أكاديمي : كنا نتوقع من الشيوعي أن يقود تحالفاً مدنياً ولكن!!
محلل : الإعلان أخرج الشيوعي من دائرة السلمية إلى العنف
الخطيب : الحوار مع الحلو ونور حقق أهدافاً كبيرة
شدد الحزب الشيوعي السوداني، على تمسكه بالإعلان السياسي، مع قائد الحركة الشعبية “قطاع الشمال” عبد العزيز الحلو و قائد جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، في وقت وصف المبادرات في الساحة السياسية بغير المجدية؛ لأنها ستفضي لحكومة عسكرية او ديمو قراطية مساندة لانقلاب البرهان، الذي طرحه أمس الأول بالتحالف مع جيش تحرير السودان والحركة الشعبية جناح الحلو، وأكد لـ(اليوم التالي) بدء العمل فوراً للتعريف بالإعلان لقطاعات الجماهير على نحو الإعلان السابق للحزب الذي وصلت أصداؤه لكل قطاعات الشعب، فكانت المقاومة الجماهيرية الكبرى، لكن مراقبين وصفو الإعلان بالتحالف العسكري السياسي، والتآمر على الدولة السودانية ولستجداء الأجنبي، بينما توقع آخرون أن يولد ضعيفاً ولن يجد قبولاً لدى الشعب السوداني، داعين الشيوعي للتراجع عنه، وخلق تحالف جديد مع القوى المدنية.
(1)
أعلن الحزب الشيوعي السوداني أمس الأول عن تحالف جديد يقوده، يتكون من “الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور”، وقوى أخرى أطلق عليها (قوى الثورة الحية) دون أن يسميها.
وقال السكرتير السياسي للحزب، محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن زيارة الوفد الذي ترأسه إلى جوبا وكاودا السودانية حققت غاياتها بنسبة نجاح عالية، عبر الحوارات التي أجراها مع كل من رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور في عاصمة جنوب السودان جوبا، والمحادثات التي أجراها مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز الحلو، في منطقة كاودا، أو المناطق المحررة على حسب قوله.
ووصف الخطيب ما تم التوصل إليه في تلك المحادثات بأنه إعادة رسم لملامح ما أطلق عليه السودان الجديد الذي يتوق له شعب السودان منذ الاستقلال، وتحقيق أحلامه في العدالة والتنمية والوحدة، وأهمية مغادرة المشهد الذي صنع وراكم الأزمة العامة، وأدى للقهر الإثني والثقافي.
وتمثلت ملامح التوافق بين الأطراف الثلاثة، بحسب سكرتير الحزب الشيوعي، في: رفض التبعية للخارج والخلاص منها تماماً، وإنهاء ثنائية المركز والهامش، موجهاً نقداً عنيفاً لحكومة الفترة الانتقالية لثورة ديسمبر ووصفها بأنها كانت امتداداً للقوى القديمة، وتحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم وبعض البرجوازية الصغيرة المدجنة المرتبطة بقوى إقليمية ودولية ورجال أعمال سودانيين، وتابع: كل همهم وراثة النشاط التجاري لحكومة (الإنقاذ)، بسند إقليمي ودولي.
واستطرد: اتفقنا على تحالف قوى الثورة الحية وصاحبة المصلحة في التغيير الجذري الشامل، وتتكون من الشرائح والطبقات الاجتماعية المقهورة في المركز والهامش… على أن نواصل النضال المشترك والتنسيق لاسترداد الثورة، وإحداث التغيير الشامل… والحفاظ على الثورة متقدة.
وكشف الخطيب أنه تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على تكوين قيادة سياسية موحدة، وتكوين مركز قيادي ثوري تنسيقي، يمتلك القرار في العاصمة والأقاليم ومعسكرات النزوح، لإسقاط من وصفهم بالانقلابيين، والتوافق على ميثاق مشترك مستمد من المواثيق القاعدية المطروحة في الساحة السياسية، وبرنامج للفترة الانتقالية لوضع خريطة طريق لتكوين الحكومة الانتقالية، موضحاً أن اتفاقاتهم رسمت ملامح القيادة الموحدة للتغيير الجذري في السودان.
واستمراراً لنقده العنيف لحكومة الفترة الانتقالية، قال الخطيب إن حكومة الفترة الانتقالية اتبعت سياسات حكومة “الإنقاذ”، ما أدى إلى تواصل دورة الأزمة العامة التي بدأت تتراكم مجدداً، ما أدى لتردي الأوضاع في البلاد، واعتماد حكومات الفترة الانتقالية على الأجهزة الأمنية والقمع، مرجعاً اعتقاله إلى تفريط حكومات الفترة الانتقالية في حل جهاز الأمن الذي اعتقله ورفيقه صالح محمود.
