على هامش كورة الهلال والأهلي

نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com
منذ زمن بعيد اعتزلت متابعة كرة القدم، ربما للكم الهائل من التوتر الذي تقتضيه متابعتها، ومع تقدم العمر، وظهور الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم، والأعصاب التي أصبحت بنصف صلاحية، نأيت بنفسي من كل ما يمكنه أن يجلب التوتر، وظللت لسنوات عديدة، أكتفي بمعرفة الفائز في مباراة كأس العالم النهائية، بدون أن أزج بنفسي في أي تفاصيل، وأنا مقتنعة تماماً بسلامة قراري.
أتذكر عندما كنا شباباً، وعندما كانت الكرة السودانية جديرة بالمتابعة، وكان الفريق القومي يصل إلى نهائيات أفريقيا، تلك المباراة المشهودة والتي انتهت بفوز الفريق المصري، نتيجة إدخال اللاعب الثعلب هدفاً بالخطأ في مرمى فريقه، أتذكر كمية الإحباط والحزن الذي تملكني في ذلك اليوم، والكم الهائل الذي استهلكته من أعصابي، منتهى سوء الحظ بالتأكيد، وبالرغم من هذه النتيجة الموجعة والهزيمة، لا أنسى أن فريقنا القومي قدم مباراة على مستوى عالٍ من الأداء.
الإعلام الكبير عن كرة الأهلي والهلال (خلاني انطص في دماغي) على رأيهم، وأخذت أتابع المباراة، مع ابني وليتني ما فعلت، منذ الوهلة الأولى ظهر ضعف الفريق، وبالرغم من ابتعادي الطويل عن متابعة كرة القدم، بالإضافة إلى أنني عنصر نسائي لا يفقه كثيراً في التفاصيل الكروية، كان جلياً عدم التكافؤ بين الفريقين، فريق متمكن ومهاجم شرس وضعنا في فتيل منذ الوهلة الأولى، مقابل عدم تركيز وأداء مهزوز وعدم ثقة في النفس من جانبنا.
بنهاية الشوط الأول، كنت قد ثبت إلى صوابي، وأخبرت ابني بأنني اكتفيت وسأعود إلى قراري الصائب جداً في النأي بعيداً عن متابعة الساحرة المستديرة كما يسميها عشاقها.
قناعتي الشخصية أن التردي الذي طال كل شيء في السودان، لم يعفِ الرياضة بالتأكيد، وسبحان الله بالرغم من أن الشعب السوداني من أكثر الشعوب ولعاً بكرة القدم، وربما تدور ثلاثة أرباع (ونسة) الرجال في موضوعها، إلا أننا لم نحرز فيها تقدماً يذكر، وهي مثلها كمثل السياسة والاقتصاد عندنا، نظل فيها نبكي على الماضي لأنه أفضل من الحاضر.
من جانب آخر، وعلى الرغم من أنني ضد التعميم والعقل الجمعي من حيث المبدأ، إلا أن الإخوة المصريين أضاعوا احترام العالم لهم، ومناصرتهم لهم على فوزهم، بالهتافات العنصرية البغيضة، التي رددوها، للأسف، هذا السلوك القبيح الذي سلكه المشجعون في مدرجات الجمهور، عكس عن ضحالة وجهل، وستظل هذه نقطة سوداء سطرها كل العالم ضدهم، ولن يغفرها لهم، لقد أغفلوا أنهم بهذا السلوك المعيب قدموا صورة مشوهة، تعكس عن كم هائل من العلل النفسية ومركبات النقص المتجذرة، وأنهم ربما فازوا في المباراة ولكنهم انهزموا أخلاقياً أيما هزيمة.
لك الله يا وطني ولك الله يا شعبي وقد صار الحزن وعدك…

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...