دكتور خالد حسن لقمان يكتب :
البشير وزين العابدين .. للخيانة وجه واحد .. !!
.. يبدو ان الرئيس البشير قد نفث أخيراً ولأول مرةً شيئاً من ما امتلأ به صدره من غضب و حنق أثر ما اعتبره خيانة من أقرب المقربين اليه بل و من الذين اسلمهم بنفسه حياته و ( رقبته )
و يبدو ان القدر قد رمي بالفريق عمر زين العابدين ( عضو اللجنة الامنية للبشير و رئيس اللجنة السياسية المكونة ضمن الهيكل العسكري الذي تولي السلطة عقب اقتلاع الرجل وازاحته ) .. ليتلقي اولي نفثات هذا الهواء الساخن من صدر البشير الغاضب بصمت و الحانق بجلد مدهش و هدوء قاتل لمن توقع غضبه الصارخ و هياجه المجنون كردة فعل لعزله .. ولكن الرجل و منذ اللحظة الاولي لحدوث التغيير كسا نفسه وقاراً غريباً و الزمها رضاً غير معهود في القادة العسكريين عندما يواجهون محاولات و لحظات التغيير التي تهدف لعزلهم و ازاحتهم .. و قياساً علي ذلك كان يتوقع البعض ان لا تأتي ردة فعل البشير هكذا كما جاءت بهذه الغلظة التي رفض بها زيارة الفريق عمر زين العابدين ولكن يبدو ان الرجل أراد بهذا الجفاء الصارخ و العنيف أن يؤكد علي أمرين .. الأول كراهيته الفطرية للخيانة و هي رسالة يوجهها لكل تاريخه العسكري وبالتالي لكل رفاقه في الجيش و هو هنا يفعل هذا بروح القائد والعسكري الرافض بتربيته العسكرية لهذا السلوك وهو أمر يتعلق بعقيدة التربية العسكرية أكثر من ارتباطه بأية معايير و اعتبارات أخري وهو احساس لا يستطيع الشعور به الا من قضي عمره تربط علي كتفيه النجوم و الصقور و تزبن صدره الانواط و النياشين عند هذا يبدو هذا الرفض واجب وشرف مهنة يجب القيام به حتي وان جاء تقديره ضد مصلحة الرجل ومستقبل حياته و ما ينتظره في آخر ايام حياته .. أما الأمر الثاني فهو رسالة يبدو ان الرئيس السابق يخاطب بها شعبه وهو يؤمن ايماناً قاطعاً لا يتزحزح بأنه عمل بإخلاص من اجل ان يحيا هذا الشعب حياة كريمة دون ذل و لا هوان و عله ذهنه قد استعرض ساعة طرده للفريق عمر زين العابدين ذلك الأصيل الرائع الذي خرجت فيه قطاعات الشعب السوداني وعقب اعلان المحكمة الحنائية قرارها تجاه الرجل و قد تراصت عفوياً علي طول طريق عودته من قاعدة وادي سيدنا رافضة لهذا القرار و ملتفة حول قائدها في مشهد تلاحمي نادر .. لقد ظل الرجل وحتي آخر لحظاته و في آخر خطاباته يسأل شعبه ان كان يريد العيش بكرامة أم يقبل المهانة و الذل و التبعية فيستسلم لضغوط الاستسلام و التطبيع و التبعية و الخيانة .. وقد جاءه الرد ليلتها في الساحة الخضراء هادراً من من كانوا يحتشدون أمامه أن لا حياة مع الذل و لا عيش مع المهانة .. ليلتها ذهب الرجل مطمئناً لموقفه و موقف شعبه الا ان الخيانة جاءته من خاصته بل ومن خاصة خاصته اذ كان البشير يري في رفقائه في الجيش و المنظومة الأمنية الأقرب اليه من الجميع ..
.. ويبدو ان التوقيت قد إعان البشير لتصل الآن هاتين الرسالتين في أكثر الأوقات مثالية له و لوضعه حتي علي المستوي الجماهيري الذي بدأ يتغني بعودته و يناجي أيامه الزاهرة .. بمثل ما بدأ التوقيت سيئاً للفريق عمر زين العابدين الذي ( برغم ما قد يكون قد حمله من نوايا حسنة ) كان نصيبه هذه الدفعات الحارقات من أنفاس البشير الغاضبة ..