يوسف عبدالمنان – صحفي
شهدت الساعات الأخيرة من يوم أمس حدثًا كبيرًا تمثّل في مقتل أحد كبار قادة المليشيا، التاج يوسف أبوكدير، المعروف بلقب “فولنق”، وذلك إثر غارة جوية دقيقة استهدفت سيارات تتبع للجنجويد في مدينة أبوزبد.
ويُعد التاج أكبر قادة التمرد في كردفان، وهو من ظل يهدد بدخول مدينة الأبيض، كما يُعتبر العقل المدبّر لعمليات احتلال الفولة والدبيبات، وتسلّم قيادة الجنجويد عقب مقتل شيريا. كان التاج شخصية مغامرة، ينتمي لأصول مسيرية تمزج بين حمر وبرتي، وقد رفعه حميدتي بعد تجنيده في قوات الدعم السريع، حيث كُلّف بدايةً بملف الإدارة الأهلية، ووُضعت تحت يده أموال منهوبة استخدمها في شراء ولاء بعض قادة الإدارة الأهلية، واستمالة الضعفاء، وتخويف آخرين بالاعتقال والسجون.
التاج هو من اعتقل موسى الشوين، كما اعتقل جميع قادة المسيرية القابعين الآن في سجون المليشيا بنيالا. ومن أبشع الجرائم التي ارتكبها، مجزرة قرية “شق النوم” التي راح ضحيتها مئتا شخص من قبيلة دار حامد.
وفي خلاوي “خرسي”، و”الشيخ أبوعزة”، و”أم قريقير”، و”أم سيّالة”، أُقيمت ليالي الذكر وحلقات التلاوة، وركع الساجدون في الربع الأخير من الليل، يرفعون أكفَّ الدعاء بأن يأخذ الله الدعم السريع أخذ عزيز مقتدر. ولم تمضِ أيام قليلة حتى جاءت واقعة أبوزبد، حيث احترقت جثة التاج أبوكدير، وشُفيت صدور قومٍ مؤمنين.
لقد عذّب الهالك مدينة الأبيض بقصفه العشوائي، وهو من جلب أعدادًا كبيرة من الجنوبيين (النوير)، مستغلًا علاقة الجوار بين منطقة الدبب ومناطق النوير بولاية الوحدة. وقد باع التاج الجنوبيين بالرأس والقطيع، ونفّذ بهم جريمة شق النوم بمحلية بارا، ثم عاد بعدها إلى أبوزبد.
أما عن كيفية اغتياله، فتشير مصادر مطلعة من المنطقة إلى أن متعاونين من داخل المليشيا، يتبعون للمخابرات السودانية، هم من حدّدوا بدقة مكان تواجد التاج. كانت عربته تختبئ تحت ظلال الأشجار الكثيفة، برفقة أربع سيارات حراسة. ومن خلال عملية دقيقة أُطلق عليها “سيطرة الصياد”، تم اصطياد الهدف الثمين.
وبدأت أمس موجة تبادل الاتهامات حول الجهة التي زوّدت المخابرات بالمعلومات. غير أن “رحلة الصياد”، التي ظن البعض أنها انتهت بخسارة معركة الدبيبات، بدأت الآن في تنفيذ عمليات بالغة الدقة، تمهيدًا لما يُتوقّع أن تكون “الوثبة الكبرى” التي تخطّط لها قيادة الجيش لكسر عنق المليشيا والقضاء عليها.
إن مقتل التاج أبوكدير يمثل حدثًا محوريًا ومنعطفًا جديدًا في مسار العملية التي باتت تُعرف بـ”حصاد رؤوس الجنجويد”.