الشهادة السودانية.. فك المراقبة بالولايات واقع أم شائعات؟

وزارة التربية : الحديث عن تساهل المراقبين بالولايات لا أساس له من الصحة
طالبة : سافرت من الخرطوم إلى ولاية (…) لأنه ليس هناك تشديد في المراقبة
مدينة (الرنك) في السابق كانت مقصداً للطلاب أيام الامتحانات

قبل انفصال دولة جنوب السودان كانت ولاية أعالي النيل وقتها، جزء لا يتجزأ من ولايات السودان، وكانت مقصداً للطلاب الممتحنين للشهادة السودانية في أعقاب مارشح إبان العقود الماضية أن مركز الرنك للامتحانات يتم فيه التساهل وإطلاق العنان للطلاب، والكل يتحرك داخل حجرة الامتحان بحريته مما يفسح المجال أمام حالات الغش وتبادل أوراق الأجوبة والفوضى تضرب بأطنابها في مركز الامتحان في تلك السنوات الماضية. ومع هذا التساهل نجد أن مئات الطلاب والراسبين على وجه الخصوص؛ يتهافتون للتسجيل بمركز الرنك الذي يمكثون به قرابة الشهر للامتحان ولسان حالهم يقول إن النتيجة في هذا العام ستكون مرضية، حتى بعض طلاب العاصمة الخرطوم كانوا يأمون وجوههم شطر الرنك التي كانت تكتظ بالطلاب الوافدين من شمال السودان، وانعكس ذلك على انتعاش سوق إيجارات المنازل و(اللكوندات) والبقالات والكافتريات، كيف لا وأن المدينة الحدودية كانت مقصداً لطلاب كل الولايات، إلا أن جهات الاختصاص فطنت لتلك الظاهرة وتمسكت بإجراءات صارمة لجلوس طلاب الشهادة السودانية بعدها انفصل الجنوب، وصارت الرنك خارج حدود السودان.
اليوم التالي تقصت عن شكل المراقبة لامتحانات الشهادة السودانية بولايات السودان المختلفة والعاصمة الخرطوم والمراكز الخارجية، وذلك في أعقاب الفيديو المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي ويظهر مراقب يجلس على كرسي ممسكاً بهاتفه ويغض الطرف عن الطلاب الذين يستغلون ذلك غير ملتزمين تماماً، منهم من يقوم من مقعده ومنهم من لديه (بخرة) يقرأ منها، ورغم أن الفيديو قيل إنه امتحان تجريبي في سنة من السنوات إلا أنه يشير الى ظاهرة التساهل في المراقبة.
وحملت الصحيفة أوراقها صوب وزارة التربية والتعليم الاتحادية لعلها تجيب على جملة من الأسئلة الملحة، إلا أن حرس الوزير الخاص ظل يضع المتاريس أمام وسائل الإعلام وخاصة الصحفيين والذي ظل يتدخل في مسائل الإعلام، مما خلق موجة من الإحباط وسط بعض المحررين وفي البال أن امتحانات الشهادة السودانية تحكمها ضوابط ولوائح والإعلام يعلمها جيداً ويحترم سمعة الشهادة السودانية.
حادثة الطينة
في العام ثلاثة وألفين وبمنطقة الطينة الحدودية بولاية شمال دارفور، حدثت مأساة كبرى حينما غار التمرد على أحد مراكز الامتحانات وبعثر الأوراق، مما كلف البلاد مليارات الجنيهات وانعكس ذلك على معنويات الطلاب الممتحنين، بعدها تشددت جهات الاختصاص في تأمين الامتحانات ومراقبتها خاصة في المناطق الطرفية.
انتهاء أسطورة المراكز الوهمية
شهدت منطقة جبل أولياء وفي عهد وزيرة التربية السابقة سعاد عبدالرازق حادثة غريبة على المجتمع السوداني، وهي وقوع طلاب وافدين من دولة مجاورة فريسة لشبكة من المحتالين الذين صمموا مركزاً وهمياً للامتحانات وقاموا بطباعة امتحانات مزورة، إلا أن السلطات المختصة أحبطت ذلك المخطط وجففت منابع الاحتيال.
دحض للشائعات
يجزم مدير إدارة تعليم الكبار بولاية القضارف؛ يحيى آدم محمد في حديثه ل (اليوم التالي) بأن المراقبة في مراكز امتحانات الشهادة السودانية بولاية القضارف في قمة الانضباط والتشدد، حيث لا مجال للاحتيال وحالات الغش، ويشير آدم إلى أن ولاية القضارف تشهد هذا العام جلوس ثلاثة آلاف ممتحن من تعليم الكبار موزعين على المراكز الرئيسية لطلاب الشهادة السودانية في الولاية، مشيراً إلى أن العام المنصرم شهد نجاح عدد كبير من طلاب الشهادة السودانية من بينهم ثمانية التحقوا بجامعات الخرطوم والجزيرة وسنار.
جنوب كردفان رقابة صارمة
يؤكد الخبير التربوي والقيادي بولاية جنوب كردفان مكي تيه برام، أن المراقبة لامتحانات الشهادة السودانية بولاية جنوب كردفان، ورغماً عن الظروف الأمنية المعقدة ظلت على الدوام مشددة ولا مجاملة فيها بالكاد، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على مدارس محلية النصر جنوب الخطوم التي أعمل بها حالياً، وأن كل ما يشاع عن التساهل في المراقبة أمر عارٍ من الصحة.
بدائل أخرى
قامت جهات الاختصاص ومنذ تسرب امتحان الكيمياء إبان العهد البائد بانتهاج استراتيجية جديدة وهي قطع خدمة الإنترنت طوال ساعات جلسة امتحان الشهادة السودانية، الأمر الذي ألقى بظلال سالبة على كثير من الأنشطة الاقتصادية من تحويلات بنكية ومعاملات تجارية أخرى، كيف لا وأن الفترة التي تقطع فيها الخدمة تبدأ من الثامنة صباحاً وحتى الساعة الحادية عشرة أو حسب مدة الجلسة، ويرى وزير التربية والتعليم المكلف بولاية الخرطوم قريب الله محمد أحمد؛ أن قطع خدمة الإنترنت أثناء الامتحان اقتضته الضرورة، مستنداً على الملابسات التي حدثت خلال السنوات الماضية وقال في تصريحات للإذاعة؛ إن ذلك الأمر يؤثر على الأنشطة الاقتصادية؛ إلا أن عدم قطع الإنترنت أثناء الامتحان يعد مهدداً أمنياً، كاشفاً عن بدائل أخرى دون تسميتها عوضاً عن قطع للخدمة، فيما ينبري الناطق الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم بس الترابي مدافعاً عن صرامة المراقبة بولاية الخرطوم وأطراف العاصمة ويقول الترابي : إن مايشاع عن فك المراقبة لا أساس له من الصحة، مؤكداً أن وزير التربيه والتعليم بولاية الخرطوم المكلف سيقوم بجولات ماكوكية تستهدف مراكز امتحانات الشهادة السودانية بالريف؛ لتفقد الأوضاع من جانب، والوقوف على النواقص كالإجلاس ونقص المعلمين والبيئة المدرسية ليضرب عصفورين بحجر واحد، وذلك طبقاً لحديث الناطق الرسمي للوزارة.
الأجانب في كماشة
تشددت وزارة التربية والتعليم منذ السنوات الماضية في تسجيل الطلاب الأجانب الممتحنين وكذلك المراكز الخارجية، وتلافت هذه المرة التظاهرات والمليونيات وحولت الطلاب الأجانب من ضاحية بري التي تعج بالثوار والتظاهرات إلى كافوري، واللافت للنظر أن جهات الاختصاص وكبار المراقبين يمنعون دخول الطلاب الأجانب وكذلك السودانيين منعاً باتاً بالهواتف الذكية، على الرغم من قطع خدمة الإنترنت، فيما تحصلت الصحيفة من مصادر مطلعة أن وزارة التربية والتعليم جمدت أحد المراكز الخارجية لسنوات بعد أن أحبطت محاولة لكشف إحدى المواد عبر الهاتف، وذلك يعود ليقظة البعثة والأجهزة الأمنية التي كانت تراقب العملية، فضلاً عن تدخل السفير السوداني بتلك الدولة في زمن قياسي.

