المعارضة المصرية لتفعيل دور الشباب استعداداً للانتخابات


تشهد مصر حالة من الحراك السياسي الذي يمكن أن يفضي إلى إعادة تشكيل للساحة السياسية، سواء عبر ظهور أحزاب جديدة أو ضخ دماء في أحزاب وحركات قائمة، وهي تحركات لم تُستثنَ منها المعارضة، التي أعلنت، ممثلة في الحركة المدنية الديمقراطية، تأسيس أمانة للشباب.

وتضم الحركة المدنية الديمقراطية، التي تأسست عام 2017، عدداً من الأحزاب ذات الآيديولوجيات المختلفة، وشخصيات عامة، بهدف تنسيق مواقفها التي يغلب عليها معارضة نهج الحكومة، خصوصاً في الملف الاقتصادي، وكان من أبرز مواقفها السابقة مقاطعة الانتخابات البرلمانية في 2020 والانتخابات الرئاسية في 2024.

وقالت الحركة في بيان عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، مساء السبت، إنه «في ظل التحديات الراهنة التي تواجه الدولة المصرية، وانطلاقاً من إيماننا العميق بأهمية الدور الذي يلعبه الشباب في صياغة المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للوطن، تعلن الحركة المدنية الديمقراطية عن تأسيس أمانة شباب الحركة مكونة من مجموعة من شباب الأحزاب والمستقلين».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطلق على عام 2016 اسم «عام الشباب المصري»، وقرر فيه تأسيس «البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة»، الذي تم اختيار عدد من خريجيه لتولي مناصب قيادية في الحكومة والإدارات المحلية، لكنه «ظل محل انتقادات باعتباره يفتح السبيل للشباب المؤيدين للسلطة، دون المعارضين لها»، وفق مراقبين.

وقال المتحدث باسم الحركة، عضو مؤسسي أمانة الشباب، وليد العماري لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة ستعلن خلال الأيام المقبلة عن آلية الانضمام إليها، وغالباً ستكون عبر طلب انضمام إلكتروني، كما ستعلن عن رؤيتها خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن «الحركة تخطط للعديد من الفعاليات التي لن تكون سياسية فقط، بل ثقافية وتوعوية».

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

ورغم أن تأسيس أمانة للشباب في أي كيان أو حركة سياسية بمثابة حدث تقليدي عادة ما يصاحب بناء هيكلها التنظيمي منذ البداية، فإن لجوء الحركة المدنية التي تأسست قبل أعوام إلى الشباب أخيراً يعكس «تغيراً مرتقباً في ديناميكية الحركة، وتفاعلاً أكبر مع الشارع، وتمدداً فيها لم يحدث من قبل»، حسب أحد الأعضاء المؤسسين لأمانة الشباب في الحركة، وكيل «تشريعية حزب المحافظين»، محمد تركي.

وتوقع تركي أن تكون الحركة «نافذة للشباب المستقلين الذين لا ينتمون إلى حزب معين، ويرغبون في لعب أدوار سياسية»، مشيراً إلى أنهم يهدفون بهذه الأمانة إلى «الخروج بالحركة من نخبويتها إلى الشارع، حتى في التراكيب اللغوية التي يتم الحديث بها، والقضايا التي تتم مناقشتها».

وبحسب العماري، فإن أبرز الملفات التي ستوليها الحركة اهتماماً في الفترة المقبلة «الملفات التي تهم المواطن البسيط، بداية من مشاكل التعليم والصحة، وحتى مساعدة ودعم شباب الفنانين ممن لا يجدون فرصة لعرض أعمالهم».

وكان لافتاً أن الحركة ضمت في مؤسسي أمانتها الشبابية عدداً من مشاهير النشطاء السياسيين وأعلام «ثورة 25 يناير»، ممن سُجن بعضهم خلال الفترة الماضية في قضايا «نشر أخبار كاذبة»، مثل مؤسس حركة «شباب 6 أبريل»، أحمد ماهر، والناشطة إسراء عبد الفتاح، كما ضمت آخرين ممن انزوا عن المشهد مثل الناشطة أسماء محفوظ.

