ضياء الدين بلال يكتب : بين لساتك الدقير وبندقية البرهان..!

ضياء الدين بلال

ليس ما نطرحه مجرد مقاربة توفيقية عابرة، بل خلاصة تجارب متراكمة، ورؤى متأنية، وحقائق مرصودة بدقة، تؤكد حقيقة واحدة بالغة الخطورة والأهمية:

إن الفوضى المصاحبة للاحتجاجات — من حرق الإطارات، وقلع بلاط الأنترلوك، واستخدام أعمدة الكهرباء في إغلاق الطرق، والإفراط المتكرر في الإضرابات كوسائل ضغط سياسي — هي ممارسات لا رشيدة، لا تخدم مصلحة وطن، بل تفتح الأبواب لرياح مدمّرة قد تقتلع البلاد من جذورها، بعنف بالغ وقسوة مريعة.

وفي المقابل، فإن استخدام البندقية كأداة لفرض الإرادة، أو لقهر الآخر، أو لابتزاز سلطة قائمة من أجل مطامع سياسية أو مكاسب مالية، لا يُنتج إلا مزيدًا من العنف المتصاعد، ويؤدي إلى تراكم كثيف لغاز “ثاني أكسيد الاحتباس السياسي”، الذي يخنق الأشجار المثمرة، ويحوّل الأرض إلى قفر لا تنبت فيه سوى أشواك المسكيت، التي تمتص بجشع كل خيرات البلاد.

السودان — هذا الوطن الجميل، بثقله التاريخي، وعمقه الجغرافي، وثرائه الإنساني — يحتاج إلى حرية حقيقية، تبدأ بصون كرامة الإنسان، وتضمن له حق الاختيار، والتعبير، والعيش الكريم، وتنتهي عند حدود صارمة تمنع الإضرار بالآخرين، وتوقف تمامًا تلويث المناخ العام بغاز أول أكسيد الكربون، ذلك الغاز السام، الذي لا يُرى ولا يُشم، لكنه يفتك بالمجتمع بهدوء قاتل.

السودان، بثرواته الوفيرة، وموارده النادرة، وسكانه الكُثُر، وبنيته الاجتماعية المعقدة، وتناقضاته الداخلية المتفاعلة، وجيرانه المتحفزين على طمع ونهم، لا بد له من بندقية وطنية، ذات كفاءة قتالية عالية، وعقل استراتيجي مدرك، وسند شعبي راسخ، تحرس تلك الخيرات، وتغلق المنافذ الخفية التي يتسلل منها دعاة الفوضى، ومهندسو الخراب، وتجار التمزق والانهيار.

فحماية الوطن — هذا الوطن العزيز المُنهك — لا تُنجز بالعبث، ولا بالابتزاز، بل بالوعي الكامل، والانضباط الصارم، والبصيرة النافذة، التي ترى بوضوح ما بعد دخان اللساتك وحرائق البنادق.

البرهانالدقيرالعنف المتصاعدضياء الدين بلال
Comments (0)
Add Comment