هيكلة القوات المسلحة بين موسى والسامري
د/عبدالمولى موسى محمد
رمزية موسى عليه السلام تعني الرؤية الإستراتيجية لمعالجة قضايا الدولة ورمزية السامري تعني الفوضى وغياب الرؤية الإستراتيجية لمعالجة القضايا الوطنية.
تعتبر الاجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها الوجه الاخر للعملة التي تحكم الدولة حيث يمثل المجتمع المدني الوجه الثاني للعملة ووفقاً لدستور اي دولة تختلف مهام وواجبات الاجهزة الأمنية ومن بديهيات الأمور فإن الأجهزة الأمنية خادمة لشعبها بكل مكوناته كما هو واجب السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والاعلامية فهي كذلك خادمة للشعب وليست سيدة عليه ،
لذلك من واجبات الاجهزة الأمنية كما هو منصوص عليه في قانونها ( القوات المسلحة) الدفاع عن الوطن في حالة هجوم عدو خارجي ومعالجة الامن الداخلي عند عجز الشرطة في مدافعة العدو الداخلي( التمرد ) وحماية الدستور والمساهمة في التنمية الشاملة والمساعدة في وقت الكوارث التي تحيط بالوطن .
في دول العالم الثالث عملت القوات المسلحة وخاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بالفعل السياسي اما لعجز السياسين في مهامهم السياسية أو نسبة لأختراقات الأحزاب الايدولوجية بغرض السيطرة على السلطة وتجنيدها للأجندة السياسية للحزب الذي يسيطر على السلطة من خلال إستخدام القوات المسلحة للسيطرة على مقاليد السلطة في البلاد وقد شهدت الدول العربية والافريقية هذه الانقلابات بكثافة حتى أصبحت ظاهرة الانقلابات الوجبة المفضلة للسياسيين اذا كانوا في الحكومة أو في المعارضة وحتى الأنظمة الملكية فقد كيفت وضعها بالسيطرة على القوات المسلحة لضمان ولائها وكبح اي محاولة انقلابية عليها وجعلت من الملك والامير جنرالاً في الجيش قبل تنصيبه ملكاً ، (دول الخليج انموذجا،)،
السودان من أوائل الدول التي جربت الانقلابات العسكرية وبفعل السياسيين أنفسهم حيث لم يحدثنا التاريخ بأن القوات المسلحة قد نفذت انقلاباً دون تدخل من السياسيين إذا كانوا في السلطة أو في المعارضة.
وفي كل الحالات الانقلابية كانت القوات المسلحة هي أول من يدفع ثمن المحاولات الانقلابية دون غيرها، اعداما لافرادها و سجناً و إحالةً على المعاش، والسياسيون ياكلوا الباردة…
وما نعيشه الآن من مطالبات بهيكلة الاجهزة الأمنية ومحاكمة قادتها إلاّ دليل على ما ذهبنا إليه.
إن معظم
الذين يطالبون بهيكلة الاجهزة الأمنية لا تهمهم المصلحة العليا للوطن ولا مصلحة الأجهزة الأمنية ومن خلال مجريات الأحداث السياسية والامنية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي توجد محاور عدة يهمها إنهاء وجود القوات المسلحة والاجهزة الأمنية الأخرى وهيكلتها وفقا لرؤيتها الخاصة بها والمحاور هي :
1/ محور الدول الكبرى التي ترى فى وجود جيش قوي ومحترف مهددا لمصالحها ، وقد سبق وافشل كل مخططاتهم لتسليم الوطن لعملائهم بالداخل والخارج وتمكن من الحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان من الضياع ، ولو لا فعل الساسة في الحكومة والمعارضة والتآمر الدولي والاقليمي لما انفصل الجنوب والآن يريدون تفتيت ما تبقى منه لتحقيق مصالحهم التي تبنى على أضعاف الاجهزةالأمنية وتفتيت النسيج المجتمعي للدولة.
2/ المحور الاقليمي الذي يقوده شيطان العرب ( ابو جهل )لنهب خيرات السودان وتسليمها للصهاينة ومن يدور في فلكهم.
3/محور دول الجوار الاقليمي التي يهمها وجود جيش سوداني ضعيف لا حول له ولا قوة ، كالكل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير طمعاً في خيراته واحتلال أراضيه .
4/ المحور الداخلي الأحزاب التقليدية( ضمان وجود من يستلم السلطة منها اذا فقدتها) والاحزاب الايدولوجية التي دفعت ثمن محاولاتها الانقلابية وحقدها الأعمى على القوات المسلحة نتيجة لتصفية كوادرها في الاجهزة الأمنية وهي الان تسعى ليل نهار لادخال كوادرها في الاجهزة الأمنية (وقد فعلت) ،وإذا قيل لها الان لا مانع لدينا من استيعاب كوادركم في الاجهزة الأمنية سوف يتنازلون وبسرعة الصوت عن مطلب هيكلة الأجهزة الأمنية طمعا في سلطة تأتي بالانقلاب إذا لم تأتِ بالانتخاب .
5/ محور الحركات المسلحة والتي تسعى للسلطة عبر دمج افرادها في القوات المسلحة وضمان وجودها في السلطة بوجود منسوبيها بالقوات المسلحة فاذا فقد زعيمها السلطة تمردت قواته وانشقت عن القوات المسلحة رافعة راية تحرير السودان …، والآن لدينا أكثر من 74 حركة مسلحة مع ذلك نتوقع تمرد على راس كل ساعة، وما تجربة انانيا تو ببعيد..
وهذه من الأخطاء التي لا تغتفر للسياسيين وقادة القوات المسلحة ان جعلوا من ظهر القوات المسلحة مركباً للمساومات السياسية والاطماع الشخصية حتى أصبح كتف الشخص الواحد يحمل أكثر من رتبة وهذا لا يحدث في أكثر الدول تخلفاً دعك من جيش تاريخه تجاوز السبعة الف عام قبل الميلاد .
6/ لا يوجد وطني غيور على وطنه وعلى قواته المسلحة يرى جيشه ضعيفاً يحتاج للمعالجة لا يود إصلاحه وتقويمه ورفع شأنه على المستوى المحلي والاقليمي والدولي ، ولكن ان يرفع *قميص عثمان* لهدم بنيان القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى فهذا لا يفكر فيه إلاّ العملاء والخونة الذين ليس لديهم غيرة على وطن ولا على دين .