وقال تركي لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود هؤلاء بين الأعضاء المؤسسين للأمانة شرف لها، وانخراطهم في الحياة السياسية بعد خروجهم من السجن أمر مهم».

وثمنت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، نهى بكر، هذا التوجه من الحركة المدنية للاستعانة بالشباب وتصدرهم المشهد، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا النهج ليس بالجديد، إذ تسعى الحكومة المصرية منذ سنوات لتمكين الشباب، وتستعين بهم في مواضع مسؤوليات كثيرة، كما المجتمع المدني المصري أيضاً قائم بشكل رئيسي على الشباب؛ «لذا أن تنتهج المعارضة النهج نفسه، وأن يعود شباب سجنوا من قبل للاندماج في الحياة السياسية فهذا مؤشر إيجابي».

وأضافت «الحركة المدنية» في بيانها للإعلان عن أمانة الشباب أننا «نؤمن بأن السياسة ليست ترفاً، بل هي ضرورة مُلحة لبناء دولة حديثة تتسع للجميع، ومن هذا المنطلق، فإننا نؤكد التزامنا الكامل بالعمل من أجل فتح آفاق جديدة لتمكين الشباب، وتعزيز دورهم في المجال العام، وإرساء ثقافة الحوار والتفاعل الإيجابي مع القضايا الوطنية».

ويأتي تأسيس أمانة الشباب في الوقت الذي تتجه فيه الحركة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة نهاية العام الجاري، إذ سبق وأعلنت في يوليو (تموز) من العام الماضي عن طرح استمارة لإبداء الرغبة في الترشح عن الحركة، كما فعلّت في يناير (كانون الثاني) الماضي، عمل لجنة الانتخابات داخلها «لبدء المشاورات مع القوى السياسية خارج الحركة لتشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات المقبلة»، حسب بيان للحركة آنذاك.

وتطالب الحركة مع ذلك بعدة «ضمانات» لنزاهة العملية الانتخابية، وفق العماري، الذي حددها في «إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية وليست المطلقة، بحيث لا يعاد استنساخ البرلمان الحالي الذي تغلب عليه قوى الموالاة، بالإضافة إلى إعادة تقسيم الدوائر، وفتح المجال العام»، قائلاً إنهم لن يعلنوا موقفهم النهائي من الانتخابات سوى بعد صدور قانون الانتخابات «الذي سيظهر بموجبه توفير هذه الضمانات من عدمه».

ويفضل تركي المشاركة في الانتخابات المقبلة، قائلاً إن «القرار الرسمي لم يصدر بعد، لكنه بشكل شخصي مع المشاركة، باعتبارها الوسيلة الأكثر فاعلية لتغيير الأوضاع غير المرغوب فيها»، مشيراً إلى أن «الساحة السياسية تشهد تغييراً كبيراً، حيث تظهر أحزاب وتتصدر مثل (الجبهة الوطنية)، وتنزوي أخرى، ووسط كل ذلك توجد مساحات من الوجود والعمل السياسي، ولا بد أن يكون للشباب دور فيها وتُستغل هذه المساحات».

ويضم حزب «الجبهة الوطنية»، الذي تأسس في فبراير (شباط) الماضي، عدداً من المسؤولين السابقين، وصحبت حالة من الجدل تأسيسه في ظل الدعاية الضخمة التي حظي بها في الشارع من قبل برلمانيين وسياسيين، وشهد ضم العديد من الشخصيات العامة من أطياف مختلفة. وأسس الحزب هيكلاً تنظيمياً ضخماً يضم أمانات في مختلف المجالات، كما يضم أمانة خاصة بالشباب.



مصدر الخبر

Comments (0)
Add Comment