البعث: إزالة الانقلاب أو الإضراب السياسي والعصيان المدني
محلل سياسي: لجان المقاومة بعضها مؤدلج وإصرار “المجلس المركزي” على عدم الحوار كارثة
عضو بالمركزي: عدم مصداقية القيادات صنعت موقفاً متذبذباً للتحالف
أكاديمي: المركزي ما زال يعيش في حقبة حمدوك، ويتناسى ظلال الأحداث المتتالية
مقدمة:
(لن نقبل بأي حل إلا عبر الحرية والتغيير) هذه العبارة كانت في لافتة شاهدها الجميع في ساحة اعتصام القيادة العامة، لكن بعد مجموعة من التداعيات لم تعد قوى التحالف بعد انسحاب الحزب الشيوعي ومشاركة التحالف في حكومة انتقالية أسست على وثيقة دستورية لم تنل رضا كثير من القطاعات واخترقتها اتفاقية السلام، لم تعد الحرية والتغيير هي الجماعة المرجعية للشارع السوداني ولا للثوار، لكنها تحاول اليوم بناء جسم موحد بدأ الإعداد له في عدد من الولايات للضغط على الآلية الأفريقية بقبول الشروط وأولها إزالة انقلاب 25 أكتوبر، أو الاستعداد للإضراب السياسي والعصيان المدني، فيما رأت أصوات من داخل المجلس المركزي عدم المصداقية لبعض القيادات في حين اعتبر مراقبون الرفض المستمر من قبل التحالف سيخرجه من دائرة الأمم المتحدة وأن الرفض المطلق يولد الأزمات، بينما الحوار ينتج الحلول..
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق
المشهد الآن
أعلن تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” أمس، مقاطعته اجتماع فني مزمع عقده غداً الأربعاء، بحضور أطراف عسكرية ومدنية، دعا إليه وسطاء دوليون، بحجة أنه لا يخاطب طبيعة الأزمة ولن يؤدي إلى إنهاء الانقلاب العسكري.
وجاء ذلك في بيان صحافي تلاه عضو المجلس المركزي للتحالف، الواثق البرير، في دار حزب الأمة القومي بمدينة أم درمان.
وأبلغ التحالف قرار المقاطعة والاعتذار لمساعدة وزير الخارجية الأميركي، مولي في، وللآلية الثلاثية المشكّلة من بعثة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التنمية الحكومية “إيقاد”، في اجتماعين منفصلين، أحدهما مع الدبلوماسية الأميركية الموجودة حاليا في الخرطوم، والآخر مع الآلية الثلاثية التي تضم كلا من رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، ومبعوث الاتحاد الأفريقي محمد حسن ود لباد، ومبعوث “إيقاد” إسماعيل أويس.
والأحد أعلنت قوى الحرية والتغيير أن المجلس المركزي للتحالف، أجاز رؤيته حول العملية السياسية والتي عنونها بـ«إنهاء الانقلاب والتأسيس الجديد للمسار المدني الديمقراطي».
وقال التحالف في بيان صحفي، إن هذه الرؤية تلخِّص التصّور الشامل للتحالف حول كيفية إنهاء الانقلاب عبر عملية سياسية واستخدامها كوسيلة من وسائل المقاومة السلمية ضمن حزمة من آليات متكاملة، «وتستخدم كل خبرة شعبنا في النهوض في مواجهة الشموليات وهزيمتها».
وتقود الآلية الثلاثية «الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة وإيغاد» حواراً بين الأطراف السودانية لحل الأزمة التي أعقبت انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م.
وأضاف بيان الحرية والتغيير: «نطرح هذه الرؤية لشعبنا فهو بوصلتنا التي نهتدي بها والتي ترشدنا الى الطريق القويم».
وتابع: «هذه الوثيقة مفتوحة للنقاش مع كافة أبناء وبنات شعبنا، لكي نطورها سوياً بما يجمع قوى الثورة ويوحد صفوفها ويقوي عزيمتها في طريق مواجهة الانقلاب وهزيمته واستكمال ثورته المجيدة المباركة».
ونشر التحالف تفاصيل الرؤية التي تضمنت «تعريف الأزمة وأطرافها والقضايا الإجرائية والتي شملت آليات إنهاء الانقلاب والتأسيس الجديد للمسار المدني الديمقراطي وطبيعة الأزمة السياسية وأهداف العملية السياسية والأطراف المستهدفة بالعملية ودور ومهام الآلية الثلاثية والأصدقاء الدوليين والإقليميين، ومراحل العملية السياسية وأطراف كل مرحلة».
تحدثت الرؤية عن مؤسسات السلطة الانتقالية وأقسامها وكيفية تكوينها.
وتضمنت الرؤية قضايا المرحلة الانتقالية، وحددت عشر قضايا تبدأ بالعلاقة بين الحكم المدني والمؤسسة العسكرية وتنتهي بالانتخابات.
