عقوبات على “معرقلي” الانتقال الضغوط الأمريكية.. هل تساهم في إنهاء انقلاب 25 أكتوبر؟

التجمع الاتحادي: نرحب بمشروع قانون العقوبات على الانقلابيين ومن يدعمهم
نور الدين صلاح الدين: العقوبات الأمريكية لا تستهدف السودان كدولة ولكن تستهدف أفراداً
أحمد حضرة: القرار انحياز أمريكي للشارع الرافض عودة وسيطرة القوى العسكرية
سفير متقاعد: مشروع العقوبات يؤكد الموقف المضاد للإدارة والجهاز التشريعي الأمريكي لإجراءات 25 أكتوبر
الخرطوم: محجوب عيسى
في ظل التمترس الداخلي يستمر الضغط الخارجي على المكون العسكري من قبل المؤسسة التشريعية الأمريكية حيث صوت مجلس الشيوخ بالإجماع على مشروع قرار غير ملزم يدين الانقلاب ويفرض عقوبات على قادته ومعاونوهم، وأكد متحدثون لـ(اليوم التالي) إن المشروع قضية استراتيجية للضغط على العسكريين وتطويقهم بمزيد من العزلة الدولية ومنح المدنيين فرصة أكبر في التسوية السياسة وأشاوا إلى أنها لا تؤثر على السودان كدولة، إنما على الانقلابيين كأفراد، وأوضحوا أن القرار غير الملزم يعني أن النصوص متفق عليها وقابلة للإجازة في أي قرار لاحق ضمن مواقف سياسية، وفي الوقت ذاته وجد مشروع العقوبات تأييداً وترحيباً واسعاً من قوى سياسية في البلاد، معتبرين ذلك انحيازاً أمريكياً للشارع السوداني الرافض للانقلاب والساعي إلى استرداد المسار الديمقراطي.

قضية استراتيجية
واعتبر القيادي بالحرية والتغيير وعضو المجلس المركزي لحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين مشروع العقوبات غير الملزمة قضية استراتيجة للإدارة الأمريكية يعطيها هامش قدرة على التعامل مع الوضع في السودان كما وصفها بأنها خطوة إيجابية، وطالب بمزيد من الخطوات لتطويق السلطة الانقلابية بمزيد من العزلة الدولة، وقال صلاح الدين في إفادة لـ(اليوم التالي) إن مشروع العقوبات تم الحديث عنه بشكل أكثر إيجابية مقارنة بعقوبات فرضت سابقاً، وأبان أنها لا تستهدف السودان كدولة، إنما الأفراد الذين تورطوا وساهموا في انقلاب أكتوبر، ودعا السودانيين إلى حث الخطى في سبيل إنهاء الانقلاب سيما وأن إطالة أمده ستكون لها آثار سالبة على السودان، وحذر من العودة إلى الوضع القديم بعودة الديون ووقف منح ومساعدات المؤسسات الدولية وقال إن مؤسسات مالية دولية كبرى كصندوق النقد الدولي ستنظر في القريب العاجل إلى عودة ديون السودان سيما وأن الولايات المتحدة لها أثر كبير في اتخاذ القرار داخل هذه المؤسسات، وأضاف: لقد بذل السودان مساعٍ كبيرة في التعامل مع هذا الملف وكان قاب قوسين أو أدنى من إغلاقه والآن مهددون بالعودة.
موقف مضاد
فيما يقول السفير المتقاعد عبد الوهاب الصاوي إن قرار مجلس الشيوخ الأمريكى الذي ينص على فرض عقوبات على رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان ونائبه والمتعاونين معهما وشركاتهما وحث قادة المجلس على عودة الحكم المدني وفق الدستور الانتقالي يؤكد اتفاق الإدارة والجهاز التشريعي وموقفهما المضاد لإجراءات 25 أكتوبر بالسودان التي تعتبرها انقلاباً غير دستوري فضلاً عن أنها تتحرك على المستويين الأمريكي والدولي لإيقاف أي مساعدات للسودان منها مساعدات تقدر بحوالي مليار دولار وثمانمائة مليون وتعطيل معالجة مسألة الديون في إطار الهيبك وغيرها، وأوضح الصاوي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن القرار غير الملزم يعني أن هذه النصوص متفق عليها وقابل للإجازة في أي قرار لاحق ضمن مواقف سياسية أو مساعدات في الموازنة العامة تقدم لمجلسي الشيوخ والنواب ومواقف أعضائهما من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، سيما وأن المشروع يقع في إطار تأثير ومشاركة المؤسسات وتنظيمات الضغط والمجتمع المدني في عملية اتخاذ القرار بجانب الإدارة الأمريكية على مستوى الرئاسة بمجلس الأمن القومي وضمن نشاطات وزارة الخارحية ومبعوثيها في الشأن المعني، وبحسب الصاوي يوجد توافق أمريكي حيال العلاقات مع أوضاع السودان الحالية لجهة أنه عاش تجارب مريرة للسياسات الأمريكية والغربية المضادة لنظام الإنقاذ المباد، وحول تداعيات العقوبات قال إنها تقع على الشعب واحتياجاته الحياتية أكثر من مساهمتها في إسقاط رجال السلطة وإن استهدفتهم بالاسم مستشهداً بحكم الإنقاذ ثلاثين سنة على السودان وسط قرارات قوية وعقوبات ومقاطعة أمريكية ودولية، ووفقاً للسفير المتقاعد أن حل الأزمة الخانقة الحالية بيد السودانيين أنفسهم ومبادرات القوى الفاعلة في الساحات السياسية والعسكرية ومنظمات المجتمع لتحديد الاتجاه والمناهج التي تقود العملية الانتقالية وما بعدها وشدد على ضرورة أن تضع المكونات والقوى الفاعلة اعتبارها أن السودان ليس جزيرة معزولة وأن علاقاته الخارجية من عوامل نهضته أو إحباطاته.
انحياز أمريكي
وفي الاتجاه ذاته اعتبر التجمع الاتحادي المعارض أن مشروع فرض عقوبات غير ملزمة على قيادات الانقلاب والداعمين له انحياز أمريكي لصف الشارع الرافض لعودة وسيطرة أي قوى عسكرية على الشأن السياسي بالبلاد علاوة على دعم لشباب الثورة وتضحياتهم الكبيرة في سبيل استعادة مسار التحول الديمقراطي، وأشار مقرر المكتب القيادي للتجمع أحمد حضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن المجتمع الدولي لا يدعم الانقلابات العسكرية التي تقوض النظم المدنية لإدارة بلادها، وأعلن ترحيبهم بمشروع قانون العقوبات المفروض على الانقلابيين ومن يدعمهم من المدنيين أيضاً وقال: لا آثار كارثية على البلد أكثر من استمرار تدمير الوطن ونهب مقدراته من الذين يديرونه، وأضاف أن مصيبة البلد الكبرى الانقلاب الذي فشل في إدارتها وكسب أي تأييد له داخلي أو خارجي والاستمرار رغم الرفض والمقاومة الكبيرة المستمرة له من الشارع وفق حديثه.

