(صفقة ميناء أبو عمامة) .. هل تشعل صراع البحر الأحمر…؟

 

تقرير: سنهوري عيسى

 

رغم النفي المتكرر لتسريبات الصفقة من السلطات السودانية، إلا أنه وعلي نحو مفاجئ شهد القصر الجمهور الثلاثاء الماضي مراسيم التوقيع على (صفقة ميناء أبو عمامة) علي ساحل البحر الأحمر بين حكومة السودان

 

ممثلة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وهيئة موانئ أبوظبي ورجل الأعمال اسامة داؤود بمبلغ (6) مليارات دولار لتطوير وتشغيل وإدارة الميناء وإنشاء مشاريع زراعية وصناعية وطرق برية .

 

التوقيع المفاجئ علي الصفقة الاستثمارية الضخمة رغم النفي المتكرر للحديث عنها، وتزامن التوقيع عليها مع توقيع الاتفاق الإطاري بين المكون العسكري وقوي عين الحرية والتغيير المجلس المركزي بدعم الرباعية الدولية، وردود أفعال أصحاب المصلحة ونقابة عمال الموانئ حول

 

الصفقة طرح تساؤلات عديدة حول (صفقة ميناء أبو عمامة) .. في مقدمتها هل جاءت الصفقة نتاج لضغوط خارجية علي غرار ضغوط ( الاتفاق الإطاري) .. وهل ستشعل الصفقة الصراع بالبحر الأحمر بين أهله (أصحاب المصلحة والسلطات) وبين القوي الدولية فيما بينها حول السيطرة على ساحل البحر الأحمر .. أم تنعش الاقتصاد السوداني…؟

 

الصفقة القنبلة

 

ويري خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون ، أن (صفقة ميناء أبو عمامة) من حيث المبدأ صفقة اقتصادية ضخمة ستؤثر إيجابا على الاقتصاد السوداني، ولكن بالمقابل

 

تحمل الصفقة قنبلة مفجرة للصراع الدولي حول السيطرة علي البحر الاحمر وأمنه، وستضع السودان في دائرة الصراع الدولي والاستقطاب الحاد ، كما ستشعل الصراع بشرق السودان بين الحكومة و أصحاب المصلحة

 

من مواطني الشرق ونقابة عمال الموانئ والذي تفجر في السابق مع نظام الرئيس عمر البشير حول صفقة الشركة الفلبينية مما أدى في النهاية إلى إلغاء الصفقة، وربما تواجه صفقة ميناء ابوعمامة ذات المصير ، خاصة وأن الاتفاق مبدئي وتم في ظل عدم وجود حكومة منتخبة وبرلمان منتخب لاجازتها، فضلا عن عدم استشارة أهل المصلحة.

 

اشغال الصراع بالبحر الأحمر

 

ويري دكتور حسن الساعوري المحلل السياسي والاستاذ بالجامعات السودانية، أن صفقة ميناء ابوعمامة علي ساحل البحر الأحمر بين الحكومة السودانية والإمارات العربية المتحدة ستشعل الصراع الدولي علي ساحل

 

البحر الأحمر بين القوى الدولية التي تريد السيطرة على البحر الأحمر، وتدخل السودان في دائرة الاستقطاب الحاد بين القوى الدولية وتؤثر على أمنه واستقراره، بحانب

 

إشعال الصراع بين أصحاب المصلحة في شرق السودان والحكومة السودانية حول مصلحة أهل الشرق من الصفقة وتاثيراتها على ميناء بورتسودان وأمن واستقرار

 

شرق السودان، وبالتالي ستواجه الصفقة رفض داخلي من أصحاب المصلحة ورفض خارجي من بعض القوي الدولية مما يؤدي إلى تفجر واشتعال الصراع علي ساحل البحر الأحمر بين القوى الدولية المشتعل في الأصل.

