د. أمجد فريد الطيب
قامت مليشيا الدعم السريع بتصفية عشرات المواطنين المدنيين صبيحة اليوم في منطقة الصالحة غرب أم درمان، ووثق جنودها جريمتهم هذه بتسجيلات فيديو، واعترف بالجريمة لاحقًا ودافع عنها وحاول تبريرها مستشار المليشيا في لقاء مع قناة الجزيرة في مساء اليوم نفسه.
كم من الجرائم سنشاهد قبل أن تُقر النخبة السياسية السودانية بالطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع، وطبيعتها المتأصلة ككيان إجرامي؟ كم عدد هجمات القصف الجوي على سدود المياه ومحطات الكهرباء وبقية مرافق البنية التحتية التي يجب أن تنفذها قوات الدعم السريع قبل أن تقتنع هذه النخب بأن المليشيا تمارس إرهابًا صريحًا لا لبس فيه، هنا والآن، في الواقع المنظور، وليس ارهاب التهديدات المستقبلية المتخيلة؟
وإذا لم تكفِ الإبادة الجماعية للمساليت على يد الجنجويد، والقتل والنهب والتشريد والاغتصاب لمئات الآلاف من السودانيين والسودانيات في الخرطوم والجزيرة وكل مكان وصلت إليه قوات المليشيا، والحصار والتجويع المفروض لأكثر من عام كامل على الفاشر، والهجمة البربرية المتوحشة على معسكر زمزم قبل أيام، لإيقاظ هذه النخبة من سباتها العميق وأحلامها بتقاسم السلطة مع الجنجويد، فمتى ستفيق؟ وما نفعها في الأصل؟
المدنيون لا يملكون سلاحًا. هذا صحيح، وليس مطلوبًا منهم أن يدفعوا بأس المليشـ. يا عن شعبنا بالسلاح، ولكن أقل ما يمكن أن نطالبهم به هو أن يتوقفوا عن تدليس الحقائق، والترويج لروايات المساواة الفاسدة بين الجيش والدعم السريع، وأن يكفوا عن طرح معادلات قسمة السلطة بين “صفا أديس” و”مروى جنيف”، وما بينهما من لندن والمنامة، سعيًا إلى الإبقاء على الوجود المؤسسي لقوات الدعم السريع، والمحافظة على مرتزقتها كرافعة للسلطة. ننتظر منهم أن يفيقوا على صرخات الام هذا الشعب ليتوقفوا عن طرح وترويج التحليلات الفاسدة للحرب، وعن ترديد مبررات المليشـ. يا ومن خلفها من رعاتها الإقليميين لجريمتهم في إشعالها، فهذا ما أتاح استمرار عذابات شعبنا لأكثر من عامين حسومين. ننتظر منهم اي شيء … اي شيء … غير هذا السقوط المدوي الذي يختبيء وراء الادانات الخجولة فيما يواصل سعيه الحثيث لغسيل صورة الجنجويد والاستثمار في بقاءهم السياسي!
وإن لم يفعلوا… فيا لعارهم ويا حسافة!