د صلاح البندر يكتب عن المفكر د محمد سليمان محمد الخبير الدولي في علم الايكولوجيا السياسية 1 _3

نحتفي بعيد ميلاد المفكر الدكتور محمد سليمان محمد وهو يبلغ 84 عاماً وظفها منذ وعيه المبكر لقضية العدالة الاجتماعية.
ونحتفي به اعترافاً بدوره المتميز في توظيف معرفته العلمية لدعم الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لتتجاوز أفريقيا عموماً،
ومنطقة القرن الأفريقي بشكل خاص، دوامة النزاعات الدموية والاستبداد والفقر والتخلف.
ولصرامتة المهنية والدقة العلمية والموضوعية لجهوده الأكاديمية المستمرة وعزمه على تسخير دوره كمفكر خلال ما يزيد عن خمسة عقود من الزمان لتقديم بدائل ناجزة لمتخذي القرارات والأكاديميين وقيادات المجتمع الأهلي ومجال الإعلام وكنموذج يحتذي للعلماء في العالم الثالث وللأجيال الجديدة منهم على وجه الخصوص.
لم يحصر نفسه في تصورات أكاديمية مجردة أو الانعزال في أبراجها المغلقة، فقدم الدكتور محمد سليمان مساهمات عملية تقتدي بالتسامح الذي يواجه التعصب، والابتداع الذي يواجه الإتباع، والفكر الذي يواجه النقل. ان شعار منظمتنا “مؤسسة المجتمع المدني” (مواطن) ومنذ تأسيسها في 1992 هو:
“Scholarship insensitive to suffering and needs is blind; commitment without scholarship is deaf”
“علم لا يحس بالمعاناة والحاجة علم أعمى، والتزام في غياب العلم التزام أصم”
وسجل المفكر الدكتور محمد سليمان هو خير تجسيد لهذا الشعار على أرضية الواقع.
لقد كان ديدنه دائماً الالتزام بفرائض البحث الصارمة وبسنن الوطنية النبيلة والابتعاد عن دائرة الضوء الجائرة.

الـســــيـرة الـفـكـريـة

الـرؤية

يعتبر المفكر محمد سليمان من رواد علم “الأيكولوجيا السياســــــــية” Political Ecology في الشــــرق الأوسـط وأفريقيا.
ومن خلال مساهماته البحثية والتدريبية استطاع ان يربط وللمرة الأولى بين قضايا حماية البيئة والنزاعات الدموية حول الموارد ومعضلة العدالة الاجتماعية.
فمساهمته في ترويج عدد من القيم التنويرية والمدنية التي خرجت من الإطار التقليدي لتجزئة المنظورات التي تتناول مسألة التدهور البيئي
وتعالجها بمعزل عن أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكسبت علم “الأيكولوجيا السياسية” بعداً جديداً تجاهلته كل المساهمات السابقة.
فهو ينظر إلى كل الهياكل والأطر التاريخية التي تعمل على استمرار حالة التخلف والنزاع الدموي ويربطه
أفق حلها مع حزمة متداخلة من قضايا حقوق المجموعات والديمقراطية وحماية البيئة والعدالة الاجتماعية.

الـمـنـهـج
المساهمات السائدة تعالج مسألة النزاعات المسلحة بصورة اختزالية تتعلق بالهوية والعقائد وموروثات الحقبة الاستعمارية
وتعزل تطوراتها عن السياقات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ولكن تتـأسس منهجية المفكر محمد سليمان العلمية في أن استيعابنا لأساسيات حقوق الإنسان
تكمن في ضرورة تفهمنا بشكل مباشر لشبكة الترابط بين الموارد الطبيعية والسلطة والعلاقة بين الصفوة وبقية المجتمع.
وبذلك استطاع وللمرة الأولى ان يقدم تصوراً بديلاً يتعلق بالتحولات التي تعرضت لها دورات النزاعات المسلحة في أفريقيا
والشرق الأوسط وبالتالي فتح أفقاً جديداً تطلبت اعادة النظر في المفاهيم السائدة وتفكيك ونقد تصوراتها وأنتقل
بمساهمته الجدية في صياغة منظومة مفاهيمية متكاملة تستشرف بدائل للمستقبل تستند على
قسمة الموارد على أساس من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

يتبع

Comments (0)
Add Comment