من جهتها، شرحت عضو اللجنة المركزية في الشيوعي، آمال الزين، كواليس الرحلة التي قام بها الحزب إلى جنوب السودان ومنطقة كاودا، ونتج عنها احتجازهم في جنوب السودان، واعتقال السكرتير السياسي وعضو اللجنة المركزية في الخرطوم، ووصفتها بأنهم حصلوا على الأذونات اللازمة لدخول جنوب السودان، وهناك أجروا حوارات مع رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد النور، ومن ثم غادروا إلى منطقة كاودا عبر الطيران والبر، وعادوا بالمسار ذاته، وتم توقيفهم في مطار جوبا من قبل السلطات الأمنية، قبل أن يسمح لهم بالعودة للسودان.
ووصفت الزين حصيلة الزيارة بأنها كانت كبيرة وعميقة يستحقها الشعب السوداني، لتقود الحراك السياسي إلى نهاياته، وتحقيق كامل أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وصولاً لحكومة مدنية ديمقراطية تفضي لانتخابات حرة نزيهة.
إلى ذلك، قال عضو اللجنة المركزية للحزب صالح محمود، إن حزبه حدد القوى الحية التي تطالب بالتغيير الجذري، واقترح هاتين الحركتين بجانب قوى أخرى لتكوين التحالف؛ لكنه قرر البدء في هاتين الحركتين، وقال: لم نرَ في ذلك أي مشكلة، وهو أمر لا يقتضي أخذ الإذن من أحد»، واستطرد محتجاً على الاعتقال: «هذا من حقنا، فقد ذهبنا للقاء سودانيين أصحاب قضية وأساسيين في أي تغيير… ولم نذهب لأي أجنبي أو مشبوه.
وأوضح محمود أن التضامن الواسع المحلي والإقليمي والدولي الذي تضمن حتى المختلفين معهم في الرأي، لعب دوراً كبيراً في إطلاق سراحهم، بقوله: التضامن الداخلي الواسع من القوى السياسية من منظمات المجتمع، من شخصيات وطنية ثقافية مختلفة، حتى مع من اختلفوا معنا، لعب دوراً كبيراً في أن تفكر ألف مرة في جدوى الاعتقالات.
ورحب محمود بتضامن المخالفين لحزبه في الرأي –قال إنهم ليسوا خصوماً سياسيين – وأضاف: هذا عمل جيد يكشف أن هناك إمكانية في الحوار وطرح خط جديد للالتفاف حول قضية بناء بلدنا بشكل جديد: نفارق التبعية، تضامن من القوى المحبة للسلام، قوى دولية، أحزاب شيوعية عمالية.
وحذر المسؤول الحزبي البارز من ما أطلق عليه محاولات قوى أجنبية وإقليمية تسعى للتصالح مع النظام، وتابع محدداً : أقصد، وهذه رسالة للآلية الثلاثية المشتركة : ارفعوا يدكم من السودان؛ لأنه غير مستعد لأي وصاية من الخارج. نحن لا نعرفهم طالما هم يسيرون في اتجاه الرجوع للشراكة مع العسكر»، وقطع : «لا تسوية، ولن نعمل على أي تسوية بتصوراتهم هذه.
وخص محمود مبعوث الاتحاد الأفريقي، الموريتاني محمد الحسن ولد لبات، بالقول: لا مكان له في السودان، وتابع: أحسن يعرف رأينا، أن يظل ضيفاً فمرحباً به، أما إذا أراد أن يشتغل سياسة فلا طريقة في هذه البلاد… ولن نسمح له بتكرار نفس الدور الذي لعبه في ديسمبر 2019.
(2)
وصف أستاذ العلوم السياسية د عبد الرحمن ابو خريس التحالف بأنه ضد السلمية، وأضاف لـ(اليوم التالي) ما أعلن عنه أمس الأول من تحالف عسكري سياسي يعلن فيه الحزب الشيوعي عن جناح عسكري يهدد بالضرورة باستخدام القوة ، وتابع الشيوعي الذي رفض لكل أشكال الحوار وتمسك باللاءات الثلاثة، من الواضح أنه يقود الآن خطاً جديداً لتهديد البرهان، لكنه في تقديري خط خاطئ؛ تم تدشينه بالجلوس مع عبد الواحد والحلو، وهذه حركات مسلحة مازالت تحمل السلاح ، بينما الشيوعي منظمة سياسية مدنية وليس حركة مقاتلة، فهذا تحالف عسكري مدني لا مدني عسكري ، بمعنى أنه كان عليه كمنظمة مدنية البدء بالتحالف مع المدنيين ، ومن ثم تعلن الحركات المسلحة تأييدها وانضمامها للتحالف، ومن ثم ينشر الإعلان السياسي.
