بإعلان تشكيل الحكومة.. هل ستخرج البلاد من أزمتها ؟

محلل سياسي: تكوين حكومة لتسيير الفترة الانتقالية أمر مهم
الحرية والتغيير: القوى الديمقراطية تحضر للإضراب السياسي والعصيان المدني
التجمع الاتحادي: تشكيل الحكومة استهلاك إعلامي ومحاولة للخروج من ورطة الانقلاب
الأمة: يجب إبطال قرارات 25 أكتوبر ونطالب (جماعة القصر) بالاعتذار

بعد مرور نحو 170 يوماً على قرارات 25 أكتوبر ما زالت السلطة الحاكمة تبحث عن مخرج للأزمة التي تشهدها البلاد، حيث اختلف متحدثون استنطقتهم (اليوم التالي) حول الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة في البلاد خلال الأيام المقبلة واعتبرها البعض خطوة مهمة فضلاً عن أنها رسالة للقوى السياسية فحواها أن المكون العسكري لن ينتظر إلى ما لا نهاية، بينما يرى آخرون أنها استهلاك إعلامي ومحاولة للخروج من ورطة الانقلاب مع إطالة أمده وفي حال تشكيلها ستكون مدنية تحت سيطرة عسكرية كما هو الحال بمجلس السيادة الحالي، ولن تحظى بتأييد شعبي ورضا إقليمي ودولي بعد استحضار عناصر الإخوان المتشددة، فيما أكدت الحرية والتغيير أن تشكيل حكومة بأي مواصفات لن تخرج الانقلابيين من مأزقهم وأن مصيرها مصير اتفاقهم مع رئيس الوزراء المستقيل د. عبدالله حمدوك في 21 نوفمبر الماضي.
وفي وقت سابق قد أعلن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، العميد الطاهر أبو هاجة عن تشكيل حكومة جديدة في البلاد خلال الأيام المقبلة، بكوادر خلاقة همها السودان أمر يمثل رغبة وخيارات الأغلبية الصامتة، التي تأذت من الفوضى والهمجية السياسية”.

استهلاك إعلامي
ويقول مقرر المكتب القيادي للتجمع الاتحادي أحمد حضرة إن الحديث عن تشكيل حكومة بعد فشل ستة أشهر من الانقلاب على الحكومة السابقة استهلاك إعلامي ومحاولات ومساعٍ للخروج من ورطة الانقلاب وإيجاد منفذ لإطاله عمره سيما وأن هناك رفض تام ومقاومة شرسة مستمرة بجانب حصار خارجي يضيق الخناق عليهم.
وأكد حضرة في حال تشكيل حكومة أنها لا تعنيهم إطلاقاً، وذلك لرفض الشعب السوداني للانقلاب وتابع: لا تقارب مدني عسكري إلى الآن وأن القوى المدنية الرافضة للانقلاب في توسع وتضامن أكبر كل يوم الأمر الذي يخيف ويزيد من تخبط العسكريين بأفعال أو تصريحات لا تأثير لها على المقاومة المدنية الرافضة لهم وإعلان حكومة جديدة (خلاقة) أو عدمها لن يضيف جديداً لوضع البلاد المأزوم.

رسالة للقوى السياسية
فيما اعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب تكوين حكومة لتسيير الفترة الانتقالية أمر مهم جداً، وقد سبق للفريق أول البرهان أن أعلن عدة مرات عن قرب تكوين حكومة لتسيير الفترة الانتقالية وأرجع التعثر للرغبة في الوصول لتوافق سياسي سوداني، وقال إن القوى السياسيه في البلاد بعيدة عن التوصل إلى اتفاق أو تسوية سياسية ولا زال كل طرف سياسي يتخذ مواقف متشددة تجاه الآخر.
وبحسب محجوب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن المكون العسكري أراد بهذا التصريح توجيه رسالة للقوى السياسية فحواها أنه لن ينتظر إلى ما لا نهاية، وتوقع شروع المكون العسكري قريباً في تشكيل حكومة انتقالية مدنية لتسيير دولاب العمل إبان الفترة المتبقية من عمر العهد الانتقالي في ظل عجز القوى السياسية عن تقديم اتفاق تسوية سياسية، واستدرك قائلاً: وفي حال ظهور بوادر اقتراب الوصول لتسوية فإن البرهان سيرجيء تكوين حكومة مدنية إلى وقت لاحق، وأضاف: أي تنسيق بين أكبر قوتين سياسيتين في السودان يعني أن حكومة ما تلوح في الأفق السياسي في السودان وأبان لقاء حزبي الأمة والاتحادي والإعلان عن تنسيق سياسي بينهما، وزاد: أهم مبادرة سياسية في الوقت الراهن مبادرة الميرغني.

