أكد المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل أن “جهات أمنية في جوبا احتجزت كل من السكرتير العام للحزب محمد مختار الخطيب والمتحدث الرسمي آمال الزين، إضافة إلى مسؤول العلاقات الخارجية صالح محمود في فندق يقيمون فيه وقيدت تحركاتهم”.
وقال فضل لـ(اليوم التالي) إنه من المرتقب الإفراج عن محتجزي حزبه ووصولهم إلى العاصمة الخرطوم ـ اليوم الخميس ـ
وآثار بيان للحزب شكر فيه عضو مجلس السيادة الانتقالى الفريق الركن ياسر العطا، لمجهوداته في التواصل مع السُّلطات بدولة جنوب السودان للإفراج عن المحتجزين، جدلاً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي، قبيل سحبه والاستعاضة عنه ببيان آخر خالٍ من عبارات الشكر.
بيان الشيوعي
وبحسب بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب عقب اجتماع طارئ أمس فإن وفداً من قيادة الحزب الشيوعي السوداني التقى بوفد من حركة تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبدالواحد محمد نور والحركة الشعبية بقيادة الأستاذ عبدالعزيز الحلو لمناقشة وثيقة الحزب (السودان: الأزمة وطريقة استرداد الثورة)، في اتجاه مواصلة الحملة حول توحيد القوى الثورية سياسياً من أجل إسقاط الانقلاب العسكري وقيام الدولة المدنية الديمقراطية تحقيقاً للسلام الشامل والعادل.
إلا أن الحزب الشيوعي علم من وفده في مدينة جوبا في دولة جنوب السودان أنه وبعد عودتهم من كاودا قد تم إيقافهم واحتجازهم والحد من حريتهم والتحقيق معهم من قبل جهاز الأمن الخارجي التابع لحكومة جنوب السودان حول سفرهم إلى كاودا دون إخطار السلطات في دولة جنوب السودان. ويؤكد الحزب أن الوفد تمت معاملته بطريقة لائقة من قبل السلطات.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي يستنكر هذا الاحتجاز والتحقيق الذي لا مبرر له لقيادة حزب شرعي قانوني له شخصيته الاعتبارية السياسية.. عليه قرر المكتب السياسي إطلاع الجماهير بما حدث وسيتابع.
إشعال حرب
من جهته استبعد خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات القومية، اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب، ما تردد حول سعي الشيوعي لإشعال الحرب، وأكد أن اتصالات الحزب مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وزعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد نور، أن هذه الاتصالات في إطار حمل الحركة للدخول في السلام، وأضاف مجذوب لـ(اليوم التالي) أنه من الواضح أن الشيوعي يحاول الحصول على كرت لدخول الساحة السياسية السودانية بعد رفضه لحوار الآلية الثلاثية.
وباعتبار أن الحلو ما زال جهة رافضة للحوار مع الحكومة والدخول في سلام جوبا لذلك فهو يعتبر جهة معادية للسلطات، لذلك تم الاتصال بحكومة جنوب السودان للتحقيق مع وفد الحزب الشيوعي الذي حاول الدخول إلى منطقة كاودا عبر العاصمة “جوبا” لصعوبة الوصول إليها من السودان، ما اعتبرته السلطات بالخرطوم أمراً مخالفاً للأمن القومي، وتابع مجذوب أن العلاقات بين السودان وجنوب السودان في مستوياتها المختلفة ربما أسفرت عن استبعاد الوفد من جوبا.
وحول علاقة عضو مجلس السيادة الانتقالى الفريق الركن ياسر العطا، بالإفراج عن أعضاء الشيوعي، قال مجذوب إن المسألة تبدو إجراء عادي ليس فيه شبهة علاقة بالشيوعي أو الحركة وزاد أن أي شيء غير مؤكد ببيان رسمي من قبل الجهات المختصة يحمل على جهة التخمين أو التحليل.
تقييد حركة المحتجزين
وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل لـ(اليوم التالي) إن “جهات أمنية في جوبا احتجزت كل من السكرتير العام للحزب محمد مختار الخطيب والمتحدث الرسمي آمال الزين إضافة إلى مسؤول العلاقات الخارجية صالح محمود في فندق يقيمون فيه وقيدت تحركاتهم”.
وبحسب فضل، فإن جميع أوراق الوفد المتعلقة بتأشيرة الدخول سليمة، وتابع: “لكن السلطات بدولة جنوب السودان أبلغتهم بأنهم لم يخطروها حول طبيعة اللقاءات التي عقدوها في مدينة جوبا غضون الأيام الماضية فأجابوا بأنهم ضيوف وأن الذي يجب إخطارهم هم الجهات التي التقوا بها”.
طبيعة اللقاءات
وحول طبيعة اللقاءات والاجتماعات التي عقدها وفد الشيوعي بدولة الجنوب كشف الحزب أن قباداته عقدوا لقاءات شملت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال – قيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد نور.
