مصطلح اقتصاد الكفاية.. بين النظرية والتطبيق معالجات للأزمة
تعيش البلاد أسوأ الاقتصاديات مقارنة بدول الجوار وغيرها، حيث ظهر ذلك مع تقدم السنوات إذ ما زالت الأزمة الاقتصادية تبارح مكانها، ربما تغييب الإرادة السياسية والوطنية واحدٌ من التحديات الجسيمة التي كانت سبباً في تشعيب الأزمات في الملف الاقتصادي بشكل كبير، ولمعرفة المزيد حول المخارج من خضم المشكل الاقتصادي، تناول مراقبون بالكشف عن واحد من المصطلحات الاقتصادية وهو (اقتصاد الكفاية) نظرية وتطبيقاً سيما في الدول النامية، وعلى ماذا يعتمد تطبيقه وماذا تعني دلالاته وحجم الاستفادة منه على أرض الواقع..؟؟!
اقتصاد الكفاية
ونسبة لما أكد عنه مراقبون أن اقتصاد الكفاية يعد أبرز المصطلحات الحديثة الذي ظهر في خضم الأزمات الاقتصادية المعاصرة والتي تعاني منها معظم الدول في السنوات الأخيرة، لافتين إلى أن هذا المفهوم بدأ في قارة آسيا، وظل من أهم القوالب الاقتصادية الداعمة لقطاعات كبيرة على الصعيد الخاص، وقالوا إنه داعم على المستوى العام في زيادة التنمية وذلك من خلال تحريك قدرات الدولة للموارد الزراعية والصناعية، مشيرين إلى أن هناك تراجع كبير جداً في اقتصاديات الدول النامية بسبب ضعف السياسات الاقتصادية، معتبرين أن السودان واحد من منظومة الدول النامية، مؤكدين أنه يعاني كثيراً من العقلية الذهنية التي تشرف على إدارة المشروعات الاقتصادية، منوهين إلى أن غياب المعلومة في دراسة الجدوى ووضع خارطة قيمية للمشروعات الاقتصادية الحديثة هما من أبرز المشكلات التي تواجه الاقتصاد القومي.
المزايدات السياسية
وتنظر ممثلة مركز ريادة الأعمال والابتكار والاستشارية بكلية بحري الأهلية الدكتورة إشراقة حسن محمد إلى أن مفهوم اقتصاد الكفاية من منظور تاريخي، قائلة: إن اقتصاد الكفاية هو مفهوم فيه الكثير من المشكلات والمعضلات، وأضافت أنه بدأ في دولة تايلاند، ثم انتشر في جميع الدول الآسيوية النامية التي تقدمت وتطورت كثيراً في الاقتصاد، وأكدت أن مجموعة من العلماء والخبراء الاقتصاديين أطلقوا عليه (فلسفة اقتصاد الكفاية)، وتابعت: هي نظرية تقوم وتعتمد على بناء أسلوب إنتاجي من السلع الغذائية والزراعية في الريف، ومضت بالقول إنه أسلوب مرتبط بالمعلومة في دراسات الجدوى بشكل أساسي على الادخار والمخزون، مشيرة إلى أن دولة تايلاند من أوائل الدول الآسيوية التي قامت بتطبيق مفهوم اقتصاد الكفاية في عدد (123) قرية، مبينة أن هذا النوع من الاقتصاد يرتكز على ثلاثة مكونات أساسية متمثلة في العقلانية والحكمة، والتواضع والحذر، فيما تمثل المعرفة والأخلاق المكون الثالث في هذه المنظومة، ونوهت إلى أن الاحتكار والإسراف من أكبر الإشكالات والمهددات التي تواجه اقتصاد المعرفة، وأكدت أن هذا الإسراف في الاستهلاك خلق إشكالات كبيرة حتى على مستوى الاقتصاد الكلي، أما الإشكال والمهدد الثاني هو دخول المزايدات السياسية في إنتاج الحبوب.
التنمية والتطور
بينما تعتبر د. إشراقة في حديثها أثناء منتدي نظمه مركز راشد دياب حول (اقتصاد الكفاية) أمس الأول، أن الرفاهية والرخاء من أكبر التحديات التي تواجه اقتصاد الكفاية، وشدد على ضرورة تقليل الرفاهية وذلك باستخدام الحد الأوسط منها، أما التحدي الثاني، فأشارت إلى الطبيعة بالنظر للتغيرات المناخية الكبيرة التي تحدث، وترى أن هذه التغيرات هي نقيض لاقتصاد الكفاية، أما التحدي الثالث فهو الأجيال القادمة باعتباره من أكبر التحديات الكبيرة التي تواجه اقتصاد الكفاية وهو تحدٍ مرتبط بزيادة النمو السكاني المتسارع في السنوات القادمة، فيما تمثل المساواة التحدي الرابع والأكبر، وبالنسبة للخروج من هذا المأزق قالت إنه يتمثل في كيفية ادخار الموارد الطبيعية وضبط القيم والمعايير في الاستخدام هذا إلى جانب الاتجاه إلى تفعيل البحوث العلمية، حيث أمنت على أن اقتصاد الكفاية يسهم بقدرٍ كبير في التنمية والتطور، داعية إلى ضرورة تغيير السلوك البشري للشخصية السودانية لجهة أن الشخصية السودانية متشبعة بعادات وتقاليد قد تعيق من تطور اقتصاد الكفاية.
خصائص ومميزات
إلى ذلك قال مدير فرع جامعة أم درمان الإسلامية محلية الدبة بالولاية الشمالية الدكتور معتصم سيد أحمد، إن مفهوم اقتصاد الكفاية هو مفهوم نسبي يختلف حسب اختلاف أفكار الشعوب وبحسب اختلافاتها، مشيراً إلى أنه يعطي الحد الأدنى من الكفاية، وقال إن اقتصاد الكفاية فيه الكثير من الخصائص والمميزات، أولاً أن المنزل يمثل المؤسسة الأساسية التي يمكن أن تقوم بتطبيق هذا المفهوم، إضافة إلى أن اقتصاد الكفاية يمكن أن يقوم على الحد الأدنى من المعينات، وكذلك أن هذا الاقتصاد يعتمد بشكل أساسي على اتجاهات الأفراد وهي اتجاهات مكتسبة في المقام الأول، هذا إلى جانب هذه الخصائص أن اقتصاد الكفاية يعتمد على الزراعة والأنشطة المرتبطة بها، ويعتقد أن مفهوم هذا الاقتصاد يمكن تطبيقه في السودان بكل سهولة، لافتاً إلى أن السودان يتمتع بإمكانيات ضخمة من الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أن الموارد الزراعية هي المحرك الأساسي في عملية التنمية في السودان، بيد أن السودان يحتاج إلى تضافر الجهود من القطاع الخاص والقطاع العام في تطبيق أكبر لمقومات اقتصاد الكفاية، ويرى الدكتور معتصم أن المخرج الوحيد للأزمة الاقتصادية في السودان يكمن في إعادة صياغة وبناء الشخصية السودانية مع توفر الإرادة الوطنية الخالصة حكومة وشعباً.