تأجيل الحوار المباشر.. تداعيات الخطوة!

بعد انطلاق الحوار السوداني ـ السوداني ارتفعت الآمال لدى البعض وأن يفضي لحل أزمة البلاد، باعتبار أنه سيجمع الأطراف المدنية وعسكرية، للعمل على إيجاد حلول للفترة الانتقالية وصولاً للانتخابات، ولم تمر أيام قليلة على انطلاق الحوار حتى أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة تأجيل الجلسة الثانية منه إلى أجل غير مسمى بسبب تواصل رفض تحالف قوى الحرية والتغيير المشاركة، وقد أطقلت الآلية الثلاثية الأسبوع الماضي الحوار في محاولة منها لوضع حد للمأزق السياسي في البلاد، وفي الوقت ذاته نفى المجلس المركزي للحرية والتغيير صلة لقائه غير الرسمي مع المكون العسكري بتأجيل الحوار مشيراً إلى أنه تم نتيجة لعدم جدوى حوار الأطراف المتفقة مع نفسها.
إهدار وقت
وطبقاً للقيادية بقوى الحرية والتغيير وعضو المجلس المركزي للحرية والتغيير عبلة محمد كرار أن تأجيل الحوار السوداني نتيجة لعدم جدوى مواصلته بين الأطراف المتفقين أساساً وفق حديثها، وقالت كرار في إفادة لـ(اليوم التالي) إن الاجتماع غير الرسمي الذي دار بين الانقلابيين والحرية والتغيير ليس من أسباب التأجيل سيما وأنه ليس برعاية الآلية الثلاثية، وإنما بوساطة أمريكية سعودية، وأوضحت أن الأطراف التي استجابت للحوار جميعها على وفاق تام مع المكون الانقلابي ولا توجد نقاط اختلاف تجعلهم يجلسون على طاولة المفاوضات الأمر الذي أدى إلى امتناع كل القوى المناهضة للانقلاب الجلوس ورفض الحوار بهذا الشكل، ونوهت عبلة إلى أن استمرار الحوار الذي انطلق قبل أيام بصورته السابقة كان سيهدر الوقت والجهد وفي الأخير لن يفضي لنتائج تحل الأزمة السياسية الراهنة.

وضوح وشفافية
فيما وصف الخبير السياسي ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية جامعة أمدرمان الإسلامية البروفسور صلاح الدين الدومة الحوار السوداني ـ السوداني بأنه مسرحية والغرض منه وضع شرك للحرية والتغيير المجلس المركزي، وأوضح أن الآلية تريد عرض الحوار للمجلس المركزي للتغيير ويقوم برفضه ومن ثم يتم وصفه بأنه متعنت وعقب ذلك تعتمد الآلية الثلاثية الحاضنة التي جهزتها مسبقاً المكونة من الحرية والتغيير الوفاق الوطني والطرق الدينية والإدارات الأهلية وفلول وبقايا المؤتمر الوطني وتشكيل حكومة ويتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي وأضاف أنها نفس مسرحيات نظام الإنقاذ السابقة الذي يحاور نفسه ويتم تكرارها، وطبقاً للدولة في حديثه لـ(اليوم التالي) أن المجلس المركزي فطن لها لجهة أنه قبل دعوة مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي والسفير السعودي وطرح قضيته بشفافية ووضوح ودرجة عالية من العقلانية وأقنعهم بوجهة نظره، الأمر الذي قاد إلى تأجيل الحوار إلى أجل غير مسمى ومطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين والعودة الى الوثيقة الدستورية والإعلان السياسي، وقال مدير معهد الدراسات الاستراتيجية إن الآلية الثلاثية وضعت شرطين هما تسليم السلطة للمدنيين والعودة إلى الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية خلال 15 يوماً أو تفعيل العقوبات الفردية، وفي الوقت ذاته توقع استمرار تعنت المكون العسكري وعودة العقوبات الفردية فضلاً عن التصعيد من قبل الشارع وزيادة القتل من قبل الأجهزة الأمنية.
إفساح مجال
ويرى المحلل السياسي الفاتح عثمان أن تأجيل جلسات الحوار الذي ترعاه الآلية الثلاثية الى أجل غير مسمى جاء لإفساح المجال أمام بقية القوى السياسية السودانية التي لم تشارك في الجلسة الإجرائية للالتحاق بركب الحوار وتشاور المجلس المركزي مع لجان المقاومة وأضاف: ووفق ما جاء في بياني السفارتين الأمريكية والسعودية فإن الحوار بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري ليس بديلاً عن حوار الآلية الثلاثية موضحاً أن الحوار بين العسكريين والتغيير لم يكتمل بعد، فإن الآلية الثلاثية رأت من الأفضل تأجيل جلسات الحوار إلى ما بعد الاتفاق على الكيفية التي ستلتحق بها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والقوى السياسية الأخرى كالحزب الشيوعي بركب الحوار، وقال عثمان لـ(اليوم التالي): اتسم الحوار بين المكون العسكري وبين المجلس المركزي بالوضوح الشديد أن التغيير لم تعد تستطيع الحديث بوصفها ممثل قوى الثورة بعد ابتعاد لجان المقاومة وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي عنها وهو بحاجة للتشاور مع تلك القوى أولاً قبل إبرام أي اتفاق مع المكون العسكري وزاد: هنا تكمن صعوبة الوصول إلى اتفاق تسوية سياسية جديدة في ظل الممانعة المعلنة من تلك القوى السياسية والمهنية، وأشار إلى أن العسكريين لن يهتموا باتفاق مع المجلس المركزي الذي لا يحظى بتأييد لجان المقاومة.
وفي السياق أرجع المحلل السياسي ورئيس مركز تحليل النزاعات بجامعة أمدرمان الإسلامية د. راشد التجاني تأجيل الحوار السوداني ـ السوداني لدراسة موقف الحرية والتغيير الرافض للحوار من قبل الآلية الثلاثية، بعد أن أبدى المجلس المركزي التعاطي الإيجابي مع الحوار فضلاً عن أنه وضع بعض الشروط والضوابط، وقال التجاني لـ(اليوم التالي): تتم دراسة الشروط وإمكانية تلبيتها كافة أو جزء منها وأضاف أن التأجيل ليس كافة القوى الرافضة، فقط الحرية والتغيير المجلس المركزي وهو من يحدد الاستمرار أو الرفض الحوار، ونوه إلى استمرار الحوار بحضور الحرية والتغيير وفق تعبيره.

تأجيل حوار
وفي وقت سابق أعلنت الآلية الثلاثية في السودان، تأجيل جولة الحوار السوداني الثانية التي كان مقرراً لها الانعقاد الأحد المنصرم، إلى موعد يحدد لاحقاً، وبحسب الناطق الرسمي للآلية الثلاثية (مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد) أنه تم تأجيل الجلسة المقررة الأحد، ولم يتم إلغاء الحوار أو تعليقه”، وفي يوم الأربعاء الماضي، قد انطلق حوار مباشر بين الأطراف السودانية في الخرطوم، برعاية الآلية الثلاثية لحل الأزمة في البلاد، وسط رفض قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ولجان المقاومة والحزب الشيوعي، فضلاً عن أن قوى إعلان الحرية والتغيير التقت مع المكوّن العسكري بشكل غير رسمي برعاية سعودية أمريكية، وهو اللقاء الأول منذ إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر.

 

Comments (0)
Add Comment