د. المقداد أدم طه يكتب : لجنة جوزف مكارثي السودانيه

الزرقاء ميديا

 

لجنة جوزف مكارثي السودانيه

د. المقداد أدم طه

 


في نواح من العام 1950 م بدأ العالم يتعرف علي سيناتور أمريكي يدعي جوزيف مكارثي وهو المترشح عن الحزب الجمهوري في ولاية وسكنسن للأعوام 1947 وحتي العام 1957 . . وعلي خلفية الأجواء المعبأه بالعداء تجاه الاشتراكيه التي كانت تمثلها روسيا في سنوات الحرب البارده خاطب السيد مكارثي حشدا نسائيا في ذكري لينكولن ملوحا بقائمه يحملها في يده إدعي أنها تحتوي علي 205 إسما لشيوعيين يشغلون مواقع هامه في وزارة الخارجيه الأمريكيه ، مناديا بتطهير الدوله من هؤلاء الشيوعيين الذي يذهب ولائهم لدولة عدوه .
استغل مكارثي حالة الفزع من انتصارات الشيوعية المتوالية في أوروبا على يد السوڤييت وآسيا ولاقت صيحاته صدي عند الدوله والمجتمع وخاصة بعد وصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في الصين بقيادة ماو تسي تونج، وابتلاع نصف كوريا بواسطة الشيوعيين، ولولا التدخل الأميركي المباشر لانتصروا في كامل كوريا، وقبل ذلك وصول الاتحاد السوڤيتي إلى سر القنبلة الذرية باستخدام أحد أهم الجواسيس في تاريخ الاتحاد السوڤيتي چوليوس روزنبورغ وزوجته الذين تمت محاكمتها وإعدامها لاحقا ، تم دعم مكارثي من الرئاسه الأمريكيه ومن وحدة التحقيقات الفيدراله وقائدها إدغارد هوفر شخصيا وتم إستجواب الالاف من موظفي الدوله والعاملين في قطاعات أخري مثل قطاعات الإعلام والتجاره وتم إصدار أحكام غير قابله للإستئناف تجاه العديدين ممن أوقعهم حظم العاثر في طريق المكارثيه ومنهم أسماء مشهوره مثل شارلي شابلن وألبرت أنشتاين ومارتن لوثر كنج ، تم فصل الموظفين من وظائفهم والتشهير بهم ومصادرة ممتلكاتهم ومنعهم من السفر والاقتراض من البنوك والتضييق عليهم في كل مكان.
بعد فتره إتضح للقضاء الأمريكي وللشعب أن هذه الإتهامات بنيت علي أساس من خطاب الكراهيه السائد في ذلك الوقت وعلي أدله غير حاسمه وأتضح ان غالب من شملتهم هذه الإجراءات كان فقط يؤمن ببعض الأفكار الاشتراكيه التي قدمت حلولا للنظام الرأسمالي وخاصه بعد سنوات الكساد العظيم . . تمت محاكمة مكارثي وقضي حياته وحيدا ومات من إدمان المخدرات لكن المكارثيه بقيت في العالم وأصبحت أداة في يد الدول والمجموعات لتحقيق أغراض إضعاف خصومهم السياسيسن والفكريين.
لجنة تفكيك التمكين السودانيه هي حاله من المكارثيه التي يشهدها السودان اليوم تقرأ من نفس كتابه لكنه لا تعي ولا تتعظ ، حيث يقوم مجموعه من الحزبيين ممن لا يعرف عنهم كفاءه عدليه أو تاريخ مهني بتصنيف الناس إلي صالح وطالح بناء علي إجتزاءات يتحصلون عليها من تقاريرمتحيزه وشكاوي من جهات ومؤسسات لا يتم الكشف عن مصدرها ولا تخضع للتدقيق الصارم وفقا للمعايير القضائيه ، ويتم إتخاذ قرارات بناء علي هذه الحيثيات تقضي بمصادرة الأملاك وإغلاق الاعمال والتشهير بالناس وزجهم في المحابس ومنعهم من السفر ووضعهم تحت الرقابه. وتستخدم هذه المكارثيه كما فعلت دعوة مكارثي سابقا أدوات الدوله من شرطه ونيابه وإعلام في هذه المعركه التي تقتات أساسا علي الخطاب الشعبوي وحالة الخوف والحنق عند بعض المجموعات السياسيه من خصومهم السياسين علي الضفة الاخري من نهر الوطن.
لن نحتاج الي عبقري ليخبرنا أن مصير هذه اللجنه في المستقبل القريب سيكون الإدانة الكامله كما حدث مع مكارثي وأن الجميع ممن يهلل لفعلها اليوم سيتسابقون في إدانتها وتبرأة أنفسهم من سيئ فعلها الذي لا يقره قانون ولا دستور ولا تقول به حتي الوثيقه الدستوريه المعطوبه التي إتخذت مرجعا لحكم الفتره المسماه إنتقاليه.
النار التي ستنشب في اللجنه وفعلها ستحرق أول من تحرق قادتها الذين يتولون كبر تهييج الناس الان ويتصدون لأي محاولات لعقلنة فعلها وتقييده بلجام من القانون أو الدستور أو حتي أعراف المجتمع السوداني ، هذه سنة الذين خلو من قبل ولكن هؤلاء ممن يصدق فيهم قول الله ( جعلوا أصابعهم في أذانهم وأستغشوا ثيابهم وأصروا وأستكبرو إستكبارا ). المأمول من العاقلين حول هذه اللجنه أن يلجأوها الي منطق القانون والحاضر ، وأن يشرحوا لهم أن السودان قد إختبر ذات فعلهم هذا من قبل ولم نحصد جميعا إلا الخيبات والحسره . . وحتي نصل لحظة التعقل تلك فلا أحد في مأمن من نوبات الهياج التي تنقلها لنا شاشة الفضائيه السودانيه

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...