يمارسون داخلها الرذيلة والقمار وتعاطي الكحول والمخدرات.. مدرسة بنات بالحاج يوسف تتحول إلى وكر للعصابات ليلاً!
متفلتون يستبيحون مدرسة (أصفياء بدر) للبنات
(114) تلميذاً يتيماً بمدرسة (أبوبكر الصديق) يعانون ظروفاً مأساوية
(140) تلميذاً من الأسر الضعيفة بدون زي مدرسي!
سؤال لمحلية شرق النيل.. لماذا كل هذا الطناش من هاتين المدرستين الفضيحة؟!
تحقيق ــــ التاج عثمان
**ضمن سلسلة الحلقات التحقيقية لـ(الحراك) والتي تكشف الحال السيئ لبعض مدارس ولاية الخرطوم تناولنا الحال السيئ وغير اللائق الذي ترزح تحته مدرسة (عثمان بن مظعون) بمنطقة الشعبية شمال بالخرطوم بحري المهددة بالانهيار والسقوط فوق رؤوس التلاميذ لتصدعها .. ومن خلال الحلقة الثانية تناولنا الأوضاع السيئة والمخجلة لمدرسة (الثورة موبي) بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة والتي لم نجد وصفا مناسبا لها سوى وصفها بـ(المدرسة الفضيحة) .. كما تناولنا في الحلقة الثالثة بصفحة (حضرة المسؤول) الأحد (4) ديسمبر المدرسة التي تسكنها الثعابين فتحولت إلى مستعمرة لها تروع التلاميذ والمعلمات وهي مدرسة الحلفاية مربع (7) الابتدائية للبنين .. ومن خلال هذه الحلقة الرابعة انتقلت لمدرسة (أبوبكر الصديق) الابتدائية للبنين بالحاج يوسف الوحدة حي البركة ـ كرتون كسلا سابقاً ـ والتي وجدتها أسوأ من سابقاتها لاستباحتها بواسطة المتفلتين ليلا والذين يتخذون منها وكرا لممارسة الرذيلة والميسر وتعاطي الخمور والمخدرات وكل الموبقات الأخرى التي يعف القلم عن ذكرها ووصفها .. كما نستعرض الحال السيئ لمدرسة (أصفياء بدر للبنات الابتدائية) المجاورة لها عبر هذا التحقيق الميداني**
أبوبكر الصديق
مدرسة (أبوبكر الصديق الابتدائية للبنين)، تقع بمنطقة الحاج يوسف الوحدة، حي البركة مربع (1)، (كرتون كسلا) سابقا..تجولت داخل المدرسة لأكثر من ساعة وحالتها حقيقة يرثى لها من الإهمال والنسيان وعدم الصيانة.. بها (8) فصول، و(347) تلميذا، و(12) معلماً ومعلمة.. الصفان الرابع والثامن في الجزء الشمالي من المدرسة ملجنان لا يصلحان للدراسة ويحتاجان لصيانة كاملة.. والصف الثاني متوسط عرشه (طائر) وبه شقوق وتصدعات في حوائطه وهو ملجن ايضا ووضعه الحالي خطر على التلاميذ، ففي الخريف تتسرب مياه الأمطار لداخل الفصول وتبلل وتتلف كراسات وكتب التلاميذ، فالسقوفات زنك شديدة الحرارة صيفا في ظل عدم وجود مراوح لسرقتها بواسطة اللصوص.. وتقريبا حسب جولتي داخل المدرسة (المهملة) فإن كل الفصول تحتاج لصيانة وترميم وبياض داخلي وخارجي ومعالجة الشقوق والتصدعات في الحوائط الداخلية..لاحظت من خلال جولتي الميدانية أن كل سور المدرسة من الإتجاهات الأربعة منهار تماما ويحتاج لتعلية وترميم.. مدير المدرسة الأستاذ (فضل حسن يوسف عائش) كشف معلومة خطيرة وممارسات غريبة تحدث بالمدرسة ليلا، بقوله:
“كما تلاحظ بنفسك أن سور المدرسة من كل الجهات منهار وتساقط طوبه ولذلك فإن بعض المتفلتين يدخلون عصر كل يوم بعد إنتهاء اليوم الدراسي وانصراف التلاميذ ويتخذون من المدرسة وكرا لتعاطي الخمور والمخدرات والحبوب ولعب القمار وممارسة الدعارة داخل حرم المدرسة.. حيث إن السور المتهدم يجعلهم يدخلون ويخرجون بسهولة للمدرسة، مع عدم وجود خفير والذي يفترض تعيينه بواسطة محلية شرق النيل.. وسبق أن تعرضت المدرسة للسرقة حيث كسر اللصوص مكتب المعلمين وسرقوا مواد غذائية مختلفة، (عدس ـ أرز)، كانت تتبع لشركة (مروج) والتي كانت تقدم وجبة إفطار يومية للتلاميذ عبارة عن: (عدس ـ فول مصري)..ايضا تمت سرقة (5) مراوح سقف خاصة بالفصلين الأول والثامن بجانب مكتب المعلمين، ولذلك كل فصول المدرسة الآن بدون مراوح عدا مروحة واحدة بمكتب المعلمين، بينما مكتب المعلمات بلا مروحة والتلاميذ يعانون في الصيف من درجة الحرارة العالية داخل الفصول، والسرقات المتكررة لعدم وجود سياج او شبك او سيخ بنوافذ الفصول لمنع اللصوص من الدخول.. ورغم أن مكتب المعلمين مغلق بثلاث طبل كبيرة إلا أن اللصوص نجحوا في كسرها والتسلل لداخل المكتب.
