يصادف اليوم الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الانقاذ، ويرى كثير من المراقبين ان جدول التصعيد الثوري للحراك والمواكب الجماهيرية المعلنة اليوم اصبح عملا نمطيا بحكم العادة لكثير من الثوار وبات عملا اشبه بالروتين في حد ذاته نتيجة لصناعة مقصودة من قبل التنظيمات السياسية لابقاء الشباب مشغولا عن محاولات هذه التنظيمات المستميتة في البحث عن طرق تؤهلها للمشاركة في الحكومة والجلوس على الكراسي.
عدد من التنظيمات التي أسندت الثورة اعلنت معارضتها في الهواء الطلق لقوى الحرية والتغيير بل الحرية والتغيير نفسها داخلها هناك من لا يقبل الاخر .
الملاحظ أن التنظيمات السياسية تدعم هذه المواكب لا عن مبدأ وانما من اجل المناورة السياسية واتخاذها اداة ضغط للاستفادة منها في مزيد من المكاسب اذا ما جاء وقت التفاوض مع الجهة المسيطرة وهو ما سوف تؤول اليه الامور في نهاية المطاف! اما الان فالكل في اطار المزايدة بالمواكب والدعوة اليها والي الخروج في جميع انحاء البلاد!
ويتساءل المراقبون عن جدوى هذه المواكب في احداث التغيير الحقيقي؟ لايختلف اثنان في انها اصبحت تشكل ضغطا كبيرا علي السلطات الحاكمة ولكن هل يشكل ذلك فرقا في المضي قدما بالنسبة لإجراءات الحكومة التي تمشي عليها بعد توقيع اتفاق ٢١نوفمبر؟
يرى البعض ان المسيرات التي نجحت في إسقاط الانقاذ ليست ذات جدوى وذلك لأن الاسباب التي ادت لسقوط الانقاذ معلومة للجميع والمسيرات وجدت الجو مهيأ في ذلك الوقت فكان السقوط لكن الناظر اليوم يجد أن تلك الأسباب قد زالت فالمجتمع الدولي اليوم يدعم الحكومة ويقف خلفها وهو أحد الأسباب في سقوط الانقاذ لكن اليوم عكس ذلك . والمسيرات اصبحت ليس لها تأثير حقيقي في تحول الامور وانما تشكل حالة من الضغط النسبي الذي لايقود الي تغيير جذري ولكن ربما يعمل علي تغيير في اساليب الحكومة لفرض رؤيتها واتخادها اشكالا اخف صرامة ولهجة وهي تمضي في تنفيذ برامجها غير عابئة بخروج المواكب والمسيرات ضدها!
المواكب في كثير من الأحيان تشغل الشباب عن الانتاج والتنمية التي تعتبر عملا لازما لتطور البلاد هل ذلك مقصود بذاته؟ ابعاد القوة الشابة الحية والفاعلة عن سوح الانتاج والعمل الجاد لمصلحة التنمية وتطوير البلاد؟ وهل عملت هذه المواكب لتحسين اوضاع المواطنين؟ ام انها عقدت حياتهم في كثير من الأحيان باقفال الطرق والمصالح الحكومية وتعطيل مصالحهم بدل العمل علي تسهيل حياتهم! خاصة في ظل الدعم الدولي للتسوية الجارية! بحيث يعتقد كثير من المراقبين ان هذه المواكب لن تغير من الاحداث ولن يكون لها تأثير كبير علي المشهد السياسي بالبلاد!
اعلان مليونية التاسع عشر من ديسمبر في ذكرى ثورة ديسمبر الذي ينتظره كثيرون خاصة اؤلائك الذين يرفضون اتفاق المبادئ الاطاري مابين “البرهان وحمدوك” باعتقاد انها سوف تغير من المعادلة السياسية بالبلاد ربما ينتظرون طويلا! لانها ليست المليونية الاولى في رفض الاتفاق ولن تكون الاخيرة بالتأكيد! الا ان الاوضاع تمضي لتكريس الامر الواقع دوليا ومحليا! وذلك علي مايبدو من خلال شواهد عديدة ماسوف تؤول اليه الاوضاع في البلاد بنهاية المطاف! وان محاولات استنساخ الثورة في مواكب مكرورة فاقدة للحس والحماس الذاتي لن تجدي هذه المرة؛فكل ثورة لديها مفاتيحها الخاصة.