كثير من الأنباء التي وردت قبل دخول شهر رمضان حملت بشريات بأن لا قطوعات في التيار الكهربائي خاصة في هذا الشهر، لكن ما اتضح كان عكس ذلك، حيث شهدت الفترة القليلة الماضية قطوعات بصورة مكثفة ولعدة ساعات خلال اليوم عمت معظم أحياء العاصمة والولايات، كما سبق ذلك حالة من الاستقرار النسبي في الإمداد الكهربائي خاصة في القطاعات السكنية، لكن لم يظل خلال الأيام الماضية بذات القدر من المد الكهربائي، وظهرت في هذا الشهر الفضيل برمجة قطوعات في الكهرباء لفترات طويلة، مما يؤثر الأمر على العديد من القطاعات التجارية والصناعية، ومن المتوقع أن يتأثر الأخير بسبب عدم استقرار التيار الكهربائي.
الأعطال الطارئة
وكان في نهاية مارس المنصرم قد اطمأن قطاع التنمية الاقتصادية بمجلس الوزراء لدى اجتماعه برئاسة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم على موقف الإمداد الكهربائي خلال الفترة القادمة خاصة في شهر رمضان المعظم، وبشر المهندس الأمين سليمان لعوتة من شركة كهرباء السودان القابضة ممثل وزير الطاقة والنفط في تصريح صحفي، عقب الاجتماع مع المواطنين باستقرار الإمداد الكهربائي خلال شهر رمضان مبيناً أنه لن تكون هناك قطوعات إلا في حالات الأعطال الطارئة لافتاً إلى أن كافة الصيانات المبرمجة خلال شهر مارس وبداية أبريل ستكون قد اكتملت.
وجود قطوعات
في وقت اتهم فيه مواطنون إدارة الكهرباء بالفشل خاصة في العود التي أطلقتها بعدم وجود قطوعات خلال شهر رمضان الفضيل، وما زالت تشهد العديد من الأحياء السكنية والمناطق الصناعية قطوعات واسعة في الخرطوم وعدد من مدن الولايات الأخرى.
ووفقاً لمتابعات لـ(اليوم التالي) فإن مناطق مختلفة بالخرطوم وبحري وأمدرمان شهدت قطوعات في الكهرباء، هذا وبالرغم من التعهدات التي أطلقها مسؤولون بعدم انقطاع التيار خلال شهر رمضان المبارك، وقوبل ذلك بسخط وغضب شديد من قبل المواطنين جراء تواصل قطوعات الكهرباء في رمضان.
قطوعات متواصلة
وبحسب متابعات لـ(اليوم التالي) يعاني القطاع التجاري من قطوعات متواصلة تمتد يومياً لعدة ساعات مما يعيق استمرار العمل خاصة في الأعمال التي تعتمد على الكهرباء في تشغيل آلياتها وتضطر عدد من المتاجر لإغلاق أبوابها بسبب غياب التيار الكهربائي فيما تعمل بعضها عبر تشغيل مولدات خاصة لتوفير الكهرباء مؤقتاً لحين عودة التيار، أما بالنسبة للقطاع الصناعي فهو المتضرر الأكبر نظراً لاعتماده على الإنتاج وبالتالي فإن أي توقف يؤثر سلباً على المصنع كما يؤدي غياب الكهرباء لتسديد أجور العمالة دون إنتاج فعلي، ما يعد هذا الأمر خسارة مباشرة.
أمر صعب
يرى عامل في مصنع للثلج بالخرطوم، فضل عدم ذكر اسمه، عبر تصريح لـ(اليوم التالي) إن قطوعات الكهرباء في رمضان أمر صعب للغاية، وهذا كا يدفع أغلب المصانع لحدوث خسائر كبيرة، في ذات الوقت يشير إلى أن تكلفة تشغيل الكهرباء الخاصة عبر المولد تحتاج إلى وقود وبأسعار عالية، وواصل قائلاً: في هذه الأخيرة نضطر إلى زيادة سعر المنتج لأن التغطية للتكلفة لا تكون إلا عبر هذا الخيار.
انسياب الخدمة
فيما يؤكد مختصون أن الطلب على الكهرباء في البلاد قليل مقارنة بالمشتركين من جملة سكان البلاد، وإلى ذلك يقول مصدر بقطاع الكهرباء، إن السبب في استمرار القطوعات يكمن في تجاهل الإدارات المتعاقبة لخطط التطوير التي قدمها الفنيون والمهندسون منذ أكثر من 6 سنوات دون أن تتبنى الوزارة تطبيقها، ويكشف عن وجود جملة من التحديات لـ(اليوم التالي) تواجه شركات الكهرباء خاصة أنها تعاني من قلة الكادر البشري المتمثل في المهندسين والفنيين بما لا يتناسب مع حجم الأعطال في الشبكة بجانب نقص الآليات مثل الكرينات والبطاحات وعربات الطوارئ وكذلك ندرة في مواد العمل من أسلاك وكوابل وعدادات، ويفيد المصدر بأن أزمة الإمداد الكهربائي هي مظهر من مظاهر العجز الإداري عبر إفراغ الشركات من الكفاءات وتسخير قدرات قطاع الكهرباء لصالح أفراد كانوا خصماً على استقرار مؤشرات الإمداد وإنسياب الخدمة كما بالشكل المطلوب.
اهتمام الوزارة
فيما أرجع خبراء اقتصاديون في حديثهم أسباب استمرار قطوعات الكهرباء في رمضان، قائلين إن الفجوة في إنتاج الكهرباء لعدم كفاية مصادر التوليد القائمة وعجزها عن توفير الكميات المطلوبة من الكهرباء، في وقت أشار فيه الخبير الاقتصادي محمد النيل عبر حديثه لـ(اليوم التالي) إلى عدم اهتمام وزارة الطاقة والشركة القابضة للكهرباء بتوفير الإمداد الكهربائي في المناطق السكنية والصناعية، ونوه إلى تغافل بقية مصادر التوليد الأخرى مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة التي يمكن من خلالها أن تسهم في سد فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء خاصة في هذا الشهر المبارك.