بلغ الإحباط في الشعب السوداني مستوي أعلى من مستوى اليأس وذلك لأن الشعب لا يري أملا لحلول سياسية لا في المدى القريب ولا البعيد، وهذا لأن الساحة مليئة بالأطماع العالمية والإقليمية ومليئة بالعملاء وشذاذ الآفاق من بني جلدتنا الذين هم الأعلى صوتا مقارنة بالوطنيين من أهل البلد.
🔹ويبقى السؤال، لماذا الفشل يصاحب كل محاولة منظورة في الساحة السياسية السودانية ؟
ولكي نصل للإجابة على هذا السؤال دعونا نتنقل بين النقاط التالية :-
🔹إختيار القيادة في الإسلام يعتبر منشطا سهلا جدا ومنسابا وبطريقة سلسة وذلك :
🔸لتكرره يوميا 5 مرات إستجابة لنداء الأذان للصلاة المفروضة ، فيجتمع الناس من بعد الأذان لأداء الصلاة، ويتم تقديم أحد الحاضرين إماما بسهولة ويسر ودون مجهود يُذكر .
🔸ما يجعل إختيار إمام الصلاة ميسورا وسهلا هو وجود منهج للصلاة متفق عليه بين كل المصلين.
لهذا يكون دور الإمام محدود جدا وهو قيادة المصلين عبر منهج الصلاة الصارم الذي يبدأ بتكبيرة الإحرام وينتهي بالسلام.
🔹ولذلك يمكننا تعريف الديمقراطية من منظور الإسلام بإستنباطه من صلاة الجماعة المتكررة في كل بقاع الأرض خمس مرات في اليوم.
🔸السمة الأساسية للديمقراطية في الإسلام هي التوافق على منهج (وثيقة ثوابت المجتمع)
🔸أي إثنين من المسلمين يقيمون صلاة الجماعة في أي موقع إن حان وقت الصلاة.
ويجتمع أهل الحي والفريق للصلاة في الزاوية، وكذلك الذين يعملون بشركة أو مؤسسة أو في السوق يجتمعون للصلاة بكل سهولة ويسر ويختارون من يؤمهم.
ويوم الجمعة تجتمع أحياء متجاورة لصلاة الجمعة في المسجد الجامع.
ويوم العيد تجتمع المدينة كلها في الساحة لصلاة العيد.
وفي الحج يجتمع مسلمون من كل فج عميق للصلاة في الحرم وفي عرفة.
🔹إن أخذنا المثال الأمثل للصلاة في أحوال حياتنا الأخري ونحن نأسس للديمقراطية سنصل لنفس السهولة واليسر في إختيار إمام الصلاة.
ما هي أهم الأشياء التي تميز صلاة الجماعة ؟ :
1- أن المنهج متفق عليه.
2 – أن الإمام يتم إختياره بواسطة جماعة المصلين.
3- أن الإمام إن خالف المنهج المتفق عليه يتم تنبيهه بالتسبيح والتحميد.
4- إن لم ينصاع الإمام لمنهج الصلاة تعاليا وتكبرا أو جهلا ينصرف المصلون عنه ويقيموا صلاتهم بإمام آخر.
5- الصلاة زمنها محدود وبذلك فترة قيادة الإمام للصلاة محدودة بذلك الزمن. إن إنتهت
الصلاة إنتهت إمامة الإمام وصار كل فرد في ما يشاء من عمل.
6- إن سهى الإمام عليه أن يجبر سهوه وفق منهج الصلاة المتفق عليه، ولا يفعل الإمام ذلك لوحده مع أنه هو الذي سهي وليس المصلين ،بل يتبعه في جبر السهو كل المصلين خلفه.
تلك هي أهم ملامح صلاة الجماعة .
🔹عليه أي نشاط يخص كل جوانب الحياة بتفاصيلها الكاملة نديرها بالديمقراطية الإسلامية المأخوذة من صلاة الجماعة بالتوافق أولا على منهج النشاط قبل إختيار القيادة.
🔹بذلك يمكن أن ينتظم الإثنين وأكثر لأي منشط ومنهج متفق عليه بينهم. فالرجل وجاره يمكنهم الإتفاق على نظافة الطريق الذي يجمعهم، وأبناء الحي يتوافقون على لجنة الحي لتشرف على كفاءة الخدمات بالحي، والعاملون بالحقل الصحي يتوافقون على الخطة الصحية الأمثل للبلد وبرنامج تنفيذها ويختارون من يقودهم لتنفيذها، وكذلك أهل التعليم والزراعة والأمن والإقتصاد…….. وغيرها… فكل مجموعة يجمعها منشط عليهم أن يتوافقوا على منهج (وثيقة) لإدارة هذا المنشط، بعدها إختيار القيادة لن يكون أمرا صعبا ولن يكون به تعقيدات ولن يسمح الميثاق بجنوح الإمام عن المنهج والطغيان والإنفراد بالرأي.