 

أطماع الامارات

 

وأكد دكتور الساعوري، أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها أكماع في السودان، وعمدت إلى تغليف صفقة ميناء ابوعمامة بجعله مشروع استثماري متعدد الأغراض بإضافة مشروع زراعي وصناعي وخدمي وطريق بري

 

لضمان لتحقيق اجندتها، فالهدف الأساسي للإمارات هو ( إنشاء الميناء وبناء قاعدة عسكرية إماراتية) في البحر الأحمر على السواحل السودانية، ولتمرير هذه الأجندة غلفت الامارات صفقة الميناء بمشروع زراعي وصناعي

 

وطريق بري لضمان الحصول على ميناء ابوعمامة علي ساحل البحر الأحمر والذي سيؤثر على ميناء بورتسودان سلبا، رغم تسويقه علي أنه مشروع استثماري متعدد الأغراض يركز على الإنتاج الزراعي والصناعي وإقامة البنيات التحتية من طرق ومياه وكهرباء ومدن سكنية وغيرها.

 

سباق وتكالب علي السواحل

 

وأكد دكتور الساعوري، أن هنالك سباق وتكالب من القوي الدولية للسيطرة على سواحل البحر الأحمر لتحقيق اجندتها مما يجعل السودان في دائرة الصراع الدولي، وبالتالي ستستمر حالة الاستقطاب وصراع الاطماع الدولية في السودان.

 

ومضى دكتور حسن الساعوري الي القول بأنه لكي لا يحدث الصراع الدولي ويصبح السودان جزءا منه او مسرحا له ، لابد من إشراك أصحاب المصلحة من أهل شرق السودان في المشروع وكشف تفاصيل الصفقة ومكاسبها لاهل المصلحة بانها توفر لهم فرص العمل

 

والخدمات والبنيات وتضمن لهم المراعي والعلف و توظف ابنائهم، حتي يدافع أصحاب المصلحة عن المشروع كونه مشروع استثماري واقتصادي وتنموي ضخم له مكاسبه لإنسان المنطقة، بدلاً من أن يقفوا ضده.

 

صفقة مبهمة

 

ونوه دكتور الساعوري إلي أن الاتفاق لم يكشف تفاصيل الصفقة.. هل هي شراكة بين السودان الإمارات، وهل هي استثمار لفترة زمنية محددة، وكيف سيتم تنفيذ المشروع .. هل عبر ضخ مليارات دولار، ام تمويل المشروع عبر (نظام البوت) الذي يقوم على (التمويل والتشغيل

 

والتمليك) وبالتالي ستؤول ملكيته لاحقا للسودان.. وما تأثير المشروع علي أصحاب المصلحة وعلي ميناء بورتسودان…؟ وغيرها من التفاصيل الغائبة التى تؤكد إنعدام الشفافية في الصفقة واخفاء الأطماع الإماراتية في إنشاء الميناء وبناء قاعدة عسكرية إماراتية بالبحر الأحمر.

 

إنعدام الشفافية في الصفقة

 

وفي السياق ذاته عضد دكتور محمد الناير من القول بانعدام الشفافية في صفقة ميناء ابوعمامة، حيث لم يتم طرح المشروع في عطاء عالمي للحصول على أفضل العروض والمزايا والمكاسب، كما لم يتم الكشف عن تفاصيل الصفقة هل هي شراكة بين السودان ودولة

 

الإمارات العربية المتحدة، أو مجرد مشروع استثماري ذو مدة زمنية محددة ، وكيف سيتم تنفيذ المشروع.. هل عبر التمويل المباشر .. أم (بنظام البوت) ليتم التمويل والتشغيل والتمليك وبالتالي يؤول المشروع إلي السودان بعد سداد التمويل، بجانب أنه لم يتم إشراك أصحاب المصلحة في شرق السودان.