ولعدم وجود سور بالمدرسة والتي تعد أكبر مدرسة بحي (البركة) جعل أولياء الأمور لا يلحقون أبناءهم بها لإنعدام الأمن خاصة استباحة المتفلتين لها بعد العصر وليلا.. بل إن المتفلتين الذين ينهبون ويخطفون الموبايلات عند مطاردتهم يكون ملاذهم الوحيد المدرسة ويهربون بغنيمتهم عبر السور المهدم ويخرجون من الناحية الغربية من المدرسة دون أن يلحق بهم أحد.. يساعدهم على ذلك الظلام الذي تعاني منه المدرسة ليلا فهي بدون أي إضاءة.. وعند قيام مبارة كرة قدم بالميدان الواقع شرق المدرسة يصطف المتفرجون على السور الشرقي لمشاهدة المباراة ما تسبب في تهدمه، ويقومون بالتبول داخل حرم المدرسة.. وبعد عدة شكاوى زار المدير التنفيذي لمحلية شرق النيل المدرسة قبل حوالي شهر ووقف بنفسه على الحال السيئ للفصول والسور المتهدم وصدق للمدرسة ببعض مواد الصيانة عبارة عن (7500) طوبة حمراء وهي لا تكفي لرفع السور، بجانب عدد من أكياس الأسمنت، ولذلك استنفرنا الجهد الشعبي لإعادة بناء الفصول والسور..كما تعاني المدرسة من فاتورة الكهرباء حيث نستهلك كهرباء بمبلغ (30) ألف جنيه شهرياً.
التلاميذ الأيتام
اشكالية مؤلمة وقفت عليها أثناء زيارتي للمدرسة، وهي مشكلة التلاميذ الأيتام، فمدرسة (أبوبكر الصديق الابتدائية للبنين) تعد أكثر مدرسة تضم داخل فصولها أطفالا ايتام، حيث يبلغ عددهم (114) تلميذا يتيما، وبقية التلاميذ ليسوا بأفضل حالا منهم فمعظمهم إن لم يكونوا كلهم من الأسر الضعيفة.. كما وقفت على حقيقة أخرى مؤلمة حيث إن معظم تلاميذ المدرسة سواء الأيتام او غيرهم يخرجون من منازلهم صباح كل يوم بدون حق الفطور، أي أنهم يقضون أكثر من (5) ساعات داخل المدرسة فكيف يستوعبون الدروس وهم جوعى بطونهم خاوية اللهم إلا من الماء؟!!.. وأحيانا يقوم المدير والمعلمون بتقديم ساندوتشات من إفطارهم الخاص، وكما علمت أن مدير المدرسة يطلب من ستات الفطور إعطاء التلاميذ خاصة الايتام ساندوتشات عند فسحة الفطور على أن يحاسبهم آخر الشهر من حسابه الخاص رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الجميع حاليا.. ونتمنى أن يلتقط أهل الخير واصحاب القلوب الرحيمة والمنظمات الطوعية العاملة في مجال الأطفال الايتام والأسر الضعيفة إلتقاط قفاز هذه المأساة وتقديم وجبة إفطار مجانية لهؤلاء التلاميذ الايتام وغيرهم حتى ولو كانت بليلة عدسي او طعمية، فحرام تركهم يتضورون جوعا طيلة اليوم الدراسي، وكما أفصح لي أحد التلاميذ الأيتام أنهم عندما يعودون لمنازلهم ايضا لا يجدون شيئا يؤكل بالمنزل إلا نادرا ولذلك يكتفون بالخبز الجاف المبلل بالماء الساخن وقليل من الزيت وشرائح البصل لو وجدت!!
كما لاحظت أن عددا كبيرا من تلاميذ المدرسة لا يرتدون الزي المدرسي وعددهم حوالي (140) تلميذا، وحتى التلاميذ الذين يرتدونه فهو قديم وممزق من الأعوام السابقة.. والمأساة الكبرى التي وقفت عليها داخل هذه المدرسة (البائسة)، أن (8) تلاميذ بالصف السادس لا يستطيعون سداد رسوم الإمتحانات الشهرية البالغة (ألف) جنيه، وهي عبارة عن مبلغ (800) جنيه رسوم الإمتحان الشهري ويشمل تكلفة تصوير وطباعة الإمتحانات، و(200) جنيه قيمة نتيجة الإمتحان الورقية.. وللأسف معظم أولياء أمور التلاميذ لا يستطيعون سداد هذا المبلغ الضئيل، ولهم حق فهم من الأسر الضعيفة، خاصة أن هناك مساهمة سنوية كان يدفعها مجلس الآباء لمواجهة مثل هذه المنصرفات لكنها توقفت بسبب الحال البائس الذي تمر به بلادنا حالياًس.