وسيلة ضغط
ويرى الحزب الشيوعي أن مشروع القرار غير الملزم أنه عملية إضعاف وضغط على المكون العسكري علاوة على أنها محاولة لإعطاء المدنيين فرصة أكبر في التسوية السياسية، وأبان الناطق الرسمي باسم الحزب فتحي فضل في تصريح لـ(اليوم التالي) أن المشروع “قرصة” للعسكريين أكثر من ما هو صفعة وفق تعبيره فضلاً عن أنه يساعد إلى حد ما المعارضة، وقال إنه قد يؤثر ومن يحسم الأمر الجماهير السودانية وأشار إلى استمرارهم في النضال من أجل إزاحة هذا النظام.
وبحسب أستاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية جامعة الخرطوم د. تماضر الطيب في حديثها لـ(اليوم التالي) أن القرار غير الملزم يعني توجيه إدارة بايدن ويعرب عن رأي مجلس الشيوخ بشكل عام، دون أن يتحول إلى قانون سيما وأن المشاريع الملزمة عادة تصبح قانونا ً”رسمياً” وقالت إن العقوبات وسيلة ضغط على السلطة الانقلابية ويمكن أن تحد من طموحها الجامح لجهة أن العقوبات على الأفراد لشل وعرقلة نشاطهم الاقتصادي إلا أنها عادت وقالت: (لا يمكن التعويل عليها أو الاستخفاف مشددة على ضرورة التعويل على قوى الثورة بالداخل).
مشروع عقوبات
وفي وقت سابق أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار لإدانة الانقلاب العسكري في السودان ودعم الشعب السوداني القرار غير الملزم أقر بإجماع كل أعضاء مجلس الشيوخ وبتصويت سريع من دون أي اعتراض، وتتمثل أبرز تفاصيل المشروع في دعم الكونغرس للشعب السوداني في تطلعاته الديمقراطية، داعياً المجلس العسكري الى إطلاق سراح جميع المسؤولين الحكوميين المدنيين وأعضاء المجتمع المدني وأشخاص آخرين اعتقلوا جراء الانقلاب ويدعو القوى الأمنية الى احترام حق التظاهر السلمي وتحميل أي عناصر تابعة لهم مسؤولية استعمال القوة المفرطة وأي انتهاكات بحق المتظاهرين، عبر مسار شفاف وعادل، ويحث المشروع المجلس العسكري على التوقف عن كل المحاولات لتغيير التركيبة المدنية للحكومة والمجلس السيادي ومؤسسات حكومية أخرى واحترام بنود الوثيقة الدستورية، وعن العقوبات الفردية، يدعو نص مشروع القرار غير الملزم الخارجية الى تحديد أسماء قائدي الانقلاب والمتعاونين معهم والتنسيق مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لوقف كل المساعدات غير الإنسانية الى السودان حتى عودة النظام الدستوري الانتقالي، ويحث حلفاء الولايات المتحدة ودول الترويكا على الانضمام اليها في فرض عقوبات فردية على أفراد المجلس العسكري وشركائهم وحث قادة المجلس على العودة الى حكم القانون احتراماً للدستور الانتقالي، إضافة الى تعليق مشاركة السودان في كل المنظمات في المنطقة حتى عودة العملية الانتقالية.
وبحسب تقارير إعلامية أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية الديمقراطي بوب مننديز أشاد بإقرار مجلس الشيوخ بمشروع السودان ووصفه بالخطوة الضخمة تجاه تحميل المجلس العسكري مسؤولية تهديد انتقال السودان نحو الديمقراطية وفساده العلني على مستوى كبير وقال إن المجلس استمر بأفعاله الشنيعة منذ استلامه السلطة من خلال الاعتداء الجنسي على المتظاهرين والمعارضين واعتقالهم وتعذيب السجناء السياسيين فضلاً عن أن قادة المجلس العسكري يستمرون أيضاً في استغلال قطاع التنقيب عن الذهب في السودان لمكاسبهم الخاصة بالتعاون مع روسيا وحان الوقت كي تتخذ أميركا وشركاؤها قراراً سريعاً لدعم تطلعات ملايين السودانيين الشجعان من خلال إرسال رسالة للمجلس العسكري مفادها: (اتركوا السلطة للحكم المدني وعودوا إلى ثكناتكم).

Comments (0)
Add Comment