السلع الفاسدة .. مافيا وشبكات!!

المواصفات والمقاييس: أغلب السلع الفاسدة يتم التلاعب في تاريخ صلاحيتها
جمعية المستهلك: انتشار ظاهر المواد الفاسدة لعدم الرقابة
مواطنون: إقبال الناس على شراء السلع الفاسدة بسبب الفقر
اختصاصي تغذية: الأغذية منتهية الصلاحية تتسبب في التسمم الإسهالات والالتهابات

تفشت ظاهرة المواد الغذائية الفاسدة ومنتهية الصلاحية في البلاد، إذ باتت تغرق الأسواق في مختلف أنحاء البلاد في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يرجعه مواطنون وخبراء اقتصاد إلى انتشار التهريب عبر المنافذ الحدودية، فضلاً عن استغلال بعض التجار الوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد، لتمرير سلع غير مطابقة للمواصفات بأسعار رخيصة، وبين الحين والآخر تعلن السلطات عن ضبط عشرات الأطنان من المواد الغذائية الفاسدة، إلا أن واقع الأمر يظهر أن الكميات التي يجري ضبطها تشبه “العينات” مقارنة بما تشهده الأسواق واقعياً إذ تعج بالكثير من السلع منتهية الصلاحية، ودرجت بعض الجهات على إعادة تعبئة السلع منتهية الصلاحية بأسعار أقل من سعر السوق، الأمر الذي دعا جمعيات حماية المستهلك إلى اتهام الجهات المعنية بالمواصفات والمقاييس بالتقصي وعدم تطبيق القانون بصورة أكثر صرامة في ظل مناداة الكثيرين بالتدخل الرسمي لحماية المواطن من الغش التجاري. ويبدو أن الحكومة فشلت في احتواء هذه الفوضى التي تضرب الأسواق بإغراق كميات كبيرة من المواد الغذائية الفاسدة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس ومنتهية الصلاحية، وهذه المواد من المؤكد أنها تؤدي لموت الكثير من المواطنين على حسب حديث أطباء، بينما لا زالت السلطات عاجزة عن السيطرة للحد من هذه الظاهرة رغم تصريحاتها بفرض رقابة على الأسواق والتجار، إلا أن الواقع يشير الى عكس ذلك إذ إلى متى يستمر هذا الحال؟
عدم الرقابة والتثقيف
يقول رئيس لجنة سلامة الأغذية بحماية المستهلك دكتور كمال حامد لـ(اليوم التالي): في البداية أي سلعة غير مطابقة للمواصفات والمقاييس من ناحية الشكل أو مدة الصلاحية ووصلت 50% من تاريخ الإنتاج تعتبر مهربة، وأن سبب مشكلة التهريب الحدود الواسعة مع دول الجوار، وعدم انضباط السوق بعدم الرقابة والسوك غير الأخلاقي من التجار، مؤكداً أن الجمارك تركيزها من الناحية الإيرادية فقط أكثر من الاهتمام بمواصفات السلع، لافتاً الى أن نقص الوعي والتثقيف لدى المواطنين سبب رئيس في زيادة انتشار السلع الفاسدة، ومن أكثر المناطق انتشاراً للمواد الفاسدة في الأقاليم وأطراف العاصمة لجهل المجتمع بتاريخ الصلاحية، وهنالك الكثير من البلاغات والشكاوى عن السلع الفاسدة، مشيراً إلى أن حلول هذه الظاهرة دعم جمعية المستهلك باعتبارها جمعية طوعية وتحتاج إلى كادر بشري، وأيضاً تثقيف المواطنين والرقابة وضبط السوق بعمل مع هيئة الجمارك المواصفات والمقاييس وجهاز القومي للحماية المستهلك وهو جهاز حكومي، إضافة الى جمعية المستهلك، وأضاف كمال أن هنالك أيضاً مشكلة سوء التخزين وعدم انضباط التجار باللوائح والقوانين وهدفهم الأول الربح فقط. ومشكلة تغيير تاريخ الصلاحية عبر ورقة صغيرة لذلك يحتاج السوق لرقابة مشددة من كل الجهات المسؤولة عن ذلك .
بسبب الفقر
