إبراهيم عثمان يكتب: الرفض كغاية والشكوى كتغطية!
إبراهيم عثمان
تتمسك الإمارات والميليشيا وصمود بستة شروط رئيسية لوقف الحرب: مشاركة الإمارات في وضع الحل وفرضه على حكومة السودان، والمطالبة بهدنة تحافظ على سيطرة الميليشيا، ومقايضة سيطرة الميليشيا بمكاسب، وعملية سياسية بقيادة صمود، وحق صمود في تحديد بقية أطراف العملية السياسية وأدوار كل منهم. وأن تتضمن التسوية اطلاق حرب على الإسلاميين.
١. الخمس الأولى من هذه البنود هي محل اعتراض كل الرافضين للعدوان الإماراتي، وحتى البند السادس هناك “بعض” القوى من غير الإسلاميين ترفضه، ومع ذلك يصور ثلاثي الإمارات والميليشيا وصمود الرفض لشروطهم وكأنه رفض الإسلاميين فقط!
٢. معارضة الإسلاميين لأي تسوية هي “غاية” تعمل الإمارات والميليشيا وصمود لتحقيقها بكل السبل، أما “الشكوى” منها فهي مجرد ذر للرماد في العيون: فهم لا يكفون يوماً عن الجمع بين “الوعيد” للإسلاميين بالتسوية التي تحاربهم، والاتهام لهم بعرقلتها، لتكون حقيقة الاتهام هي: الإسلاميون لا يتعاونون معنا في ذبحهم، الذي نعدهم بألا يكون رحيماً، ونحن أصلاً لا نريدهم أن يتعاونوا، فالذبح آت آت، ومتعتنا أن يحدث وهم يرفضون و”يصرخون”!
٣. وهم بهذا يمنحون الإسلاميين سبباً (إضافياً) للرفض، إلى جانب رفضهم البنود الخمس الأخرى الذي يتساوون فيه مع بقية الرافضين من حكومة وجيش وحركات مسلحة وقوى سياسية وأغلبية الشعب. يلغي هذا الوعيد مشروعية الاتهام، ويؤكد بأن رفض الإسلاميين هو “هدف” لهذا الثلاثي وليس “شكوى” حقيقية، وهو في نظرهم “فرصة” يسعون إلى صناعتها، وليس “عقدة” يسعون إلى حلها. فالثلاثي يريد الجمع بين “مكاسب” تحقيق هذا الهدف، وصناعة هذه الفرصة، و”التظلم” من حدوث ذلك!
٤. أيضاً يجمع ثلاثي الإمارات والميليشيا وصمود بين “اتهامهم” للحاكمين بأنهم إسلاميو الهوى والهوية، و”عشمهم” في تعاونهم الكامل في الحرب على الإسلاميين، بينما سلوكهم هذا يدل على أنهم يعلمون أن الحاكمين ليسوا إسلاميين، فإيمانهم بصحة الاتهام يُفتَرض أن يقطع العشم، وقوة العشم تتأسس، بالضرورة، على قوة إيمانهم بعدم صحة الاتهام!
٥. تهمتهم الحقيقية للحاكمين هي أنهم لا يحاربون الإسلاميين، ومطالبتهم بمحاربتهم ــ وهم داعمين لهم في التصدي للعدوان ــ لن يتوفر لها الحد الأدنى من المنطقية إلا بوجود عداوة قوية تلغي تأثير هذا الدعم، وتسري برغمه، أو بسببه كما يريد الثلاثي، وهذا يسقط الدعوى الأصلية عن إسلاميتهم، بل ويثبت العداء الشديد الذي لا تخففه مناصرة، ولا يلغيه انعدام عداوة مضادة!
٦. المنطق الذي تستند عليه مطالبة المؤسسات الأمنية بمحاربة فصيل سياسي (داعم لها) في التصدي للعدوان، سيدخلها في قلب ممارسة السياسة، وسيسوغ لها تلقائياً، وبذات المنطق، محاربة الأطراف (الممتنعة عن دعمها)، وسيجعل محاربة (من يخاصمها) من القوى السياسية (واجباً منطقياً)، وسيغلق الباب تماماً أمام التفاهم مع من (يحاربونها بالبندقية), وهذا يخالف جوهر ما يدعي الثلاثي طلبه من حياد لمؤسسات الدولة، ويخالف مطالبتهم التسامح مع الميليشيا المتمردة!
٧. يبالغ ثلاثي الإمارات والميليشيا و”صمود” في اتهام البرهان “بالكوزنة” حتى تظن أنه أول الكيزان وأكثرهم إسلاميةً، ويبالغون في التعويل عليه في معاونتهم في “دوس” الأسلاميين حتى تظن أنه عدوهم الألد، فيلغي الاتهام التعويل، ويسحق التعويل الاتهام. ولا تبقى إلا حقيقة فقدانهم السند الشعبي، وبحثهم عن سند غربي ضد البرهان، وسند برهاني ضد الكيزان!
يصور الثلاثي الحرب الجارية وكأنها تستهدف الإسلاميين فقط، وأيضاً يصورون تسويتهم وكأنها ضدهم فقط، ويتظاهرون بالشكوى من رفض الإسلاميين، ويدعون أن مشروعهم تسووي تصالحي طوعي، بينما الحقيقة هي أن أذى الحرب شمل الجميع. وأن تسويتهم تستهدف الجميع، وإن تضمنت تمييزاً سلبياً للإسلاميين. وأن رفض الإسلاميين هو غايتهم الكبرى، وأن فرض تسويتهم على الجميع هو حلمهم العزيز، فهم يعلمون أن عيوبها أكبر من تسمح بقبول طوعي!
نقلاً عن : s t
قد يعجبك ايضا
تعليقات
