تقرير .. المليشيا تنهب 400 شاحنة صمغ عربي بالنهود وتعيد تصديرها لتمويل حربها على الدولة السودانية

الزرقاء : متابعات

كشفت منصة Middle East Eye البريطانية عن عملية نهب ضخمة قامت بها مليشيا الدعم السريع تمثلت في الاستيلاء على ٤٠٠ شاحنة محمّلة بالصمغ العربي من مدينة النهود بولاية غرب كردفان، وهي الكمية التي تُقدّر بحوالي ١٠ آلاف طن من الصمغ، أي ما يعادل ملايين الدولارات في السوق العالمية.
وفيما لم تحدد المنصة البريطانية السعر الدقيق للطن الواحد من الصمغ، فقد ذكرت أن مجموع قيمة الشحنات المنهوبة يبلغ نحو ٧٥ مليون دولار، مما يشير إلى مدى خطورة هذا النهب على الاقتصاد الوطني.
ووفقًا للتقرير ذاته، فإن المليشيا قامت بتهريب الشحنات إلى خارج السودان، حيث تم توزيعها عبر طرق غير قانونية إلى جنوب السودان وتشاد وبلغت حتى طرابلس الليبية، حيث تُباع هناك بأسعار منخفضة في السوق السوداء، ضمن شبكة تهريب واسعة وعابرة للحدود.
الصمغ العربي: كنز السودان المنهوب
الصمغ العربي أحد أعمدة الصادرات الوطنية ومصدر فخر للمزارعين و المصدرين على السواء. ويُستخدم هذا الصمغ الطبيعي المستخرج من شجرة الهشاب في الصناعات الغذائية والدوائية حول العالم، لخصائصه الفريدة كمثبت وعامل استحلاب. ويُعد السودان المنتج الأكبر عالميًا، إذ يقدّم نحو ٧٠٪ من الإمدادات العالمية لهذا المنتج الحيوي ، و قد جرى جدل عبر المنصات السودانية و خصوصاً قبل الحرب حول تسمية الصمغ العربي إذ يرى غالب السودانيين انه من الأصح أن يطلق عليه إسم “الصمغ السوداني” .
يُستخدم الصمغ العربي في منتجات كبرى الشركات العالمية، منها شركة كوكا كولا الأمريكية التي تعتمد عليه كمكوّن رئيسي في مشروباتها، وفق ما أوردته وكالة رويترز في تقرير نشرته مارس الماضي، مشيرة إلى أن الحرب في السودان عطّلت الإمداد الطبيعي للصمغ، ودفع بكثير من الشركات للبحث عن طرق بديلة أو مصادر تهريب.
من سرقة الصمغ إلى سحق المزارعين
وبحسب مصادر من داخل قطاع الصادر الزراعي، فإن نهب مليشيا الدعم السريع منذ بداية الحرب لم يتوقف عند شحنات بعينها، بل شكّل نمطًا ممنهجًا لضرب قطاعات اقتصادية حيوية. إذ أدى الاستيلاء المتكرر على مخازن وشحنات الصمغ العربي إلى إفلاس عشرات من المصدرين المحليين، وتسبب في توقف أنشطة تجارية واسعة كانت تشغّل آلاف العمال والمزارعين في كردفان ودارفور.
و في حديث مع سودان حر ديمقراطي أشار أحد المزارعين في النهود فضّل عدم الكشف عن اسمه ، إلى أن الدعم السريع “لم ينهب المحصول فقط، بل قتل السوق، وفتح الباب أمام التهريب الرخيص، ما أدى لتدهور الأسعار، وأفقر الآلاف من الأسر التي كانت تعتمد على الصمغ مصدر دخل رئيسي”.
أما في السوق العالمية، فقد انعكست هذه الفوضى في السودان على إمدادات الصمغ، إذ أبلغت شركات أوروبية عن نقص في الكميات المتاحة، واضطر بعضها لشراء من وسطاء بأسعار مرتفعة، دون ضمانات للجودة أو الاستدامة.
تهريب منظم أم تجفيف ممنهج؟
النهب الممنهج الذي قامت به مليشيا الدعم السريع لا يمكن اعتباره فعلًا فرديًا أو عرضيًا، بل يبدو أنه استراتيجية منظمة لتجفيف موارد الدولة وتحويلها إلى أدوات تمويل ذاتية للمليشيا، عبر التهريب الإقليمي، بما في ذلك الذهب، الصمغ، والمواد الغذائية.
وبينما تواصل المليشيا سيطرتها على مناطق زراعية وتجارية حيوية في دارفور وكردفان، لا تزال الحكومة السودانية عاجزة عن وقف هذا النزيف الاقتصادي الذي يسير جنبًا إلى جنب مع النزيف البشري والمعاناة الواسعة التي يواجهها المدنيون في مناطق الحرب.
نقلاً عن منصة  سودان حر ديمقراطي.
Comments (0)
Add Comment