لواء ركن (م) يونس محمود
يونس محمود يكتب :الجيش والجنجويد ،،، لا يستوون
“لم تر أن السيفَ ينقصُ قدرهُ إذا قِيل أنَّ السيف أمضى من العصا “
هذا البيانُ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وهو لمن يملك حدسًا ونظرة يفرّق بها بين المتناقضات، ولمن أوتي حظًا من التمييز بين الحق والباطل، ولكن في ظلّ هذا الدهر اللفيف ( *المختلط* ) تداخلت صور الحقيقة مع اخيلة الزيف كما تتداخل المشاهد في وجه جذاذ المرآة المكسورة، لأنه ما تزالُ طائفةٌ من الناس تحدّث عن حرب الكرامة أنّها صراعٌ بين طرفين، أو جنرالين، وتهوّن بشاعة جُرم الجنجويد وتعدّيهم على السلوك الإنساني السوي منذُ الخليقة الأولى، وتغسلُ عارهم وأيديهم الملطّخة بدماء الأبرياء، وتصبغُ وجوههم القترة تداري قُبحها، وتنفضُ عنهم ران الإثم الذي شكّل سدًّا منيعًا بينهم والإحساس البشري، بل والمتوحش، ففي حياة البرية مشاهدٌ من رحمة تلجم غريزة الإفتراس أحيانًا.
ولذلك إستغرق الناسُ جهدًا في تبيين الفروقات الجوهرية بين الجيش السوداني بكُل عراقته، صاحب الأصل والفصل، والتاريخ، والعلم، والأعراف، والقيّم، والتقاليد، والرايات والإعلام والطوابير والمراسم، والمعاهد والكليّات والأدب والتراتيبية والقومية والشمول، والنُظم والقوانين وتعاقب الأجيال.
فالقيادة فيه مقامٌ يصله ذوو الحظ من المعرفة والإنضباط والصبر والتفوّق والأقدمية، لتعمل وفق قيم محدّدة، وقوانين حاكمة، وإجراءات ملزمة،
ويتدرّج الضبّاط عبر سلم من الفواصل الزمنية والحواجز المعرفية، وتتناغم فيه الهيئات والصنوف والأسلحة والتخصّصات، وفوق كل ذلك هو ملكٌ للدولة والشعب، يخرجُ من بين صفوفه، ويقوم بواجب حمايته ضد الغوائل والغزاة، وقد أدّى هذا الواجب قديمًا وما يزال يؤدّيه بتجرد وإحترافية ، لا تردّه المخاطر ولا يؤخّره إلتماس الأعذار، قدّم صفوةً من بنيه من أعلى هرم القيادة وإلى سائر قوّته المقاتلة زمرةً على اثر زمرة من الشهداء الكرام، يقفُ نظيرًا للجيوش في الملأ من حوله يتفوق عليها بإرثه الباذخ، وعلومه المتقدّمة ، وصيته السمح، وشجاعته المشهورة.
وفي المقابل النقيض تأتي مليشيا الجنجويد من العدم والخواء كأنها قطيعٌ من الكلاب البريّة المتوحّشة تتبعُ رائحة الدم، وتنتاش بلا رحمة، يقفُ على رأسها مجرمٌ حسود، مليء بالجهل والأميّة، تسوّر حائط الغفلة بعد كارثة ديسمبر المشؤومة وجلس على كرسي نائب الرئيس، فلم يروِ ظمأه ولم يُشبع رغبته وتطفّله على مقام الرئاسة المُطلقة، وتسجيل السودان كلّه بإسم آل دقلو، وإتخذ وإخوته مفاصل المال والبندقية لزيادة التأثير وما لبث أن وقع في أيدي المؤامرة العابثة فأوصلته لما فيه الآن.
أمّا بقيّة الجنجويد فهم قومٌ ( *ملاقيط* ) جيئ بهم من كُل مكانٍ في أفريقيا وجيوب العالم الخفي بوجه الإرتزاق ليحقّقوا هذا الطموح القاتل المشترك بين الإمارات والصهيونية واليسار العلماني، ويسوقوا السودان بعيدًا عن نفسه، ودينه وقيّم شعبه وموارده، كُل ذلك تحت تهديد السلاح وبطش الجنجويد الذين أسرفوا أيّما إسراف في الأذى والبغي والإجرام، ليملأوا أشرعة الناس بالخوف فيغادروا ديارهم، ويخضعوا من بقي منهم بالقهر والإذلال مثل ما فعلوه في سائر المناطق التي سطوا عليها.
الإصطفاف وراء الجيش هو شأن الشعب الأبيّ صاحب الأرض، المسكون بالقيّم المتمسّك بالدين،
ومن وراء الجنجويد تلتام كل متردّية ونطيحة، تزفّه شلّة اليسار العلماني البائس في كل صورها ومسمياتها، الحريّة والتغيير ( *قحط* ) صمود، تأسيس، وترتق فتوقها ببقايا أثمال الأحزاب المهترئة التي أصبحت لافتات للإرتزاق.
ولذلك لا تستوي الظُلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، ولا يستوي الأحياء ولا الأموات.
فمن راهنَ على الجنجويد وهو ينتظر نصرهم على الجيش والشعب ليستظل بالدولة الدقلاوية فهو يستسقي سراب القيعان.
ولا مقام في هذا البلد المُسلم لآل دقلو، ولا مكان للعلمانية، ولا تسامح مع الجنجويد، ولا تفاوض على السيادة الوطنية، ولا تجاوز لثارات المظلومين والشهداء، ولا نسيان للمآسي التي تسبّب فيها الجنجويد وأعوانهم.
*جيشٌ واحد شعبٌ واحد*
قد يعجبك ايضا
تعليقات