الحفاظ علي السلام الاجتماعي في أي مجتمع يحتاج إلي حكم رشيد ومستقر فكيف ببلد مثل السودان لايوجد فيه دستور متعارف عليه ولا حكومة قادرة على تقديم الخدمات ولا برلمان منتخب يحاسب وزراء الحكومة ويكون رقيب علي اداء الاجهزة الامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فالسودان فشل عقب الاطاحة بنظام المخلوع البشير في اقامة دولة تبث الامان في نفوس المواطنين وتدخل الرعب في قلوب ضعاف النفوس من التجار الجشعين والعصابات الاجرامية وعلى مستوي العاصمة الخرطوم تجد مظاهر انفلات امني وصل إلى درجة استباحة اموال الناس عبر عصابات تعرف شعبيا (بتسعة طويلة ) في ظل انحسار لقوات الشرطة التي تعيش في عزلة عن المواطنين بسبب اعمال التظاهرات التي وضعت افرادها تحت مظلة الانتقام من بعض المتطرفين بالرغم من شعار سلمية الثورة التي صارت في كثير من الاحيان اقرب الي الفوضي بعد انفضاض الناس عنها فقد كان المواطن يتطلع عقب ثورة ديسمبر الى اقامة دولة مدنية قادرة على تقديم الخدمات وتحسين ظروف العيش ولكن انقلب السحر على الساحر فصارت الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة السيد رئيس وزراءها عبد الله حمدوك اكثر شراسة اقتصاديا على المواطن البسيط المغلوب علي امره فكانت سياسة البنك الدولي برفع الدعم الحكومي عن الخدمات والوقود والغاز والكهرباء فطحن الشعب مابين مطرقة الحكومة وسندان جشع التجار هذا حال العاصمة الخرطوم التي تعيش الفقر والبطالة والجوع وبالنسبة إلى اقاليم البلاد فقد شهدت العديد منها احداث عنف كان الصراع حول الموارد يمثل نسبة50% منها وقد استبشر الشعب خيرا عقب توقيع اتفاقية جوبا للسلام مع حركات الكفاح المسلح و الشي الغريب في انها لم تكن الاتفاقية الاولي بالنسبة لملف اقليم دارفور الذي يشهد صراع منذ العام 2003م فكانت اتفاقية ابوجا مع حركة تحرير السودان جناح مني مناوي 2006م واتفاقيات الدوحة2011م المتعددة مع حركات دكتور التجاني سيسي وبحر ابو قردة وغيرهم من قادة الحركات المنشقة عن الحركات الاساسية التي اعلنت التمرد على النظام البائد وبالرغم من الدعم المقدم من دولة قطر الشقيقة لم يستفد اقليم دارفور من اعادة النظر في دمج التركيبة السكانية المعقدة التي تحتاج الي سلام اجتماعي يعمل على صهر الجميع في بوتقة واحدة من خلال التعليم والصحة والخدمات العامة والنشاط الثقافي والرياضي واستغلال الموارد لمصلحة الجميع وليس الافراد فاقليم دارفور اكبر مساحة من دولة فرنسا واكثر موارد من المملكة المتحدة واقل تعداد للسكان فاقليم دارفور كان يحتاج الي حاكم يملك طموح كبير في النهضة بالاقليم من خلال العمل على غرس القيم الإنسانية النبيلة بين سكان الاقليم الذين من حسن الحظ انهم جميعاً مسلمين فكان يمكن ان يكون الدين مدخل للسلام الاجتماعي تطبيق لقول الله تعالي
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
صدق الله العظيم
فرجل الدين هناك يحظي باحترام كبير بين المواطنين ويمكن ان يلعب دور كبير في نزع فتيل التوتر بين المواطنين وفي حال وجدت خلاوي تعليم القران الكريم دعم من حكومة الاقليم
كنت اتوقع من السيد حاكم الاقليم السيد مني اركوا مناوي ان يبادر الي انشاء قناة فضائية لعموم اقليم دارفور خاصة وان ابناء الاقليم في مختلف ضروب الفكر والإبداع لا حصر لهم داخل وخارج السودان فالاعلام كان يمكن ان يكون مدخل إلى قلوب اهل الاقليم من خلال بث ثقافات واغاني وتراث شعب الاقليم كان يمكن ان يساهم الفن في كسر الحواجز بين الناس ليس علي مستوي دارفور فحسب وانما حتي علي ناطق كل السودان وتعريف العالم بالسياحة في دارفور واتاحة فرص الاستثمار فيها وغيرها من المشاريع الاقتصادية التي كان بالامكان ان تساهم في رتق النسيج الاجتماعي وتعزيز السلام الشامل
ان غياب القانون ساهم فى معاناة الاقليم فالحلول البلدية للمشاكل الجنائية مثل جلسات الصلح ودفع مايعرف بالديات وعدم السماح للعدالة ان تمارس حقها في القصاص و السجن فان تلك الحلول تضرر منها السلام الاجتماعي كثيراً وكانت من اكبر الأخطاء السياسية لذلك لا يستغرب العالم من تكرار وقوع احداث القتل والانتقام بالاقليم بمثل ماحدث اول امس من احداث مفجعة بمنطقة كرينك والتي فاق ضحاياها العشرات بعضهم فقد جميع أفراد أسرته والبعض الأخر فقد المأوى..
