بصمة ناعمة …. إنصاف الزاكي
نحتاج يونسا … مناشدة لأهل العلم
محمد يونس” أحد مدرسي الاقتصاد في بنجلاديش، البلد الذي كان يعاني من مجاعة، كان ما يبعث في نفسه الضيق والالم حقيقة أنه يقوم بتدريس نظريات مجردة في حين يعاني الناس من الجوع ، بدأ يونس عمله بجولة في القرى المحلية لمعرفة ما يحتاجه هؤلاء الفقراء فعليا ، وكان الجواب هو “الائتمان”، لذلك أنشأ “يونس” بنك “جرامين” أو بنك القرية وقدم بنك “جرامين” الائتمان لملايين الفقراء حول العالم، أسس “يونس” مشروع التنمية الريفية بجامعة شيتاغونغ، الذي مكّن الطلاب من الحصول على شهادة أكاديمية أثناء مساعدتهم الفقراء المحليين. رغم نجاح هذه المشاريع، شعر “يونس” بأنه لم يفعل ما يكفي لمساعدة الفقراء، الذين لا يملكون أرضاً زراعية، مثل “صوفيا بيغوم”، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 21 عاماً، تقوم بتصنيع منتجات من الخيزران في قرية جوبرا ، كانت “صوفيا” بحاجة إلى 22 سنتاً لشراء المواد الخام، تقترضها من وسطاء محليين بسعر فائدة يبلغ 10% ، تقوم بسداد القرض بعد تمكنها من بيع المنتج النهائي، وكان دخلها يصل بالكاد إلى ٢سنت. لاحظ “يونس” وجود نفس المشكلة لدى آخرين غير صوفيا، ، تمكن “يونس” من حصر جميع الذين يقترضون المال في القرية، وعددهم 42 شخصاً كانوا في حاجة إلى 27 دولاراً فقط لشراء موادهم الخام. قرر “يونس” إقراض القرويين من ماله الخاص دون فوائد ، هذا الحل لم يمكنه العمل على نطاق واسع، لذلك ذهب “يونس” في عام 1976 إلى الفرع المحلي لبنك “جاناتا” أحد أكبر البنوك الحكومية في بنجلاديش – وعرض عليهم فكرة القروض الصغيرة للفقراء، والتي بدت له كحل لمشكلة معقدة. تطور هذا البرنامج لاحقاً إلى بنك “جرامين” الذي أسسه “يونس”. وأصبحت المؤسسة التي بدأت في قرية جوبرا في عام 1976 بقرض يبلغ 27 دولاراً أحد أهم البرامج المناهضة للفقر في العالم. ويضم البنك حالياً ما يزيد على 2500 فرع، ويعمل لديه حوالي 26 ألف موظف، وأقرض البنك مليارات الدولارات للملايين من الفقراء بمعدل استرداد قدره 98%.
هذه هي قصة محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام ، قصة الأستاذ الجامعي الذي حول العلم الى عمل !!!! في كل يوم وكل أسبوع وكل شهر تعقد جلسات النقاش في كليات الدراسات العليا في جامعاتنا السودانية ، تمنح درجات الدكتوراه والماجستير في مختلف العلوم التطبيقية والإنسانية من طب وهندسة وتقانة وسياسة وإقتصاد و زراعة و إنتاج حيواني ، و إعلام وسياسة وأدب ونقد … الخ ، ولكن الأمر المؤسف يقف حد هذه الدراسات والبحوث عند إجازتها وتسليمها لمكتبات الجامعات لتقبّع هناك في الرفوف يستخدمها الباحثون الجدد ليمضوا في ذات الطريق وهكذا دواليك، أصدقكم القول أن هذه هي الوظيفة الوحيدة للبحوث والدراسات في بلدي السودان ، بلد يعاني الفقر والجوع والجهل والمرض ، وسوء التخطيط والإدارة والتنمية ، بلد يمتلك من الموارد والفرص ما يؤهله لريادة العالم في النمو والاقتصاد ، بالله عليكم ما فائدة هذه الدراسات والبحوث إن لم تعمل على حل هذه المعضلات والمشكلات وتقدم الوصفات الناجعة لوأدها ، لماذا يجلس علماء واساتذة وخبراء وعلماء لإجازة بحوث ليس لها اي وظيفة سوى الأرفف والأرشيف ، هذه البحوث هي مزيد من الهدر لموارد هذا البلد الذي يعاني انعداما في الخبز والدواء والغذاء يفتقر للحد الأدنى من ضروريات العيش والتنفس، ويمتلك ما يزيد عن200 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة ، وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية ، وأزيد من 400 مليار متر مكعب من مياه الأمطار ، ويجري فيه نيل من أطول أنهار العالم ، ويموت سكانه من الجوع والفاقة ، وبعد ذلك كله تضج قاعات الجامعات بالتصفيق وتعلوها الزغاريد فرحا بنيل درجة عليا!!!