فيما قطع المتحدّث باسم الحرية والتغيير المجلس المركزي وجدي صالح، أنّ التحالف لن يخوض الحوار المباشر بين الفرقاء السودانيين، الذي أعلنته الآلية الثلاثية الأربعاء الماضي.
وقال وجدي في تصريحات، مقتضبة الأحد: “لن نخوض أيّ حوارٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، لأنّنا قد بيّنا للآلية من قبل مطلوبات المرحلة التحضيرية للعملية السياسية التي تقوم بها الآلية والتي لم تحقق حتى الآن”.
سياسة الأمر الواقع!
القيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي عادل خلف الله قال إن الطريقة التي أعلنت بها ما يسمى بالحوار المباشر كأنها لم تتعظ بالدعوة التي أطلقها، ولم تكترث بالأطراف المعنية تماماً، كما حدث فيما أسماه بملتقى التفاكر المدني العسكري، ومضى عادل لـ(اليوم التالي): وهذا يشير إلى أن الآلية تعتبر الدعوات التي تطلقها كأنها غاية، في الوقت الذي تتجاهل تلمسها للقوى السياسية والفكرية من أسر المعتقلين والشهداء ولجان المقاومة والتي أعلنت مراراً رفضها لهذا الحوار الذي يختلق عملية سياسية ليس لها أهداف واضحة، وشدد خلف الله على أن أي عملية سياسية لا تقوم على إنهاء الانقلاب وإقامة سلطة مدنية لن تنجح ولن يشارك التحالف فيها.
وحول الخطوة المقبله للمجلس المركزي قال عادل إن التحالف يعمل منذ إعلان السلطات رفع الطوارئ على بناء أوسع جبهة للحرية والتغيير تتمسك بكل مطالب التغيير الديموقراطي مضافاً إليها المطالبة بمحاسبة المتورطين في قتل الثوار بصورة احترافية، وأضاف أن التحالف توصل لنتائج مبشرة في بناء الجبهة الأوسع بدأت في عدد من ولايات البلاد في الجزيرة والنيل الأبيض ونهر النيل، وصولاً إلى الإضراب السياسي والعصيان المدني والرفض لكل محاول شيطنة الانقلاب أو فرض سياسة الأمر الواقع.
مواقف متذبذبة!
أستاذ العلوم السياسية عبد الرحمن أبو خريس قال: الآلية الثلاثية ممهد لها من الأمم المتحدة لإدارة حوار سوداني بين السلطات والقوى السياسية ما عدا المؤتمر الوطني، لكن التحالف يرفض أي حوار مع العسكر أو من يصفهم بالفلول، وأضاف لـ(اليوم التالي): من الواضح أن التحالف ما زال يحمل في رأسه أيام حمدوك، ويرفض حتى الحركات المسلحة التي وقعت اتفاق السلام، وهذا خطر لأنه يخرجه من دائرة الأمم المتحدة، وحول رهان التحالف على الشارع قال أبو خريس إنه لن يكون رابحاً للحرية والتغيير ومضى: لجان المقاومة بعضها مسيس والآخر أحرار، وقطاعات مقدرة منهم لم تعد بذات الحماس للتحالف، فالحرية والتغيير اليوم ليست كالتي تغنى لها الثوار في أرض الاعتصام، بعد خروج الشيوعي وخوض تجربة الحكم في ثاني حكومات الانتقال، هذ الشارع المقسم بين لجان مقاومة مؤدلجة وأخرى لا يمكن وصفها بمع أو ضد الحرية والتغيير، لكن الفرضة التي تقدمها الآلية الثلاثية الآن فرصة كبيرة ومواتية ولن تأتي أكبر منها في ظل تعقيدات المشهد الداخلية والخارجية، لذا لا بد من حل لوقف الدماء والقتل اليومي، فالحوار يولد الحلول، أما التمترس فلا يفضي إلا لمزيد من التأزيم.
أما عضو الحرية والتعيير المجلس المركزي بشرى الصائم فقد تساءل: هل الحرية والتغيير مع الثورة أم ضد الانقلاب وأضاف لـ(اليوم التالي): الثورة والشارع لا علاقة لهما بالعسكر ولا بالمجلس العسكري أو مجلس السيادة، وفولكر هو صاحب اقتراح الحوار المباشر وغير المباشر، المباشر مقصود به من جاءوا ووافقوا على الحوار بلا شروط وغير المباشر من جاء ووافق لكن بشروط وفي تقديري أن الاثنين يقودان لنتيجة واحدة وهي الشراكة مع السلطات، ومضى الصائم: إذن لا جدوى من هذا التقسيم لمباشر وغير مباشر، وتابع: المجلس المركزي مواقفه متذبذبة، فهو يتحدث عن الرفض أمام الشارع في وقت يواصل لقاءاته واتصالاته مع الآلية، التي نفذت عبر السلطات بعض مطالب المجلس مثل رفع حالة الطوارئ، وزاد الصائم: وجدي صالح وخالد سلك لهما طريقة غريبة في التعامل مع الأزمة، كقولهما إن مؤسسات حزب الأمة القومي مع التحالف، لكن برمة ناصر مع الانقلاب.