قرار ملزم
يقول مسؤول كبير بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم للصحيفة : أن أي طالب درس مرحلة الأساس بأي ولاية ملزم تماماً بالجلوس لامتحان الشهادة السودانية بها ماعدا في نطاق محدود.
الطالبة (م-ن) درست بالخرطوم هذا العام، ولكنها كملت اجراءات امتحاناتها بإحدى الولايات المجاورة للخرطوم، وبسؤالها عن السبب قالت إن المراقبة هناك أسهل من الخرطوم. وهو الأمر الذي نفته الوزارة وقالت إن المراقبة ليس فيها تساهل في كافة المراكز سواء كان بالخرطوم أو غيرها.
رأي لجنة المعلمين السودانيين
تؤكد لجنة المعلمين السودانيين إن مراقبة امتحانات الشهادة السودانية سواء كان في العاصمة أو الولايات خطاً أحمر، وواجب أخلاقي وتربوي ووطني مرتبط بمستقبل أجيال، وإن جميع المعلمين المشاركين في المراقبة يتعاملون بصرامة وجدية واختيارهم تم وفق معايير، وأنه على الرغم من ضعف الحوافز والميزات التي تمنح للمعلمين أنهم يعملون كشموع تحترق، ولذلك ظلت نقابة المعلمين على الدوام تطالب وزارة المالية بزيادات سنوية لمستحقات أعمال الشهادة السودانية من مراقبة وتصحيح وكونترول.

Comments (0)
Add Comment