وزاد ابو خريس.. إن الإعلان بهذا الشكل الذي تم به ينم عن نوايا عنيفة للحزب الشيوعي، وتابع.. الشيوعي الآن يعلن عن جناح (عملياتي) عسكري يخرجه عن شعارات النضال السلمي، والحوار السياسي، بينما كنا نتوقع أن يقود الحزب تحالفاً مع حزب الأمة القومي مثلاً، او مع الإسلاميين المعارضين للبرهان، لكنه أضاع هذه الفرصة إلى الأبد، وقفز قفزة لا تتوافق أبداً مع الحالة السياسية التي تعيشها البلاد، وهي الحالة الانتقالية، صحيح أن العسكر قابض على السلطة، لكن المظاهرات السلمية تخرج كل يوم ، والوضع المعيش لايمكن وصفه بالحكم المدني أو العسكري لكنه وضع انتقالي بالتأكيد.
(3)
أما استاذ العلوم السياسية المحلل السياسي، د يوسف علي، فقد رفض الإعلان بشدة واتهم الشيوعي بالتآمر مع منظمات أجنبية تسعى لتقسيم السودان ، وأضاف لـ( اليوم التالي) الحزب الشيوعي السوداني له أجندة تتطابق مع المخططات الخارجية المناهضة للدولة السودانية والمعادية لتطلعات الشعب غض النظر عن من يحكم ، وتابع يوسف.. هذه المخططات تناهض فكرة الدولة وتعمل على استبدالها بقوات مسلحة ، ووفق ذلك تقوم بتفكيك قوات الجيش والشرطة والأمن وتتبنى العلمانية، وتستبدل الدولة بحركات الكفاح المسلح.
وأوضح يوسف أن الشعب السوداني احترم حركات الكفاح المسلح كأجسام مطلبية تسعى لرفع الغبن عن شعوبها وتنتزع حقوقهم، وليس أكثر من ذلك، وزاد “السودانيون أولى من غيرهم بحل مشاكلهم” والبحث عن حلول بالاستنجاد بالأجنبي والتقوي به لا تنتج إلا مزيداً من الأزمات ، كلنا يعلم أن الجماهير السودانية عندما خرجت لم تخرج على نظام قائم من قضايا شعبية، وليست كمنظمة أو منظومة حزبية أو سياسية ، وطالب يوسف الشيوعي بوقف الإعلان فوراً، ونقول للحزب الشيوعي السوداني ، ارجعوا إلى صوت العقل ، وأديروا حواراً مع الشعب السوداني لمعرفة ماذا يريد أولاً بدلاً من التعبير عنه بالوكالة.
(4)
لكن الحزب الشيوعي تمسك بالإعلان، ولفت إلى أن الاعتقالات لن تثنيه عن المضي قدماً فيما رآه ، وقال المتحدث المكلف باسم الحزب، حسن عثمان لـ(اليوم التالي): الخط الفاصل بات واضحاً بين قوى الهبوط الناعم المؤيدة لانتخابات 2020 وقوى الثورة والديموقراطية ، وتابع “ما طرحناه برنامج ثوري للتغيير الجذري لكل محاولات الاختراق للثورة منذ قيام الثورة، ثم الحكومة الأولى والثانية ثم المحاصصة وحتى انقلاب اللجنة الأمنية لنظام البشير في 25 اكتوبر”.
وبحسب عثمان فإن السودان ظل خاضعاً للمحاور والهبوط الناعم منذ الاستقلال عبر الحكومات العسكرية والديمو قراطية سواء، وشدد على أن الإعلان هو في سبيل بناء المركز الثوري الموحد للقوى السودانية الحية، فقد اتجهنا لعبد الواحد والحلو ، لا نقول إننا متفقون معهم بتطابق كل الرؤى، لكن المركز الموحد وعدم إحراز أي تقدم منذ التغيير في حل مشكلة دارفور أو أي مشكل سوداني آخر ، هي قضايا تجمعنا معهم ومع كل الحادبين على مناهضة الانقلاب.
وحول الخطوة القادمة للمركز الموحد قال عثمان.. نحن ماضون في التواصل مع كل القوى الحية في الشارع على اختلاف مسمياتها، وشدد؛ إن ما صحب الإعلان من تعامل قمعي من قبل السلطات لن يثنيهم عن العمل على المركز الموحد ، مبيناً أن أي عنف من قبل السلطات هو ضريبة النضال الوطني التي ظل الشيوعيون يدفعونها منذ عقود من الزمان.