سيطرة عسكرية
وطبقاً القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق أن تشكيل الحكومة المزمعة ستكون مدنية تحت سيطرة عسكرية كما هو الحال في مجلس السيادة الحالي، وأشار إلى أنه وصفة سحرية لمستشاري العسكريين من الخبراء الاستراتيجيين الذين ظلوا يوحون بهذا الأمر لقائد الانقلاب، وترددوا كثيراً في تنفيذه، وقال إن المكون العسكري فكر في الانفراد بتكوين الحكومة منذ أيام خلت وحاول إيجاد حواضن أشمل وأوسع من مجموعة القصر وفي سبيل ذلك تنافسوا فيما بينهم، فالجيش له تحالف يتخلق كحاضنة، والدعم السريع له كذلك، وأضاف: كلا التحالفين تخالف أضداد، وليس بينهما انسجام أو برنامج مشترك ولا ميثاق ملزم، وأكد عروة في تصريح خص به (اليوم التالي) أنه في حال تشكيل حكومة لن ينالوا العسكريين تأييداً شعبياً ولن يجدوا رضا إقليمياً ودولياً خاصة بعد خطواتهم في استحضار فلول النظام السابق من عناصره الإخوانية المتشددة وجماعات العمل الجهادوي والعمليات الخاصة والأمن الشعبي، الأمر الذي أجمعت قوى الثورة على رفضه وتتصدى له كل يوم، وبحسب الصادق أن الانقلابيين حاولوا شق قوى الثورة بالتواصل مع بعض الأحزاب السياسية ولجان المقاومة في محاولة لتقسيمها وإصباغ شرعية على خطواتهم القادمة.

استفحال أزمات
وقطع عروة أن غياب الحكومة التي وعد قائد الانقلاب بتكوينها منذ الأسبوع الأول للانقلاب وصولاً لـ١٧٠ يوماً قاد إلى استفحال الأزمات الداخلية وإزهاق الأرواح وانهيار الخدمات وانفراط الأمن وتردي مستوى المعيشة وازدياد الكوارث وغياب سلطة الدولة، فضلاً عن فقد مكاسب خارجية كبيرة أهمها ما يرتبط بالاستقرار الاقتصادي بجانب غياب البلاد عن مؤسسات تحل وتعقد في شؤون السودان وفق تعبيره، واستباحة الأراضي والمياه والأجواء بالإضافة لتهريب الثروات، وتراجع الثقة في حكومة السودان، ما يعرقل جدولة وإعفاء الدين الخارجي، وحذر عروة من استدعاء الجماعات التي أدخلت البلاد في قوائم الإرهاب مشيراً إلى أنها ستعيدها لجحر العقوبات والقوائم السوداء والدول الراعية للإرهاب، وقال: أمامنا حتى نهاية يونيو القادم إما أن نستعيد المسار الديمقراطي ومكتسباته، أو سينهار الوضع كلياً وستزداد الأزمات تباعاً، وسيجد الانقلابيون أنهم محاصرون ومؤسساتهم وشركاتهم وبنوكهم وأسرهم بعقوبات دولية ستجعلهم يلجأون لسياسات النظام السابق التي ستخنق البلاد وتنعكس على المواطن.