 

ضرورة إشراك أصحاب المصلحة

 

ودعا دكتور محمد الناير، الحكومة السودانية الي ضرورة إشراك أصحاب المصلحة في شرق السودان في مشروع استثماري ضخم كمشروع ميناء ابوعمامة، لضمان لتحقيق مصالح مواطني الشرق وحماية حقوقهم، وكسبهم إلي

 

صالح المشروع بدلاً من دفعهم إلى مقاومته وتفجير الصراع بشرق السودان والبحر الأحمر وتغذية الأطماع الدولية في موارد وإمكانيات السودان، واخراج المشروع

 

الاستثماري من أهدافه المرجوة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الضخمة كاكبر مشروع استثماري متعدد الاغراض وبحجم تمويل يبلغ (6) مليارات دولار.

 

كسر حاجز الخوف

 

وفي السياق نفسه يري الاستاذ محمد نور كرم الله كركساوي الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية. لقوي الحرية والتغيير (تيار الوسط)، أن قيام ميناء ابوعمامة على البحر الأحمر عبر شراكة إماراتية سودانية يعتبر نقلة نوعية وخطوة جريئة لكسر حاجز الخوف

 

والجمود الاقتصادى الاستثمارى منذ قيام ثورة ديسمبر المجيدة فى ٢٠١٩ وحتى اليوم، كما ان هذا المشروع يعتبر ثانى أكبر مشروع يتم التوقيع عليه بعد مشروع الخط

 

الحديدى بين السودان تشاد، خاصة وأن المشروعان قد تم طرحهما منذ عهد حكومة د. عبدالله حمدوك لكن التردد والمشاكسة كانتا وراء تأجيل التوقيع عليهما .

 

إعطاء دفعة قوية للاقتصاد

 

واضاف: تكلفة مشروع ابوعمامة تبلغ ٦ مليار دولار ويبعد ٢٠٠ كيلو متر شمال مدينة بورتسودان، وسيعطي دفعة قوية للاقتصاد السوداني ويعود بفوائد لا حصر ولا عد لها على البلاد، خاصة وأن المشروع سيتم تزويده بأحدث ما

 

توصلت اليه التقنية الحديثة، كما أن المشروع يتضمن منطقة صناعية واخرى سياحية ومطار دولي ومجمع سكني وطرق داخلية ومحطة كهرباء بجانب زراعة ٤٠٠

 

الف فدان بمشروع أبوحمد الزراعي، فضلاً عن مساهمته في حل مشكلة العطش بمدينة بورتسودان ومناطق التعدين عبر توصيل المياه من نهر النيل.

 

ضرورة تطوير ميناء بورتسودان

 

واضاف كركساوي: ميناء أبوعمامة لن يكون خصماً على ميناء بورتسودان فى حال تطوير ميناء بورتسودان فى المرحلة المقبلة وباسرع ما يمكن بحيث يتزامن التطوير

 

مع افتتاح ميناء ابوعمامة، ونعنى بالتطوير رفع القدرات البشرية والذهنية لادارة ميناء بورتسودان مع الإمكانات المادية.

 

شراكة استراتيجية مع الامارات

 

وصف كركساوي، توقيع الاتفاقية المبدئية بأنه يعتبر أحد الشراكات الاستراتيجية بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما سيمثل دفعة للعلاقات الاقتصادية من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين ، كما أن المجموعة

 

ستوظف كل خبراتها لانجاح المشروع هذا بالاضافة الى ان المشروع سيعمل على توفير فرص عمل مقدرة للسودانيين وسيرفع من حجم الصادرات السودانية الي الخارج، كما أن الاتفاقية بما اشتملت عليه من مشروعات

 

في مجالات التنمية المختلفة ستساهم كثيرا في خدمة الاقتصاد الوطني وتضع السودان على مسارات التنمية والتقدم، خاصة وأن ميناء أبوعمامة يعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية من خلال ارصفة وأجهزة مناولة بمواصفات عالمية لاستقبال السفن الكبيرة .

 

ومضى كركساوي إلي القول بأن: المحاذير المتوقعة غير ذات جدوى طالما أن هنالك شراكة تمثل القطاعين العام والخاص السودانيين مع شريك أقليمى.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...