🔸وبهذا نخلص أنه إن لم يتم توافق المجتمع السوداني على ثوابته في وثيقة مجتمع لن تكون هنالك أي خطوة سياسية ناجحة في السودان..
🔸أعمدة الديمقراطية الإسلامية المنسوبة لمنهج الصلاة، إن جازت التسمية، هي المنهج (وثيقة ثوابت المجتمع)
هذه الوثيقة لها ميزات واضحة جدا :
🔹أنها واحدة فقط تمثل كل المجتمع المتوافق عليها، لا تقبل التعدد.
🔹أنها تشمل تعريفا لجميع ثوابت المجتمع المعني مثل تعريفات (قضية الإيمان بالله – الحريات – الوطنية ونبذ أي صورة للعمالة – تعريف معروف الإنسانية – إنكار منكر الإنسانية – مؤسسية الدولة – سيادة القانون – منهجية التعليم والإعلام ومظهر خطاب الدولة وسياستها الخارجية – العقيدة القتالية للجيش..)
🔹يتوافق المجتمع على تعريفات هذه الثوابت ويضع وثيقته، ومنها ينتج الدستور والقوانين ومنهج الإعلام والتعليم والعلاقات الخارجية وعقيدة القتال لدي الجيش.
🔹تتكون الأحزاب السياسية وتتنافس فيما بينها في ما هو دون الثوابت المذكورة في وثيقة المجتمع.
تتنافس علي توفير الرفاهية للمجتمع بسياسات تميز أي حزب عن الآخر في الزراعة والصحة والتأمين الصحي والتعدين…….
🔸عليه لابد من أن تتبنى الحكومة العسكرية الحالية دعوة لكل أطياف المجتمع السوداني ليتوافقوا حول وثيقة مجتمع تميزهم عن غيرهم من المجتمعات التي هي حولهم وتضع تعريفات واضحة للأسئلة التي تحدد من هي الأمة السودانية؟
بغير ذلك ستظل أي محاولة حول الحمي مصيرها الفشل أو الإفشال لمفهوم دولة وأمة إسمها السودان.
🔸ويهمنا أيضا أن نفهم أين موقع الحركة الإسلامية السودانية من هذا التعريف للديمقراطية في الإسلام.
منهج الحركة الإسلامية السودانية هو منهج ثوابت وإيمان وقيم ومكارم، لذلك على الحركة الإسلامية الإنتقال من خانة النشاط الحزبي لخانة النشاط المجتمعي الذي يصنع وثيقة المجتمع ويحافظ عليها ويدافع عنها بالمال والدم والروح.
🔸وتظل في ذلك لعضوية الحركة الإسلامية حرية الإنتماء لأي حزب سياسي أو عدم الإنتماء لها جميعا، ولهم حرية ترشيح أنفسهم لأي مناصب سياسيه بصورة فردية أو عبر أقاليمهم أو قبائلهم أو عبر أي حزب سياسي، ولهم حرية إعطاء أصواتهم لأي مرشح مستقل أو حزبي وذلك بتقديرهم الشخصي لإمكانات المرشح.
🔸وفي المقابل ، لن تبتعد الحركة الإسلامية السودانية لوحدها عن الساحة السياسية الحزبية التنافسية، بل سيكون ذلك هو حال كل الأحزاب الآيدولوجية مثل الحزب الشيوعي والبعثي والناصري والجمهوري، منهجهم المطروح سيكون قد تم حسمه بصورة قاطعة في وثيقة ثوابت المجتمع السوداني ولن يسمح الدستور والقوانين بوجود حزب أو جماعة نشاطها مضاد لوثيقة المجتمع.
وأيضا سيغيب عن المشهد فولكر وود لباد والإستخبارات المصرية والأماراتية والموساد والأطماع الأوروبية والأمريكية ، ذلك لأن فكرهم ونشاطهم سيتعارض مع ثوابت المجتمع السوداني ودستور الدولة.
🔹ما نشهده الآن في روتانا أو منزل السفير السعودي أو في بيت حميدتي، وما نسمعه من تصريحات ياسر عرمان وأسياده فولكر وودلباد وحتى وعود العساكر لهذا أو ذاك، إن خرجت بنتائج فإن مدي أثرها سيكون محدود جدا في الزمن والأثر وسيضطرون للعودة لنقطة البداية بعد الفشل المحتوم.
وستظل البداية الصحيحة هي وثيقة المجتمع السوداني التي بموجبها سيكون هنالك سودان وأمة سودانية.