لم يكن بُدٌّ وقد شرد الإنسانُ عن ربّه وخلع عنه غطاء أخلاقه من أن تَحُلّ عليه عقوبة الفطرة، وأن يؤدّي الضريبةَ من بَدَنِه ومِن أعصابه، ومن عافيته ومن رُوحه..
وقد كان.. كان وأدّاها فادحةً قاصِمةً مُدمِّرة.
ما شاعَ الفقرُ في مجتمع من مجتمعات الناس إلاّ ظهرت فيه آفاتٌ وعاهات، وتفشّت أمراضٌ، من أخطرها وأشدّها فتكاً بالإنسان هذه البودرة المخدِّرة، هذه المخدِّرات بكافّة أنواعها المشموم كالتبغ والمأكول كالشكولاتة والمُتناول كالحبوب العلاجيّة (الأقراص) المبلوعة كالبنادول وسائر المسكِّنات العاديّة،وكالمغروس في الجلد بالحَقن وغير ذلك ما لايعلمه إلاّ الله العليم الخبير سبحانه!!!
ويتفنّنُ تجّار المخدِّرات في التدريج بالأفراد والمجتمعات فرداً فرداً ومنطقةً منطقة، ودولةً دولة، حتى إذا سقط الفرد في بئر آثامهم، وتهاوت المنطقة في دائرة جرائمهم، واستسلمت الدولة لترويجهم السموم صار هذا الفرد وتلك المنطقة وهاتيك الدولة في عِداد الموتى، والبيوت الخَرِبة والآبار التي أسنت مياهها وتعفّنت الحياةُ فيها.
لقد حقد تجّار المخدِّرات على المناطق الآمنة فأحالوا أمنها فزعاً، وحسدوا الافراد الأصحّاء المُنتِجين فحوّلوهم إلى عاطلين ذاهلين، واستهدفوا الدُّوَل الناهضة بشبابها حين عرفوا أنّ الشباب فيها هُم عماد نهضتها، ووعي ثورتها، وحُلم مستقبلها، فرَوَّجوا فيها السُّموم لتتوالى عليهم المصائبُ من جرّاء المخدّرات إلى النّهب ليحصل المدمنُ على ثمن شمّةٍ تفري كبدَه، أو حقنة تغيِّب عقلَه، وهو بين الأيدي الآثمة لا يدري ماتفعل به من امتهان كرامته واغتيال رجولته أو هتك أنوثتها وتمزيق أحشائها..
وإزاء ذلك يكون القتل العمد والاختطاف مثلما هُو مُشَاهَد في شوارع العاصمة والولايات.
لقد استهدف تجّار السُّموم ولاية نهر النيل -كما ظهر ذلك في استغاثات أهلها- لأنّها في نظر المجرمين تجّار الموت هي ولاية الوعي منها تشتعل شرارة الإباء، وتقوم قيامة الظالمين الفاسدين من كلّ طائفةٍ وحزب ولون واتّجاه،ولن يكون هدفهم (نهر النيل) وحدها فاستهدافهم السودان بأكمله لِيُجْهِزُوا على البقيّة الباقية من شبابه، ويأتوا على كلّ نشاط فيه ليُحيلوهُ خُمولا، وكل حياة به لتصير بقذَرهم إحباطا وموتاً زُؤاما.
نداء نوجّهه للآباء والأمّهات في البيوت وبخاصّة في فترة العطلة المدرسيّة، بل في كلّ وقت، حتى أيّام شُغل المدارس ليراقبوا أولادهم وبناتهم أين يذهبون ومع مَن يروحون ويَغدُون؟ وليراقبوا حتى ملابسهم من أين تحصّلوا عليها وهواتفهم بأيّ الأثمان اشتروها؟؟
ونوجّه النداء لسُكّان كلّ قرية وحيّ أن يتضامنوا في مكافحة مروّجي الموت ومفتعلي الأذى الذين يدّعون زُورا أنّهم(أمن كذا وكذا) ، فإنّما هُم السياسة في أقذر حالاتها، وتجارة العنف والدَّجل والشعوذة حتى داخل البيوت وهم يعلمون، يعلمون أنّ من رامَ إنساناً بأذى فهو ملعون عند الله، ومن زوّر وانتحل وقال إنه (أمن الحزب الفلاني والحركة الفلانيّة) إنّما هو المجرم بعينه يسرق اللقمة من أفواه المساكين، والنّومة من جفون الآمنين، يوسوس في صدورهم بسحرهِ اللّعين المحرّم عند الله سبحانه، ويتسوّر جدران بيوتهم بإجرامه وخيانته ربّه ونفسه وأهله وعِرضه وجيرانه.
إنّ المخدّرات من أسلحة الماسونية: تلك الحركة اليهوديّة التي تريد أن تحكم العالم بفسادها وضلالها، ولها أذرُعُ ووسائل هيمنة حتى على المسلمين تَستغلّ جهلهم وفقرهم وتستهدف حياتهم وأخلاقهم الفاضلة ودينهم السمح.
كُن أيّها الشابّ حَذِراً فلا تُصاحب المشبوهين، وكُوني أيّتها الشابّة فَطِنةً فلا تخلعي عنك أخلاقك، ولا تُعرِّضي نفسك للابتذال والمتاجرة .. فمن باعت شرفها فقد خانت أباها وأمّها وربّها ونفسها وقبيلتها ووطنها..
وكونوا أيّها الشرطة العين الساهرة على أغلى ماتمتلكه بلادكم أمنها وشبابها.
وكونوا أيّها القادة والساسة بالمرصاد لكلّ هذا الوسخ والفساد والإجرام، وكونوا يا أصحاب الأقلام من الصحافيّين الأحرار حرباً على هذا الخطر الداهم، وكونوا أيّها المصلحون من أئمة المساجد اليد الحانية على الناس إرشادا وتوجيها، والصرخة الداوية على المفسدين تقتلع عروشهم:
ولو شاءَ ربُّ العرشِ ثَلَّ عُرُوشَهم/وأتْبَعَ آخِراً مِنهمُ حتفَ أوَّلِ
عمود (الذي أراه)
كتبه الصحافيّ/أبوذر أحمد محمّد