انفراط عقد
ومضى عروة في حديثه قائلاً إن غياب الحكومة قاد إلى انفراط عقد الأمن أكثر وأكثر، وأن الفاعل في الفوضى الآن أفراد وعصابات صغيرة ومحدودة وتوقع اتساع الفوضى، وأضاف: حينها سيشهد السودان حالات تصفيات كالتي حدثت للراحل د. جون قرنق والزبير ومجذوب الخليفة وإبراهيم شمس الدين ومن معهم، وبحسب القيادي حزب الأمة هذا ما تسعى له المنظومة التي تدير الأزمة وما نشهده من تفلتات متقطعة بوادر لتلك الطامة وفق حديثه، ومضى في حديثه قائلاً: يمكن تلافيها بإجراء واحد وسهل وسلس يبدأ بعودة الانقلابيين عن انقلابهم (كما كنت) وذلك بالتنحي الفوري وإبطال قرارات ٢٥ أكتوبر وما ترتب عليها من إجراءات، واعتذار حاضنتهم (جماعة القصر)، من قوى مدنية وحركات كفاح عن سوء فعلتهم هذه، وأن تعلن قوى الثورة وحدتها وميثاقها وبرنامجها وحكومتها التوافقية الكفوءة المستقلة المحددة بباوقات زمنية حتى انعقاد الانتخابات العامة، وتابع: وإلا فسنجد أنفسنا في حالة اللادولة المستمرة واللامسؤولية واللاعطاء.
إضراب سياسي وعصيان المدني
وبدورها ترى الحرية والتغيير أن تشكيل حكومة بأي مواصفات لن تخرج الانقلابيين من مأزقهم سيما وأنها من كنف قوى الردة وفي إطار سلطة الانقلاب ومصيرها مصير اتفاقهم مع رئيس الوزراء المستقيل د. عبدالله حمدوك فى21 نوفمبر الماضي.
وأكد القيادي بالحرية والتغيير والمتحدث باسم حزب البعث الاشتراكي (م) عادل خلف الله لـ(اليوم التالي) أن قوى الديمقراطية والتغيير مصممة على إسقاط الانقلاب، قطعت شوطاً في تشكيل جبهتها الواسعة للتحضير للإضراب السياسى والعصيان المدني، وقال إن قوى الردة وانقلابها تزين لنفسها واقعاً مناقضاً للحقيقة لتصدقه، وتمدد الأزمة التي فاقمتها بالانقلاب، ومن خلال الاستمرار في ذات نهج البشير وإعادة توطين وتمكين عناصره لحماية المصالح والامتيازات الخاصة المشتركة، ولو اقتضى الأمر قمع الشعب والتنكيل بتعبيره السلمي بالرصاص الحي وناقلات الجنود، بل وتوظيف القضاء، ليكون في خدمة مآربهم والاستقواء بهم مع العدو الصهيوني في مواجهة الشعب.

حكومة صورية
وفي الاتجاه ذاته شدد المفكر الإسلامي والمحلل السياسي البروفييسور حسن مكي على أن هناك صعوبة كبيرة في قيام حكومة مدنية خلال الفترة القادمة.
وقال مكي: حتى إذا قامت حكومة ستكون صورية وليست حقيقية وأضاف: في النهاية تقودنا لانتخابات صورية ويصبح واحد من العساكر رئيس جمهورية على نفس نمط نميري والبشير.
ونوه مكي في إلى أن دول الغرب تريد التعامل مع حكومة قوية وحاكم قوي، لأن هناك تحديات، وقال: أعتقد أن ناس “قحت” يجب أن يكونوا عقلاء وفيهم أشخاص كانوا عقلاء، لكن تجربتهم أفسدتها تصفية الحسابات وتعليق العدالة والحديث عن العدالة الثورية، وأضاف: أعتفد السنوات الثلاث الماضية كانت خصماً على السودان، كونه أن الجامعات لا تخرج طلاباً.

إعلان حكومة
وفي وقت سابق أعلن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، العميد الطاهر أبو هاجة عن تشكيل حكومة جديدة في البلاد خلال الأيام المقبلة، وقال إن تشكيل الحكومة القادمة بكوادر خلاقة همها السودان أمر يمثل رغبة وخيارات الأغلبية الصامتة، التي تأذت من الفوضى والهمجية السياسية، وأضاف أنه يجري تشكيل واقع سياسي جديد خلال الفترة القادمة بالاستفادة من كل المبادرات الوطنية الخالصة، التي تقودها الكيانات والجهات السودانية الحادبة على مصلحة السودان واستقراره والعاملة على إنجاح الفترة الانتقالية بكامل مؤسساتها السيادية والتنفيذية والعدلية ومفوضية الانتخابات وغيرها من المؤسسات، وأوضح أن البلاد عاشت واقعاً مأزوماً خلال الفترة السابقة ما تطلب أن يخلفه الآن ميلاد واقع سياسي جديد واعٍ بالمصلحة الوطنية والشعبية تقوده القوى المشرئبة إلى مستقبل أفضل لإنسان السودان، معتبراً أن ميلاد واقع سياسي جديد حلم يراود ملايين السودانيين.

Comments (0)
Add Comment