤتمر الوطني وأنه أمر يتطلب من المجلس المركزي أن يتحلى بالمرونة السياسية لتنجح في المضي قدماً بعملية الانتقال لتفضي الى حكومة منتخبة في غضون عامين.
ووصف الاتفاق الإطاري الذي تم الاتفاق عليه بين التغيير المجلس المركزي والمكون العسكري إنجاز كبير لأنه يفتح الباب واسعاً أمام حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية، واستدرك قائلاً إن ما تم إنجازه مع أهميته لا قيمة له إن لم يكن الطرفان مستعدان لتقديم تنازلات كبيرة وراغبين في التعاون مع كل القوى السياسية في السودان عدا المؤتمر الوطني لأن الفترة الانتقالية بطبيعتها تتطلب حكمة كبيرة وأن الكل يطالب بنصيبه من دون وجود ميزان يحدد الأوزان السياسية لكل حزب سياسي في غياب الانتخابات.
وطالب الأطراف الموقعة بإعطاء لجان المقاومة حقها في التمثيل خاصة في المجلس التشريعي.
أهم البنود
وكان قد وقع المكون العسكري، وأكثر من 40 مكوناً مدنياً وسياسياً، من مكونات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وعدد من الأحزاب والتنظيمات والتجمعات المهنية والحركات والمسلحة، على الاتفاق الإطاري للفترة الانتقالية، بحضور إقليمي ودولي والآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد.
وأن أهم البنود التي نص عليها الاتفاق أن يكون رئيس الدولة القائد العام للجيش، واختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة، تنظيم انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين، بالإضافة إلى بداية الفترة الانتقالية منذ لحظة تعيين رئيس وزراء، وتعيين مدير جهاز المخابرات من صلاحية رئيس الوزراء، وإطلاق عملية شاملة لكشف الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، علاوة على التأكيد على جيش وطني موحد مهني، ودمج قوات الدعم السريع ضمن الجيش، وأن قوات الأمن تتبع لوزارة الداخلية، والالتزام بمبدأ تجريم الانقلابات العسكرية، ويمنع على الجيش والأمن والمخابرات ممارسة الأعمال الاستثمارية، فضلاً عن الاهتمام بقضية الشرق والحرص على المشاركة السياسية، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، واعتماد سياسة خارجية متوازنة تلبي مصالح البلاد، ووقف التدهور الاقتصادي في البلاد.