إبراهيم شقلاوي يكتب: الوضع الحرج
وجه الحقيقية
بينما ينشغل السودان بالأزمة السياسية وبخارطة الطريق نحو مستقبل الحكم في البلاد، تبدو الأزمة الاقتصادية وأزمة إدارة دولاب العمل ظاهرة للعيان في الحياة العامة حيث أننا غارقون في واقع لا مهرب منه يتمثل في غياب خطة الحكومة في معالجة عدد من القضايا الملحة ذلك تزامناً مع تصريحات قيادة الحكومة أنها تعمل لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية وتجويد الخدمات، بجانب حديثها حول رفع المعاناة إذ يظل السودان ومن خلال هذا الواقع في وضع حرج ينتظر أزمة غذاء محتملة لم تُجرَ لها حتى اللحظة الترتيبات اللازمة بواسطة المؤسسات المعنية هذا الواقع المعقد بإمكانه أن يزداد وضع الأمن الغذائي في السودان سوءاً أكثر مما هو عليه الآن بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية التي تحيط بالعالم جراء جائحة كوفيد – 19.. بجانب تغيرات المناخ وشح الأمطار.
لذلك ومن الضروري بذل المزيد من الجهود للحيلولة دون معاناة المواطنين على مستوى كافة القطاعات التي تعاني بالفعل جراء تدني الدخول وقلة الموارد الاقتصادية المنتظمة حيث نتج عن ذلك البطالة والفقر المدقع والاحتياج الشديد للغذاء، لذلك لا بد من بذل مزيد من الجهود والمحاولات لحماية الفئات الأشد ضعفاً حيث يعيش ثلثا السكان في المناطق الريفية السوداني، ويعتمد الاقتصاد هم المحلي بشكل كبير على الزراعة والراعي.. ومع ذلك، فإن هذا القطاع ظل عرضة لصدمات الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي والإداري وتغير المناخ الذي يؤثر بصورة مباشرة على الإنتاج والإنتاجية بسبب الممارسات الزراعية غير المناسبة المتمثلة في هدر المياه وخسائر ما بعد الحصاد.. أو بعض الأحيان في ندرة المياه بسبب عدم الترتيبات المبكرة لتخزينها في فترة هطول الأمطار..
لذلك لابد من استجابة لهذه التحديات، خصوصاً في جانب مياه الشرب التي تحتاج الى الجهود المبكرة التي تسبق خريف هذا العام من خلال تجهيز مواعين حصاد المياه على مستوى كافة الولايات السودانية، فكما نعلم الريف يعاني من ندرة المياه في فصل الصيف مما يوجب إجراء الاحتياطات اللازمة وفرتها خلال فصل الخريف.. مثال ذلك ما كشفت عنه صحيفة الانتباهة من أزمة مياه حادة وصلت حد الجفاف بعدد من قرى ولاية القضارف حيث يعاني مواطنو قرية الدهيماء التابعة لمحلية قلع النحل بولاية القضارف من أزمة حادة في مياه الشرب بسبب جفاف الحفير.
ويسكن بالقرية أكثر من ١٢ ألف نسمة.. حيث طالب مراقبون حسب الانتباهة بضرورة حفر بئر ارتوازية، تعمل بالطاقة الشمسية والتي تقدر تكلفتها الكلية بحوالي 9 ملايين جنيه سوداني.. هذا في تقديري متاح لدى بعض المؤسسات إذ يعتبر من صميم عملها.. يمكنها أن تساهم بالحلول اللازمة.. كذلك ناشد الأهالي منظمات المجتمع المدني بالإسراع في إنقاذ المواطنين من العطش.
علماً بأن ولاية القضارف بها عدد من سدود حصاد المياه حيث تعد مشاريع حصاد المياه أحد المحاولات المبتكرة للاستخدام الأمثل للمياه في ولاية مثل ولاية القضارف التي تتعدد فيها الأنهر والأودية والمنخفضات والبرك والخيران وتتفاوت معدلات الأمطار بأصقاعها المختلفة.. وتفقد الولاية كميات كبيرة من مياه الأمطار والتي تذهب هدراً، إضافة الى الأودية الكبيرة، ورغم هذه المياه الكثيرة فإن أجزاء واسعة من الولاية يعاني مواطنها من العطش، والولاية كذلك تتميز بوجود ثروات حيوانية كبيرة شكل شح المياه مشكلة حقيقية وعقبة كؤود أمام تطور ونمو قطاع الثروة الحيوانية بالولاية لذا مثلت المشروعات التي نفذتها الحكومات السابقة عبر وحدة تنفيذ السدود عدد من الحفاير والآبار الجوفية تجاوزت الثلاثين بجانب تأهيل سد القريشة بسعة (1,500.000)م3 الذي أحدث تحولاً كبيراً في حياة المجتمعات المحلية في الولاية اقتصادياً واجتماعياً ودعم التطور في قطاعات الرعي والزراعة خاصة أن ولاية القضارف ولاية رعوية وزراعية مما تتطلب إنشاء مثل هذه المشاريع.
ونجد أن مشروعات حصاد المياه حققت عدة أهداف استراتيجية منها تعزيز الأمن الغذائي من خلال الاستغلال الأمثل لمصادر المياه الموسمية وتنمية المراعي الطبيعية إلى جانب تحقيق عدد من الأهداف البيئية والمتمثلة في الحماية من السيول والفيضانات وتحسين الظروف الصحية والتقليل من الأمراض والأوبئة وزيادة الإنتاج والإنتاجية في مناطق الزراعة التقليدية وتنمية الثروة الحيوانية والغابية، وتنعكس نتائج هذه المشروعات في الولاية على الأوضاع الاجتماعية في مناطق حصاد المياه بتطوير المناطق الريفية وخلق فرص عمل تساعد على زيادة الدخل ورفع مستوى المعيشة الى جانب تخفيف المعاناة الى حدٍ كبير في الحصول على المياه، وأدت الى زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي والحيواني.
هذا يجعلنا ندعو الى أهمية الاستعداد لخريف هذا العام عبر المؤسسات والوزارات المعنية بجانب تلافي احتمالات قلة الحبوب حيث أعلنت منظمة الفاو أن السودان سيكون في وضع حرج في هذا الجانب حسب أنباء نيوز حيث توقعت
تقارير عالمية أن تبلغ متطلبات استيراد الحبوب للسنة التسويقية 2023 (يناير/ديسمبر) 3.6 مليون طن، بالكامل تقريباً من القمح، الأمر الذي سيتطلب استيراد 3.5 مليون. طن لتغطية الاستهلاك المحلي.. وبحسب (تقرير منظمة الفاو أن الأمر سيتطلب استيراد 3.5 مليون. طن لتغطية الاستهلاك المحلي. سيكون لذلك تأثير كبير على الأمن الغذائي لملايين السودانيين.
وأشار التقرير الى أن الأسعار العالمية للقمح في ارتفاع وضعف العملة الوطنية للبلاد.. وشدد ممثل المنظمة بالإنابة آدم ياو على أنه “من الضروري مواصلة تعزيز إنتاج الحبوب المحلي لتعزيز الأمن الغذائي وقدرة الفئات الأكثر ضعفاً في السودان على الصمود)، مما تقدم يتطلب الأمر المسارعة في الاستعداد لخريف هذا العام عبر تجهيز مواعين حصاد المياه بجانب التحضير المبكر للموسم الزراعي.. حتى نتمكن من تجاوز الأزمات المحتملة أو الأوضاع الحرجة التي أعلنت عنها المنظمة الدولية.
دمتم بخير..