بروفسير عثمان أبوزيد يكتب: معاش

صديقنا عوض قرشوم ـ الله يذكره بالخير ـ سمعته عندما وصل إلى سن الستين يقول: إن والده لما وصل إلى الستين من عمره كان قد أنجز كل مهماته في الحياة؛ بنى البيت، وعلَّم الأولاد وزوَّجهم، وأدى فريضة الحج، وأجرى عملية العيون، ليتقاعد بعد ذلك من عمله في هدوء…
يقول عوض قرشوم ضاحكًا: “تصوَّر أنني وأنا في الستين الآن، ويا دوب بتعلم الكمبيوتر”.
مكتوب على جيلنا أن يستمر في العمل والعلم (من المهد إلى اللحد)!
والمعادلة في هذا الزمن العجيب أنه كلما زادت الأسعار يصبح عملك أرخص…
في زمن التضخم الجامح هذا لا بد من تدبير للحماية، ولا يكون ذلك إلا بجودة العمل وشحذ المهارات والاجتهاد لمواكبة الجديد في المهنة.
أنشغل هذه الأيام بالقراءة في الذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى، ولو لم أفعل ذلك أجد نفسي “متخلفًا” عن الركب.
أفضل شيء لكي تستمر منتجًا ومفيدًا، أن تكون جيدًا بشكل استثنائي في شيء ما. هكذا يحتاجون إليك ما دمت قادرًا على عطاء متميز.
هل من أحد يستطيع أن يعيش على راتبه التقاعدي؟
كنا في حضرة نائب رئيس الجمهورية الأسبق ذات مرة، وتفاكرنا في مصائر المتقاعدين وكيف أنهم يعانون الأمرّين، وكان أحدهم حاضرًا فانبرى يقول: “بالله واحد بروفيسور محترم مثلي يتقاضى معاش ثلاثة آلاف جنيه؟!”.
المفارقة أن هذا البروفيسور الذي أنفق طاقته الذهنية في عمل بعينه، لن يطيق استئناف عمل جديد بعد “المعاش”… لم تبق طاقة لذلك، بل لم يبق في العمر بقية…
وعلى قول المغني السوداني:
الحنين البيْ ليه ما قدروه
العمر من وين بشتروه؟!

Comments (0)
Add Comment