أصفياء بدر
(مدرسة أصفياء بدر الابتدائية للبنات) والتي تستضيف المدرسة المتوسطة بنات، تقع جوار مدرسة (أبوبكر الصديق الابتدائية بنين) بالحاج يوسف الوحدة حي البركة مربع (1)، لا يفصل بين المدرستين سوى سور طوبي منهار، والمدرستان كما ذكرت سلفا تتبعان لمحلية شرق النيل.. بها (8) فصول، و(529) تلميذة.. جولتي داخل فصول مدرسة البنات كشفت لي أنها تعاني من نقص حاد في الإجلاس،ولمعالجة ذلك تم تحويل (20) من الوحدات التي كانت تكتب عليها التلميذات وتحويلها لكنب لجلوس التلميذات، وبالتالي أصبحن يكتبن على أرجلهن، ورغما عن ذلك هناك نقص كبير في الإجلاس، وفي مكاتب المعلمات حيث يوجد بالمدرسة مكتب واحد فقط للمعلمين ويفترض وجود (3) مكاتب..مديرة المدرسة الأستاذة (أماني إبراهيم أرباب) قالت لي ونحن نتجول داخل المدرسة:
“نعاني باستمرار من تعدي بعض الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس على المدرسة بقذفهم فصول التلميذات بالحجارة، وبسبب ذلك سبق ان أصيبت تلميذة تدرس بالصف الثاني في عينها، كما أصيبت معلمة بحجر في يدها، ولذلك عملنا تشبيكاً للنوافذ.. كما أن سور المدرسة تهدم تماما ويحتاج لتعلية بينما السور الشرقي آيل للسقوط..وبعض الفصول تحتاج لإعادة تأهيل خاصة الفصلين الأول والثاني يحتاجان لأرضية.
وبسبب انهيار سور المدرسة فإن بعض المتفلتين يدخلون المدرسة يوميا بعد انصراف التلميذات ويقضون الليل بأكمله داخل المدرسة يتعاطون الخمور والمخدرات ويمارسون الرذيلة ويلعبون الميسر داخل حرم المدرسة، ومنهم أفراد من عصابات (تسعة طويلة) يحملون السواطير وأعمارهم فوق الثلاثين، فهم حقيقة استباحوا حرم المدرسة ليلا لعدم وجود سور وانعدام الإضاءة، فالمدرسة بلا كهرباء وقطعنا في كهربة المدرسة خطوات كبيرة فقط تنقصنا اللمبات والمراوح للفصول ولمكتب المعلمات، خاصة أن الفصول مكتظة بالتلميذات فالفصل الواحد به (75) تلميذة.. وهناك نقص في الكتاب المدرسي، ولمعالجة النقص أقوم بتصوير وحدة كاملة من الكتاب لعدم وصول كتب المقرر الجديد، وهي مشكلة فنية عامة بكل المدارس”.
*المحرر
مدرسة (أصفياء بدر) الابتدائية للبنات والتي كما ذكرت المديرة تستضيف المدرسة المتوسطة بفصولها المتصدعة وسورها المتهدم تحتاج لإعادة تأهيل عاجلة فوضع فصولها المتصدعة الجدران والسقوفات خطر على التلميذات.. كما أن سورها يحتاج لتعلية بارتفاع (3) أمتار واحاطته بسلك شائك بارتفاع متر ونصف المتر على الأقل، لأن السور بوضعه الحالي يشكل خطورة بالغة على التلميذات من الصبية المتفلتين الذين استباحوا حرم المدرسة واتخذوها وكرا لممارسة الموبقات ومعبرا لعبور المنطقة من الشرق للغرب.
استباحة المتفلتين وعصابات (تسعة طويلة) للمدرستين موضوع التحقيق يمثل خطورة بالغة على التلاميذ والتلميذات , ويعد امتهاناً لحرمة هاتين المدرستين بل ولكل مدارس الولاية، وعيب كبير يلحق بمحلية شرق النيل المسؤولة عن المدارس، فرغم أن المحلية على علم بحال المدرسة السيئ واستباحتها من جانب العصابات المتفلتة وبعض ضعاف النفوس إلا أنها لم تحرك ساكنا لمعالجة الأمر بل ضربت (طناش) وكأن الأمر لا يعنيها.. فالطوب والأسمنت الذي جلبته لتعلية السور لا يكفي لواجهة واحدة منه، خاصة أننا نعلم أن صيانة المدارس مسؤوليتها،وعليها وبمساعدة الخيرين من أبناء ورجالات المنطقة التضافر معا لإعادة تأهيل هاتين المدرستين (الفضيحة).. بجانب توفير وجبة إفطار وزي مدرسي للتلاميذ والتلميذات الأيتام وسد النقص في الاجلاس وإضاءة المدرستين.