تسببت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يعاني منها المواطنون بالسودان؛ في حدوث انتشار مخيف لظاهرة الطلاق وسط الأزواج تجاوزت خلال (5) أعوام الـ(270) ألف حالة، احتلت فيها العاصمة الخرطوم المرتبة الأولى بأعلى معدل ولائي لحالات الطلاق فاق الـ (93) ألف حالة.
وحمل عدد من الاقتصاديين والباحثين الاجتماعيين التدهور الاقتصادي والمعيشي بالسودان مسؤولية انعدام الاستقرار الأسري للمواطنين؛ والدفع بأرباب الأسر نحو تغليب خيار الطلاق؛ هرباً من جحيم العجز عن توفير مقومات الحياة لعوائلهم.
وأشارت إحصائيات رسمية صادرة عن السلطة القضائية بالسودان، تحصلت عليها (السوداني)؛ إلى أن الفترة من (2016 ــ 2020) شهدت ارتفاعًا كبيرًا في حالات الطلاق لـ(270,876) حالة، بلغت في العام 2016 وحده (48,351) حالة طلاق، بينما شهد 2017 ،(55,478) حالة، و2018 (59,339) حالة و2019 (60,202) حالة، وفي العام 2020 (47,506) حالة، هذا عدا الحالات التي لم يتم حصرها لعدم وصولها إلى المحاكم.
وقال الخبير الإقتصادي د. محمد الناير لـ(السوداني)، إن تزايد حالات الطلاق يرتبط بالأوضاع الاقتصادية بالبلاد وقد تكون نسبة قليلة منها تعود لمشكلات اجتماعية وأسرية، ولكن النسبة الأكبر منها تتعلق بالوضع اقتصادي والضغوط المعيشية للمواطنين خاصة في الأعوام الأخيرة، والتي شهدت تطبيق الحكومة في السودان لروشتة صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن كافة السلع والخدمات الحيوية خلال فترة زمنية وجيزة، ما شكل ضغطًا كبيرًا على المواطن السوداني دون الإيفاء والإعانة بقروض ومنح تعالج الآثار الاقتصادية السالبة لهذه الروشتة على الشرائح البسيطة ومحدودي الدخل، ما زاد من معدلات الفقر والبطالة والتي زادت بدورها من حالات الطلاق لعجز أرباب الأسر عن تلبية احتياجات أسرهم وتسبب في نشوء الخلافات والمشاكل التي تنتهي بالطلاق، ما يحتم على الدولة الاهتمام بتدارك هذه الظاهرة الخطيرة بالتركيز على معالجة مشاكل الغلاء المعيشي وتحسين معاش الناس.
وأكدت الإحصائيات أن العاصمة السودانية الخرطوم احتلت المرتبة الأولى في ارتفاع نسبة الطلاق والتي بلغت (93,119) حالة، والقضارف (21,280) حالة، ولاية النيل الأبيض (18,789) حالة، الجزيرة (17,508) حالة، نهر النيل (15,951)حالة، شمال كردفان (13,675) حالة، غرب كردفان (11,316) حالة، النيل الأزرق (10,300) حالة، شمال دارفور (8.499) حالة، البحر الأحمر (7,297) حالة، سنار (6,568) حالة، جنوب دارفور (6,344) حالة، شرق دارفور (5,148) حالة، جنوب كردفان (5,557) حالة، وسط دارفور (1,491) حالة.
وقالت الباحثة الإجتماعية ثريا إبراهيم لـ(السوداني) إن الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعانيها غالب الأسر بالسودان هي مسبب رئيس لانتشار حالات الطلاق، وتهدد بعدم استقرار العلاقات الأسرية خاصة مع تناقص دخول أرباب الأسر وعدم قدرتهم على الإيفاء بمتطلبات الأسرة من غذاء وتعليم وصحة؛ نتيجة للارتفاع الحاد الذي طال معظم الأسعار ورسوم الخدمات الضرورية لحياة المواطنين خلال الأعوام الأخيرة.
وقالت ثريا إن الدولة تتحمل جزءًا من مسؤولية تزايد حالات الطلاق بالسودان بحكم دورها في توفير حياة كريمة للمواطنين وتخفيف أعباء المعيشة وتوفير الخدمات الضرورية وتحسين رواتب العاملين ليتمكنوا من مجابهة الآثار الاقتصادية السالبة وانفلات الأسواق، لتوفير الحماية الأسرية من الضغوط التي تؤدي لحدوث الطلاق.
واحتل السودان في إحصائيات رسمية سابقة المرتبة السابعة عربيًا من حيث معدلات الطلاق والتي قفزت لـ(30)% من إجمالي عدد الزيجات.