وفي جوله لـ(اليوم التالي) من داخل السوق العربي وسط الخرطوم تحدثت إلى بائع يفترش السلع الغذائية في قارعة الطريق، يقول إن صغار التجار والباعة الجائلين يحصلون على بضائعهم من كبار التجار أو عبر “سماسرة” لبيعها في الأسواق. وأحياناً يتم تغيير تاريخ الصلاحية بدون ما نعلم ذلك، مشيراً الى أن سوء التخزين لفترات طويلة سبب في فساد السلع، وأيضاً الكثير من المشترين يعلمون مدة صلاحيتها، وأغلب السلع الفاسدة تكون في الأسواق العشوائية، وقال عدد من المواطنين إن زيادة نسبة الفقر سبب رئيس في شراء سلع غذائية رخيصة الثمن وفاسدة، مما أدى الى انتشار هذه الظاهرة في أسواق العاصمة أكثر من الولايات .
قوانين صارمة
بينما يرى عضو المجلس الاستشاري للجمعية السودانية حسين القوني أن ظاهرة السلع غير المتطابقة للمواصفات والمقاييس انتشرت بسبب عدم الرقابة على الأسواق وهنالك نقص تام من الجهات المسؤولة حول هذه السلع، مشيراً في حديثه لـ(اليوم التالي): نسعى للمكافحة هذه السلع بكل الطرق ونحتاج إلى توعية وتثقيف للحد من هذه الظاهرة، والكثير من المشترين يعلمون أن هذه السلع منتهية الصلاحية الا أن الفقر والجوع يلزم عليهم شراؤها رغم معرفة ذلك، وإن السلع الفاسدة لها أضرار صحية كبيرة جداً وتتسبب في الكثير من الأمراض المزمنة لافتاً الى أن الأسواق الطرفية أكثر عرضاً للسلع الفاسدة، بسبب عدم الرقابة عليها، وانخفاض أسعارها، وأنها لا تحتاج الى تخزين بسبب توزيعها أو بيعها في الحال، إضافة إلى أن المواطن ساعد في انتشار هذه الظاهرة بسبب قلة الاهتمام بتاريخ الصلاحية وعدم الوعي والتثقيف، وقال: يجب وضع قوانين صارمة والحد من الظاهرة، وعن دخول سلع فاسدة قال القوني إن هذه السلع تدخل إلى السودان عن طريقين الجمارك، وثانية عن طريق (الشنطة) وهي عبارة عن سلع تأتي في شنطة كبيرة عن طريق الركاب، ولا تحتاج إلى جمارك وهي السبب الرئيس في انتشار هذه الظاهرة، لهذا نحتاج إلى قوانين صارمة، وانتقد القوني تقصير السلطات في هذه الظاهرة، وقال: يجب تشجيع الإنتاج المحلي للتقليل منها. وأيضاً على وسائل الإعلام توعية المواطنين وتثقيفهم للحد من هذه الظاهرة .
تؤدي للسرطان
ويقول اختصاصي التغذية محمد يوسف لـ(اليوم التالي): لا شك إن للمواد الفاسدة لها آثار صحية مزمنة، وإن جميع المواد الحافظة قد تؤدي إلى بعض أنواع الحساسيات، أما عن الأغذية منتهية الصلاحية فأضرارها سريعة وآنية وهذه تظهر فور تناول المواد وأبرزها الإسهالات والتهابات المعدة والتسمم، وبعضها تؤثر مباشرة على الجهاز التنفسي خصوصاً لمصابي الأزمة، ويمكن أن يتسبب التناول المستمر لأطعمة الشوارع والأسواق في الإصابة بأمراض سرطانية وفشل كلوي في المستقبل القريب خاصة وسط فئة الأطفال لضعف البنيات الجسدية، لذلك يجب محاربة ظاهرة التناول العشوائي للأغذية وعلى الإنسان أن لا يغامر بصحته حتى ولو كان مضطراً، كما يجب على الجهات المسؤولة تكثيف جرعات التوعية واستغلال كافة المنابر وعلى المواطنين الحذر .
مشكلات صلاحية
وفي سياق متصل أوضحت المواصفات والمقاييس على لسان أستاذة هدى عوض أن السلع غير المطابقة للمواصفات والمقاييس تدخل إلى الخرطوم عبر الحدود ونظام “الشنطة” مشيرة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن أغلب السلع الفاسدة التي تدخل الأسواق تكون منتهية الصلاحية، ويتم التلاعب في تاريخ الصلاحية، لافتة الى أنه لا يمكن تحديد إحصائيات دقيقة حول نسبة السلع الفاسدة التي تدخل الأسواق، وأن هيئة المواصفات تعمل على الرقابة والمتابعة ولديها أكثر من (24) قسم للشكاوى إضافة الى الولايات والمحليات، وأكدت أن السلع التي تصل الى السودان وتكون فترة صلاحيتها وصلت ربع المدة يتم استرجاعها فوراً، ولا يمكن أن تدخل الى البلاد. وتتم مراجعة كل السلع التي تدخل الخرطوم بتنسيق مع الجمارك وحماية المستهلك. وتتم الرقابة على الأسواق بصورة دورية.

Comments (0)
Add Comment