راشد دياب: الحالة النفسية للسودانيين “صعبة” بسبب التراكمات المتزايدة
علي بلدو: لا بد من التسامح واستعادة الثقة بالنفس
نسبة معدلات الطلاق بين المتزوجين موجودة بكثرة وسط الأسر السودانية
حول “تداعيات ومآلات الواقع النفسي والاجتماعي الراهن” استضاف مركز راشد دياب للفنون وبرعاية شركة سكر كنانة المحدودة في منتداه الدوري الدكتور علي بلدو الذي قام بتشريح الحالة النفسية للإنسان السوداني، منطلقاً في ذلك من عدة محاور أهمها الأوضاع الاقتصادية الضاعطة التي ضربت البلاد في السنوات الأخيرة، هذا إلى جانب تربية الإنسان منذ بداية تخلقه في بطن أمه مشيراً إلى حالة الوالدين النفسية من خلال الخلافات والمشادات الكلامية التي تحدث بين الزوجين، فقال إن هذه التصرفات تنعكس بشكل أو بآخر على الطفل وهو داخل بطن أمه، أما حالة الاكتئاب فتزداد وتصيب الطفل أكثر بعد ولادته كمرحلة ثانية ووصفها بأنها من أخطر المراحل، وعلل ذلك أن الطفل في هذه المرحلة يشاهد ويسمع ومن ثم ينشاً طفلاً مهزوزاً، وذهب إلى أن أغلب المنازل السودانية غير صالحة للسكن، ويرى أنها منازل غير شرعية من عدة جوانب أهمها انعدام التهوية فيها، وذكر أن هذه العوامل قد تنعكس على الطفل وبالتالي تدفعه أن يتبول تبولاً غير إرادي ومن ثم يقوم الأبوان بممارسة العنف اللفظي أو معاقبته بالجلد، الأمر الذي ينعكس على سلوك الطفل ونشأته، هذا إلى جانب وجود مشكلة أخرى في الصروح التربوية، وأشار إلى أن مناهجنا التربوية لا تتواكب مع روح العصر، وحصر الدكتور علي بلدو مجموعة من المراحل التي حسب رأيه يمكن أن تقود إلى نشأة غير سوية للشخصية السودانية وهي مرحلة الثانوية التي يبدأ فيها الطالب بتعاطي المخدرات، ثم الوصول إلى حالة الإدمان، وأشار إلى التحرش الجنسي الذي يمارس في الخلاوي وفي الشوارع، وكشف أن 25% من طلاب الجامعات مصابون بإدمان المخدرات، وقال إن هنالك جهات لها مصالح في تعاطي الشباب للمخدرات خاصة مخدر “الآيس” الذي أصبح يتم توزيعه مجاناً وسط الشباب، وأوضح الدكتور علي بلدو أن هنالك مشاكل ومظاهر جديدة في المجتمع السوداني منها تأخر سن الزواج لدى الجنسين، وذلك بسبب أسباب وهمية غير حقيقية، وأكد أن الشباب لا يملكون القدرة النفسية للزواج، إضافة إلى الشعور بالخوف العاطفي وكذلك الشعور بعدم الثقة من الطرف الآخر، مشيراً إلى تزايد نسبة معدلات الطلاق الفعلي بين المتزوجين أو حدوث الطلاق العاطفي، لافتاً أنها حالات موجودة بكثرة وسط الأسر السودانية وهي حالات قد تؤدي إلى اشتباكات ومشاكل قد تقود أحد المتزوجين إلى قتل الآخر، هذا إلى جانب الشعور بعدم التناغم العرقي وتفشي خطاب العنصرية في المجتمع السوداني، الأمر الذي أدى إلى عدم الراحة النفسية لدى الفرد، وقال إن المشكلة الكبيرة التي أصابت الأسر السودانية هي تفشي العنف اللفظي والتنمر الإلكتروني والتنمر الرقمي الأمر الذي يؤدي إلى حالات الاكتئاب، وكشف أن هنالك حوالي “22” مليون مصاب بالاكتئاب والمرض النفسي وذلك نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وقال إن كثيراً من الناس مصابون بالخوف من المستقبل وأضاف أن المواطن السوداني يمر الآن بأسوأ حالاته النفسية التي وصلت إلى الدرك الأسفل من الانحطاط، كما أن هنالك ظاهرة ازدياد كبيرة لحالات التشرد والتسول بسبب النزاعات المسلحة والحروبات الأهلية، ويرى أن هؤلاء المشردين يشكلون تربة خصبة للجريمة المنظمة، كما أنهم سيستغلون في جرائم أخرى مثل السرقة والجنس وإدمان المخدرات وترويجها، مشيراً إلى تزايد حالات إدمان المخدرات وسط الشباب التي وصلت “3” آلاف حالة إدمان يومياً، وحوالي “2” مليون شخص مصاب بالانفصام، وخلص الدكتور علي بلدو إلى قوله إن الراهن السوداني ينذر بالخطر، فطالب بالدعوة إلى التسامح واستعادة الثقة بالنفس، وضرورة استعادة القيم السودانية الجميلة وقبول الآخر، وقال إن هذا لا يتم إلا وفق وجود خطة واستراتيجية وطنية جديدة تتبناها الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي الأثناء وصف الدكتور راشد دياب الحالة النفسية للإنسان السوداني بـ”الصعبة” أرجعها إلى التراكمات النفسية المتزايدة، وقال إن أصل المشكلة يكمن في الجانب الثقافي والجانب الحضاري، وأضاف أننا ورثنا الرحمة المرتبطة بالمصلحة والتي بدورها أدت إلى انعدام الإحساس بحب الوطن كعاطفة مختلفة تناظر عاطفة الأمومة.
وللخروج من هذه الأزمة دعا راشد دياب إلى ضرورة وجود أفق واسع من الرؤية، إضافة إلى أهمية إعادة تربية الأبناء بشكل جديد يمكنها من تجاوز قضية التمييز العنصري والتمييز العرقي، وحسب قوله إن هذا كله يتلخص في مصطلح “الجمالية العرقية”، وناشد الدكتور راشد دياب في ختام كلمته بضرورة وأهمية الوعي الخاص المتمثل في انكشاف الذات، كما طالب راشد بإدراج الثقافة السودانية في المناهج التربوية في المدارس السودانية.
ختم الأمسية الفنان وليد زاكى الدين بأغنيات متميزة نالت إعجاب الجمهور.