وأكد المتحدث باسم الحزب الشيوعي حسن عثمان في تصريحات صحفية أن سلطات دولة جنوب السودان عازمة عل ترحيل قيادات الحزب إلى الخرطوم ظهر اليوم الخميس.
وقال إن المكتب السياسي للحزب عقب اجتماعاً طارئاً أمس الأربعاء وإن جهاز الأمن الخارجي لجنوب السودان احتجز وحقق مع وفده، بعد عودته من كاودا معقل الحركة الشعبية ــ شمال ـ بشأن ذهابهم دون إخطار السُّلطات في جوبا.
وبحسب ما نقله موقع ـ سودان تربيون ـ في تصريح نسب لـ”حسن عثمان” فإن وفد الحزب المحتجز لدى جهاز الأمن الخارجي بجوبا عُومل بصورة لائقة، لكن بيان الحزب عاد واستنكر الاحتجاز والتحقيق “الذي لا مبرر له لقيادة حزب شرعي قانوني له شخصيته الاعتبارية السياسية”.
فلاش باك
في الوقت الذي التمست فيه حكومة حمدوك ـ قبيل إجراءات 25 أكتوبر التي قام بها قائد الجيش ـ تجاوباً في عملية الحوار مع قائد الحركة الشعبية “قطاع الشمال” عبد العزيز الحلو والذي التقى برئيس الوزراء السابق “عبد الله حمدوك” عدة مرات إلى أن رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، ظل يوجه انتقادات لاذعة لاتفاقية جوبا ويحمله مسؤولية تأزيم الوضع الأمني في الإقليم وتزايد حالات الاعتداءات على المواطنين، على الرغم من أن المشاوارت كانت عقب سقوط نظام المخلوع عمر البشير الذي كانت تقاتله الحركة في دارفور.
وعقب اتفاق سياسي الذي وقعه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، في محاولة لإنهاء الأزمة في البلاد، أعلن نور أيضاً رفضه وبشدة الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه، واعتبره شرعنة للانقلاب وردة عن أهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
وفشلت الحكومة في التوصل لاتفاق سلام مع الحركة الشعبية شمال المسيطرة على إقليم جبال النوبة بولاية جنوب كردفان رغم توقيع رئيسها عبد العزيز الحلو على إعلان مبادئ مع رئيس مجلس السيادة نص على فصل الدين عن الدولة لتباعد المواقف بين الأطراف المتفاوضة.
ويرى المتحدثون للصحيفة أن الاجتماعات التي عقدتها قيادات الحزب الشيوعي مع رئيس الحركة الشعبية ــ شمال عبد العزيز الحلو وزعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد نور، بغرض توحيد القوى الثورية سياسياً من أجل إسقاط الانقلاب وإقامة الدولة المدنية.
واجهات متعددة
فيما قال المحلل السياسي د. راشد محمد علي، إن الحزب الشيوعي يعمل بمنهجية الواجهات المتعددة، لذلك فإن فرضية محاولات عقد اجتماعات خارجية على مستوى سكرتيره العام أمر وارد لسبب رفضه لمجموعة من محاولات حل الأزمة من بينها الآلية الثلاثية التي تعمل الآن بجانب خروجه من التحالف السياسي “الحرية والتغيير” فيما يحاول الحزب خلق دائرة ومحيط سياسي فيما يعرف بالصراع الخفي، وحول أحداث جوبا أمس قال راشد: من المتوقع أن يكون ما حدث هو جزء من التهديد أو شكل من أشكال الضغط على الحزب الشيوعي لرفضه الحل السياسي المطروح الآن عبر الآلية الثلاثية واتخاذه موقفاً سياسياً مغايراً لكل القوى السياسية الموجودة في الساحة.
خطط ومخاوف
وبحسب ما نقلته المصادر فإن حكومة السودان متمثلة في المجلس السيادي تقدموا بشكوى رسمية لحكومة جنوب السودان مضمون الشكوى أن الجنوب سمح لوصول قيادات الحزب الشيوعي السوداني لدولة جنوب السودا، لرسم خطط استراتيجية لإحداث بلبلة سياسية واقتصادية.
وأشار إلى مخاوف من حكومة الجنوب التي تعتقد أن السودان يمكن أن يحرك نشاط الميلشيات الجنوب سوداني الموجودين داخل الأراضي السودانية كرد فعل للزيارة التي أجراها قادة الحزب الشيوعي.
وزار الخرطوم ـ أمس الأول، وفد رفيع المستوى يضم مستشار الرئيس للشؤون الأمنية يرافقه الدكتور ضيو مطوك وزير السلام السابق في حكومة البشير ووزير حالي بحكومة جنوب السودان، وحاكم ولاية أرسل، وعدد من الوزراء وقيادات من الأجهزة الأمنية والعسكرية.