فمنذ سقوط نظام البشير المطلوب لدي المحكمة الجنائية الدولية وقعت عدة حوادث قتل جماعي لم تجد العقاب الرادع علي مستوي المحاكم ولو حدث ذلك ماكانت لتنزف دارفور من جديد فهناك عدة أركان للسلام الاجتماعي في أي مجتمع، لا تتصل فقط بالتاريخ، لكنها تقترب أكثر فأكثر من الإدارة السياسية للمجتمعات منها
الإدارة السلمية للتعددية
تعرف المجتمعات البشرية ظاهرة التعددية الدينية والمذهبية واللغوية والإثنية. لم تعد هناك مجتمعات خالصة تضم أهل دين معين، أو مذهب معين، أو عرق معين أو لغة معينة. تحولت التعددية إلي قيمة أساسية في المجتمعات المتنوعة، بشريا ودينيا وثقافيا. التعددية في ذاتها لا تعني سوي ظاهرة اجتماعية، ويتوقف الأمر بشكل أساسي علي إدارة التعددية. هناك إدارة سلمية، تحفظ للجماعات المتنوعة التي تعيش مع بعضها بعضا مساحة للتعبير عن تنوعها في أجواء من الاحترام المتبادل، وهناك تعددية سلبية تقوم علي اعتبار التنوع “مصدر ضعف” وليس “مصدر غناء”، يترتب علي ذلك العمل بقدر المستطاع علي نفي الآخر المختلف، لصالح الجماعات الأكبر عددا، أو الأكثر سلطة، أو الأوسع ثراء ونفوذا. يؤدي ذلك إلي حروب أثنية، ومذهبية، ودينية، ويخلف وراءه قتلي وجرحي وخراب اقتصادي، والأكثر خطورة ذاكرة تاريخية تتناقلها الأجيال محملة بمشاعر الحق، وذكريات الكراهية، والرغبة في الانتقام.
الاحتكام إلي القانون
يمثل “حكم القانون” في المجتمع الحديث أحد أهم عوامل تحقيق المساواة والعدالة في العلاقات بين الأفراد، والجماعات. يعني حكم القانون عدد من النقاط الأساسية:
1-الأفراد متساوون أمام القانون بصرف النظر عن الاختلاف في اللون أو الجنس أو الدين أو العرق.
2-مؤسسات العدالة، الشرطة والنيابة والمحاكم تطبق القانون علي الأفراد بحيدة كاملة بصرف النظر عن موقعهم الاجتماعي، أو انتمائهم الديني، أو نفوذهم السياسي.
3-يكون اللجوء إلي مؤسسات العدالة ميسورا مكفولا للجميع، لا يتحمل فيه الشخص أعباء مالية تفوق إمكاناته المالية أو مستواه الثقافي.
4-يحاكم الشخص أمام قاضيه الطبيعي، ولا يواجه أية إجراءات استثنائية بسبب انتمائه السياسي أو الديني أو المذهبي.
5-تطبق مؤسسات العدالة القانون في إطار زمني معقول، يسمح لها بتداول الأمر بجدية، وفي الوقت ذاته لا يؤدي إلي إطالة أمد التقاضي علي نحو يضيع حقوق المواطنين.
6-تنفذ الأحكام الصادرة عن مؤسسات العدالة بحزم دون تسويف أو تأخير.
يظل السلام الاجتماعي صمام أمان البلاد وبدونه لن يعرف السودان الاستقرار فالسلام يرتبط بتوفير الغذاء من الجوع والامان من الخوف
يقول الله تعالي
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
صدق الله العظيم
المتاريس
علاء الدين محمد ابكر 𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